خبير: صراع عسكري محتمل بين الولايات المتحدة وفنزويلا وتداعياته على الشرق الأوسط
حذر خبير في الشؤون الدولية، في تحليلات حديثة صدرت في أوائل نوفمبر 2024، من أن أي مواجهة عسكرية محتملة بين الولايات المتحدة وفنزويلا يمكن أن تكون لها تداعيات واسعة النطاق، تمتد آثارها لتتجاوز منطقة أمريكا اللاتينية لتصل إلى الشرق الأوسط والعالم بأسره. تسلط هذه التحليلات الضوء على الترابط العميق بين بؤر التوتر الجيوسياسية المختلفة وكيف يمكن لصراع يبدو بعيداً جغرافياً أن يقلب موازين القوى ويؤثر على اقتصادات ومصالح دولية.

خلفية التوترات بين واشنطن وكاراكاس
تتسم العلاقة بين الولايات المتحدة وفنزويلا بتاريخ طويل من التوترات، خاصة منذ عهد الرئيس الراحل هوغو شافيز وتصاعدها في ظل حكم خلفه نيكولاس مادورو. تعارض واشنطن بشدة حكومة مادورو، متهمة إياها بالاستبداد وانتهاك حقوق الإنسان، وتدعم المعارضة الفنزويلية، بما في ذلك شخصيات مثل خوان غوايدو. فرضت الولايات المتحدة سلسلة من العقوبات الاقتصادية القاسية على فنزويلا، استهدفت قطاعاتها النفطية والمالية، بهدف الضغط على نظام مادورو وإحداث تغيير سياسي. فنزويلا، التي تمتلك أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة في العالم، شهدت تدهورًا اقتصاديًا حادًا أثر بشكل كبير على إنتاجها النفطي وقدرتها على التصدير، مما زاد من حدة الأزمة الإنسانية والسياسية في البلاد.
السيناريوهات المحتملة للمواجهة العسكرية
على الرغم من أن التدخل العسكري المباشر يُعتبر خيارًا أخيرًا وغير مرجح في الظروف الحالية، إلا أن تصاعد التوترات قد يؤدي إلى سيناريوهات متعددة. يمكن أن تشمل هذه السيناريوهات تصاعدًا في الدعم العسكري غير المباشر للأطراف المتنازعة، أو حصارًا بحريًا مشددًا، أو حتى اشتباكات محدودة النطاق في حال تطورت الأوضاع بشكل دراماتيكي، خاصة مع استمرار المناورات العسكرية والتصريحات الحادة من كلا الجانبين. أشارت تقارير استخباراتية في أكتوبر الماضي إلى زيادة في النشاط العسكري غير الاعتيادي في منطقة الكاريبي، مما يثير المخاوف حول أي تصعيد محتمل، حتى لو كان على نطاق محدود.
التأثيرات العالمية المتوقعة
أي صراع عسكري في فنزويلا سيكون له صدى عالمي كبير لعدة أسباب:
- أسواق النفط العالمية: فنزويلا لاعب تاريخي في سوق النفط. على الرغم من تراجع إنتاجها بسبب العقوبات وسوء الإدارة، إلا أن أي اضطراب كبير في المنطقة يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط العالمية. هذا الارتفاع سيؤثر على الاقتصادات المستوردة للنفط ويزيد من الضغوط التضخمية.
- تحول الانتباه الجيوسياسي: ستضطر الولايات المتحدة إلى تركيز جزء كبير من مواردها الدبلوماسية والعسكرية على الأزمة الفنزويلية، مما قد يشتت انتباهها عن مناطق أخرى ذات أهمية استراتيجية، بما في ذلك الشرق الأوسط وشرق آسيا.
- اختبار القانون الدولي: قد يُنظر إلى أي تدخل عسكري على أنه انتهاك للسيادة الوطنية، مما يثير جدلاً واسعًا في المحافل الدولية ويختبر مبادئ القانون الدولي، وقد يؤدي إلى استقطاب دولي أعمق، مع دعم دول مثل روسيا والصين لحكومة مادورو.
تداعيات محددة على منطقة الشرق الأوسط
بالنسبة للشرق الأوسط، فإن تداعيات صراع محتمل بين الولايات المتحدة وفنزويلا ستكون معقدة ومتعددة الأوجه:
- ارتفاع أسعار النفط: هو التأثير الأبرز. دول الخليج المنتجة للنفط قد تستفيد على المدى القصير من زيادة الإيرادات، ولكن هذا الارتفاع قد يضر بالاقتصادات العالمية بشكل عام، بما في ذلك الدول المستوردة للنفط في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما قد يؤدي إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية القائمة وزيادة التوترات الاجتماعية.
- تحول تركيز الولايات المتحدة: إذا انخرطت واشنطن في صراع عسكري في أمريكا اللاتينية، فقد تضطر إلى تقليل وجودها أو انخراطها الدبلوماسي والعسكري في الشرق الأوسط. هذا قد يؤدي إلى فراغ جيوسياسي تستغله قوى إقليمية أخرى، أو يعطي فرصة لتصاعد التوترات في مناطق الصراع المستمرة مثل سوريا واليمن، أو يؤثر على مسار التسويات الدبلوماسية.
- إعادة ترتيب الأولويات الإستراتيجية: قد تراجع الولايات المتحدة أولوياتها الإستراتيجية، مما قد يؤثر على العلاقات مع حلفائها في المنطقة ويجعلهم يعيدون تقييم خياراتهم الأمنية والدبلوماسية. قد تبحث بعض الدول عن تنويع تحالفاتها أو الاعتماد بشكل أكبر على قدراتها الذاتية.
- الأمن البحري: أي اضطراب عالمي كبير يمكن أن يؤثر على حركة الملاحة البحرية وسلامة طرق التجارة الدولية، بما في ذلك الممرات المائية الحيوية في الشرق الأوسط مثل مضيق هرمز وقناة السويس، والتي تعد ضرورية لتصدير النفط والغاز إلى الأسواق العالمية.
الرؤية الخبيرة والمستقبل
يؤكد الخبراء، ومنهم الدكتور إدموند غريب الذي غالبًا ما يشارك في هذه التحليلات، على أن العولمة والترابط بين الدول يعني أن الأزمات لم تعد محصورة ضمن حدودها الجغرافية. إن أي مواجهة عسكرية كبيرة في أي جزء من العالم ستخلق تأثيرات متتالية على الاستقرار السياسي والاقتصادي في مناطق أخرى، والشرق الأوسط بحكم موقعه الاستراتيجي وأهميته في سوق الطاقة العالمي، سيكون دائمًا عرضة لمثل هذه التقلبات. يتطلب هذا الوضع رؤية شاملة للسياسة الخارجية وتنسيقًا دوليًا لتجنب تفاقم الأزمات ومنع تحول التوترات إلى صراعات مسلحة ذات تداعيات عالمية غير محمودة.





