رئيس إعمار يبدي اهتماماً بسوق العقارات الصينية وينتظر تعافيها
أبدى محمد العبار، مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة إعمار العقارية الرائدة عالمياً، مؤخراً اهتماماً استراتيجياً ملحوظاً بدخول سوق العقارات الصينية، مشيراً إلى أن الشركة تراقب عن كثب مؤشرات التعافي المنتظرة في هذا السوق الضخم. يأتي هذا التصريح، الذي صدر خلال تصريحات صحفية حديثة، في إطار رؤية إعمار التوسعية العالمية، مؤكداً على الثقة في الإمكانات طويلة الأجل للصين رغم التحديات الراهنة التي يواجهها القطاع العقاري.

خلفية عن إعمار ورؤية العبار الاستثمارية
تعد إعمار العقارية من أبرز شركات التطوير العقاري في العالم، وهي معروفة بمشاريعها الضخمة والفاخرة، أبرزها برج خليفة ودبي مول. تأسست الشركة على يد محمد العبار الذي يشتهر بجرأته ورؤيته الاستشرافية في اقتناص الفرص الاستثمارية. لطالما اتبعت إعمار استراتيجية التوسع في الأسواق الناشئة والواعدة، مستهدفةً القطاعات الفاخرة وذات الجودة العالية التي تستجيب لمتطلبات العملاء المميزين. تتجلى رؤية العبار في قدرته على تحديد الأسواق التي قد تواجه تحديات مؤقتة ولكنها تحمل إمكانات نمو هائلة على المدى الطويل، مما يجعل اهتمامه بالصين أمراً متوقعاً ضمن هذا الإطار الاستراتيجي.
تاريخياً، قامت إعمار ببناء علامتها التجارية على أساس التميز في التصميم والتطوير، مما سمح لها بالدخول إلى أسواق متنوعة وترك بصمة واضحة. وتشمل محفظة مشاريعها مناطق سكنية متكاملة، مراكز تسوق، فنادق، ومنشآت ترفيهية، مما يمنحها مرونة في التعامل مع مختلف احتياجات السوق.
تحديات وفرص سوق العقارات الصينية
يشهد سوق العقارات الصيني منذ عدة سنوات فترة من التقلبات والتحديات الكبيرة. فبعد عقود من النمو المتسارع الذي جعل العقارات محركاً رئيسياً للاقتصاد، واجه السوق أزمات ديون لشركات تطوير عقاري عملاقة مثل إيفرغراند وكاونتري غاردن. هذه الأزمات أدت إلى تدهور ثقة المستهلكين، وتباطؤ وتيرة المبيعات، وتأخر إنجاز المشاريع، مما خلق ضغوطاً هائلة على القطاع المالي الصيني والحكومات المحلية.
تبنت الحكومة الصينية سياسات صارمة لترشيد القطاع، مثل مبدأ "المنازل للسكن وليست للمضاربة"، بهدف كبح جماح الأسعار المرتفعة والمخاطر النظامية. وقد شملت هذه السياسات قيوداً على الاقتراض المفرط للمطورين، مما أثر على قدرتهم على استكمال المشاريع الجديدة والوفاء بالتزاماتهم.
على الرغم من هذه التحديات، يظل السوق الصيني جاذباً للغاية للمستثمرين على المدى الطويل لعدة أسباب جوهرية يراها العبار وإعمار:
- حجم السوق الهائل: الصين هي ثاني أكبر اقتصاد في العالم وتضم أكبر عدد سكان، مع استمرار عملية التحضر بوتيرة سريعة، مما يخلق طلباً مستمراً على المساكن والبنية التحتية الحديثة.
- الطبقة الوسطى المتنامية: يتزايد عدد الأسر ذات الدخل المرتفع التي تبحث عن مساكن بجودة عالية ومرافق حديثة، خاصة في المدن الكبرى التي تتميز بمستويات دخل أعلى.
- التدخل الحكومي: ترى إعمار أن التدخل الحكومي، على الرغم من قسوته في بعض الأحيان، يهدف في النهاية إلى استقرار السوق وتصحيح مساره من خلال التخلص من الممارسات غير المستدامة. هذا قد يهيئ لبيئة استثمارية صحية ومستقرة في المستقبل، بعيدة عن المضاربات المفرطة.
- الطلب الكامن: يبقى هناك طلب كامن على العقارات السكنية والتجارية، خاصة في المدن الكبرى والمناطق الاقتصادية المزدهرة التي تستقطب الاستثمارات المحلية والأجنبية.
استراتيجية إعمار التوسعية العالمية
لا يقتصر اهتمام إعمار على السوق الصينية فحسب، بل يمتد ليشمل خططاً توسعية في أسواق ناشئة وواعدة أخرى. وقد أشارت الشركة إلى اهتمامها المتزايد بـ الهند، والشرق الأوسط، وشرق أوروبا. تعكس هذه الاستراتيجية الطموحة رؤية الشركة في تنويع مصادر دخلها وتوسيع نطاق عملياتها الجغرافية لتقليل المخاطر المرتبطة بالاعتماد على سوق واحد، وتعظيم فرص النمو العالمية من خلال استهداف الاقتصادات التي تشهد نمواً سكانياً واقتصادياً قوياً. يميل العبار إلى البحث عن الأسواق التي تتميز بديناميكية سكانية واقتصادية قوية، والتي تفتقر إلى مطورين عقاريين يقدمون منتجات عالية الجودة على نطاق واسع، وهو ما تستطيع إعمار تقديمه.
الأهمية والآفاق المستقبلية لاهتمام إعمار
يعتبر اهتمام إعمار بالصين إشارة قوية على أن اللاعبين العالميين الكبار يرون إمكانية انتعاش السوق الصيني على المدى الطويل، على الرغم من الضغوط الحالية. يمكن أن يمثل دخول شركة بحجم وسمعة إعمار دافعاً لثقة المستثمرين الآخرين ويعيد بعض الزخم للسوق، خاصة في قطاعات العقارات الفاخرة والمشاريع المتكاملة التي تتخصص فيها إعمار. هذا الاهتمام يبعث برسالة مفادها أن التحديات الحالية في الصين قد تكون مؤقتة وأن الأساسيات الاقتصادية والسكانية لا تزال قوية.
من المتوقع أن تتبع إعمار نهجاً حذراً ومنهجياً، ترصد خلاله تطورات السوق والسياسات الحكومية عن كثب لضمان توقيت الدخول الأمثل والاستفادة القصوى من الفرص المتاحة عند تعافي السوق بشكل ملموس. يمثل هذا التوجه تأكيداً على استراتيجية إعمار في البحث عن القيمة في الأسواق الكبيرة التي تمر بمرحلة تصحيح، مستفيدة من خبرتها الطويلة في بناء مشاريع عالمية المستوى.




