دار الأوبرا المصرية تحتضن معرض "حقول عياد" لفناني اللقطة الواحدة ابتداءً من الاثنين المقبل
تستعد دار الأوبرا المصرية لاستضافة حدث فني بارز ضمن أجندتها الثقافية المتنوعة، حيث من المقرر أن تحتضن قاعة صلاح طاهر للفنون التشكيلية معرض "حقول عياد"، وهو المعرض السابع والأربعون لمجموعة فناني اللقطة الواحدة. يفتتح المعرض أبوابه للجمهور يوم الاثنين المقبل، في تمام السادسة مساءً، ويعد تجسيدًا حيًا لتلاقي الأجيال الفنية وتأملًا في إرث أحد رواد الفن التشكيلي المصري.

يشكل هذا المعرض نقطة التقاء بين الفن الكلاسيكي والمعاصر، حيث يستلهم عنوانه ومضمونه من لوحة "العمل في الحقل" للفنان الرائد راغب عياد. تأتي هذه المبادرة في إطار جهود دار الأوبرا، برئاسة الدكتور علاء عبد السلام، لدعم الحراك الفني وتوفير منصات عرض للمواهب المصرية، فضلًا عن إبراز القامات الفنية التي شكلت جزءًا أساسيًا من تاريخ الفن في البلاد.
المعرض: "حقول عياد" وفكرة اللقطة الواحدة
يمثل معرض "حقول عياد" فرصة فريدة للغوص في رؤى متنوعة حول مفهوم العمل والطبيعة والإنسان، مستلهمة من جوهر لوحة راغب عياد الشهيرة. تُعرف مجموعة "فناني اللقطة الواحدة" بمنهجها الخاص في التعبير الفني، حيث يلتزم كل فنان بتقديم عمل فني واحد يعبر عن رؤيته ضمن إطار موضوع المعرض. هذا التحديد لا يقلل من عمق التجربة، بل يزيدها تركيزًا وكثافة، مما يدفع الفنانين لاستخلاص جوهر الفكرة في عمل واحد متكامل.
تهدف المجموعة، من خلال هذه السلسلة من المعارض التي تجاوزت العقد الرابع، إلى تشجيع التعبير الفردي المتقن وتقديم بانوراما فنية متنوعة تعكس تفاوت الأساليب والمدارس الفنية بين أعضائها. كما أنها تسعى إلى إعادة قراءة أعمال الرواد من منظور معاصر، مما يفتح آفاقًا جديدة للحوار الفني والثقافي.
الفنان الرائد راغب عياد: إرث فني خالق
يُعد راغب عياد (1899-1982) أحد أبرز رواد الفن التشكيلي المصري الحديث، وقد ترك بصمة عميقة في تاريخ الفن بأسلوبه المميز الذي جمع بين الواقعية والتعبيرية، مع ميل واضح لتصوير الحياة المصرية الأصيلة، لا سيما الريفية. لوحته "العمل في الحقل" تُعتبر أيقونة فنية تجسد كفاح الفلاح المصري وعلاقته بالأرض، وتتميز بقوة التعبير وصدق المشاعر التي تلامس الوجدان.
كان عياد من أوائل الفنانين المصريين الذين سافروا إلى أوروبا لتلقي العلم الفني، وعاد ليثري المشهد الفني المحلي بتجاربه الغربية ممزوجة بالروح الشرقية الأصيلة. أعماله تتجاوز مجرد التصوير لتصل إلى مستوى التأمل الاجتماعي والإنساني، مما جعلها مصدر إلهام لأجيال متعاقبة من الفنانين.
أهمية الاستضافة ودور دار الأوبرا
تضطلع دار الأوبرا المصرية بدور محوري في المشهد الثقافي والفني بمصر، فهي ليست مجرد مسرح للعروض الغنائية والموسيقية، بل هي أيضًا مركز إشعاع للفنون التشكيلية من خلال قاعاتها المتخصصة مثل قاعة صلاح طاهر. استضافة مثل هذه المعارض تؤكد التزام الأوبرا بدعم الفنون بكافة أشكالها وتقديم منصة للتبادل الثقافي بين الفنانين والجمهور.
يعكس إشراف الدكتور علاء عبد السلام على هذه الفعاليات رؤية شاملة لتنشيط الحركة الفنية، وإتاحة الفرصة للفنانين لعرض إبداعاتهم، وتعريف الجمهور بآخر التوجهات الفنية، مع الحفاظ على جسر التواصل مع الإرث الفني العريق. قاعة صلاح طاهر تحديدًا تتميز بقدرتها على احتضان تنوع الأعمال الفنية، مما يجعلها اختيارًا مثاليًا لمعرض يسعى لتقديم رؤى متعددة.
الأثر الثقافي وتواصل الأجيال
لا يقتصر تأثير معرض "حقول عياد" على كونه مجرد حدث فني عابر، بل يمتد ليصبح منصة لحوار الأجيال الفنية. من خلال استلهام عمل فنان رائد مثل راغب عياد، تُتاح الفرصة للفنانين المعاصرين لإعادة تفسير موضوعاته وقيمه برؤى حديثة، مما يثري الفن التشكيلي المصري ويعزز من ديناميكيته.
يساهم المعرض في توعية الجمهور بتاريخ الفن المصري الحديث وتأثير رواده، ويشجع على التفكير النقدي في العلاقة بين الفن والمجتمع والطبيعة. إنه شهادة على استمرارية الفن وقدرته على التطور مع الحفاظ على جذوره، ويؤكد على أن الفن أداة للتعبير عن الواقع والتطلعات الإنسانية عبر مختلف العصور.
من المتوقع أن يجذب المعرض عددًا كبيرًا من عشاق الفن والنقاد والجمهور العام، ليقدم تجربة ثقافية غنية تضاف إلى سجل دار الأوبرا المصرية الحافل بالفعاليات الفنية المميزة.




