رئيس الوزراء مدبولي يقود أول سيارة كهربائية مصرية محلية الصنع
شهدت مصر مطلع عام 2024 خطوة تاريخية نحو مستقبل النقل المستدام والصناعة الوطنية، حيث أجرى رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي، تجربة قيادة لأول سيارة كهربائية مجمعة محليًا. هذا الحدث البارز، الذي أقيم في منشأة تابعة للشركة القابضة للصناعات المعدنية، يمثل معلمًا رئيسيًا في استراتيجية الدولة لتعزيز التوطين الصناعي وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري المستورد.

خلفية وتاريخ المشروع
لطالما أعلنت مصر عن رؤية طموحة لتحديث قطاع السيارات لديها، مع التركيز بشكل متزايد على تصنيع السيارات الكهربائية كحجر زاوية في مبادرات الاقتصاد الأخضر. هذا التحول الاستراتيجي مدفوع بالرغبة في التخفيف من آثار تغير المناخ، وخفض فاتورة واردات الوقود، وتعزيز الاعتماد على الذات تكنولوجيًا. تقع شركة النصر للسيارات، وهي كيان مملوك للدولة وذو تاريخ عريق في الصناعة، في صميم هذه الجهود. فبعد فترات من التوقف وإعادة الهيكلة، تم تنشيط الشركة بتكليف لقيادة إنتاج السيارات الكهربائية بالشراكة مع الخبرات الدولية. وتتماشى هذه المبادرة مع رؤية مصر 2030 الأوسع نطاقًا، التي تهدف إلى تحقيق النمو الاقتصادي المستدام والإشراف البيئي. وقد مهدت المحاولات والإعلانات السابقة الطريق، مما أثار الترقب لهذه الخطوة الحاسمة نحو تحقيق الرؤية. الهدف ليس مجرد التجميع، بل زيادة المحتوى المحلي تدريجيًا، وتنمية سلسلة توريد محلية قوية، وخلق فرص عمل في مجال التصنيع عالي التقنية.
التطورات الرئيسية وتفاصيل التجربة
خلال جولة التفقد وتجربة القيادة، اطلع رئيس الوزراء مصطفى مدبولي عن كثب على أداء وميزات السيارة الكهربائية الجديدة، التي يُشار إليها في التقارير الأولية باسم طراز E70. وقد أجريت التجربة في منشأة عكست جاهزية خطوط الإنتاج الأولية. ورافق رئيس الوزراء عدد من المسؤولين الرئيسيين، بمن فيهم وزير قطاع الأعمال العام (أو الوزير المختص حاليًا)، مما يؤكد الدعم الحكومي الشامل للمشروع. تركزت المناقشات خلال الحدث على التقدم المحرز في التوطين، والجدول الزمني للإنتاج الضخم، والتحديات التي يتم التعامل معها، خاصة فيما يتعلق بتقنيات البطاريات والبنية التحتية للشحن. وتمثل السيارة نفسها المرحلة الأولية من التعاون، والتي تتضمن عادة نسبة كبيرة من الأجزاء المستوردة، مع خارطة طريق واضحة لزيادة نسبة المكونات المصنعة محليًا بمرور الوقت. يسمح هذا النهج بالدخول السريع إلى السوق مع تطوير القدرات المحلية في نفس الوقت.
الأهمية الاستراتيجية والتأثير المتوقع
إن إطلاق أول سيارة كهربائية مصرية الصنع يتجاوز كونه إنجازًا تكنولوجيًا؛ فهو يحمل تداعيات استراتيجية عميقة عبر أبعاد متعددة. من الناحية الاقتصادية، يعد المشروع بتحفيز الصناعة المحلية، وخلق وظائف تتطلب مهارات، وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر في القطاعات ذات الصلة، مثل تصنيع المكونات والبنية التحتية للشحن. كما يمثل خطوة حاسمة نحو تقليل العجز التجاري لمصر عن طريق خفض الاعتماد على المركبات المستوردة والوقود الأحفوري. بيئيًا، سيساهم التحول إلى السيارات الكهربائية بشكل كبير في تقليل تلوث الهواء في المراكز الحضرية وخفض البصمة الكربونية للبلاد، بما يتماشى مع الأهداف المناخية العالمية. تكنولوجيًا، يضع هذا المشروع مصر في مصاف الرواد الإقليميين في مجال التصنيع المتقدم، مما يعزز الابتكار ونقل المعرفة. يُنظر إلى هذا المشروع على أنه دليل ملموس على التزام مصر بتحديث قاعدتها الصناعية واحتضان التقنيات الموجهة نحو المستقبل.
التطلعات المستقبلية وخطط الإنتاج
تطلعًا إلى المستقبل، حددت الحكومة المصرية خططًا طموحة لمستقبل إنتاج السيارات الكهربائية المحلية. تشمل هذه الخطط زيادة كبيرة في الطاقة الإنتاجية لتلبية الطلب المحلي والأسواق التصديرية المحتملة. ويعد تطوير شبكة شحن وطنية شاملة عنصرًا حاسمًا في هذه الاستراتيجية لدعم الانتشار الواسع للمركبات الكهربائية. ومن المتوقع أن تلعب الشراكات مع شركات القطاع الخاص، المحلية والدولية على حد سواء، دورًا حيويًا في بناء هذه البنية التحتية وتطوير حلول ذكية لإدارة المركبات الكهربائية. علاوة على ذلك، تدرس الحكومة حوافز مختلفة للمستهلكين لتشجيع شراء السيارات الكهربائية المنتجة محليًا، مثل الإعفاءات الضريبية أو الإعانات. يهدف الهدف النهائي إلى ترسيخ مكانة مصر كمركز إقليمي لتصنيع السيارات الكهربائية والابتكار، وإنشاء نظام بيئي مستدام يدعم سلسلة القيمة بأكملها من البحث والتطوير إلى الإنتاج وإعادة التدوير. ويعتبر المشروع شاهدًا على رؤية مصر طويلة الأمد لمستقبل أكثر اخضرارًا وتصنيعًا ومرونة اقتصادية.




