رداً على هجوم في واشنطن، ترامب يعلن وقفاً للهجرة ويأمر بمراجعة شاملة للبطاقات الخضراء
في خطوة مفاجئة جاءت في أعقاب حادث إطلاق نار في العاصمة واشنطن، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الخميس عن نيته فرض إجراءات صارمة وغير مسبوقة تتعلق بسياسات الهجرة في البلاد. وتتضمن الإجراءات المقترحة وقفاً مؤقتاً للهجرة من دول وصفها بأنها لا تفي بالمعايير الأمنية، بالإضافة إلى أمر بإجراء مراجعة شاملة ودقيقة لجميع البطاقات الخضراء التي تم منحها للمقيمين الدائمين، مما يثير جدلاً واسعاً حول مستقبل سياسة الهجرة الأمريكية.

خلفية الهجوم الذي سبق القرار
يأتي هذا الإعلان بعد يوم واحد من هجوم وقع يوم الأربعاء، حيث قام مواطن من أصل أفغاني بإطلاق النار على جنديين من الحرس الوطني بالقرب من أحد المجمعات الفيدرالية في واشنطن، مما أدى إلى إصابتهما بجروح. وقد ألقت السلطات القبض على المشتبه به، الذي تفيد التقارير الأولية بأنه دخل الولايات المتحدة قبل عدة سنوات، وتعمل وكالات إنفاذ القانون حالياً على التحقيق في دوافعه وخلفيته وارتباطاته المحتملة.
استغل الرئيس ترامب هذا الحادث ليربط بشكل مباشر بين الهجرة والتهديدات الأمنية، معتبراً أن الهجوم هو دليل قاطع على وجود "ثغرات خطيرة" في نظام الهجرة الحالي، وهو ما استدعى، بحسب قوله، اتخاذ إجراءات فورية وحاسمة لحماية أمن المواطنين الأمريكيين.
الإعلان الرئاسي: إجراءات مشددة وغير مسبوقة
في مؤتمر صحفي عقده في البيت الأبيض، أوضح الرئيس ترامب الخطوط العريضة لسياسته الجديدة، مؤكداً أنها تهدف إلى ضمان عدم تمكن أي شخص قد يشكل خطراً على الولايات المتحدة من دخول البلاد. وتعهد بتنفيذ "أقوى تدقيق أمني في تاريخ أمتنا". ورغم أنه لم يحدد قائمة بالدول المستهدفة، إلا أنه أشار إلى أنها ستشمل دولاً من "العالم الثالث" لا تتعاون بشكل كافٍ مع الولايات المتحدة في تبادل المعلومات الأمنية.
وتعد المراجعة الشاملة للبطاقات الخضراء (Green Cards) هي الجانب الأكثر إثارة للقلق بالنسبة للمجتمعات المهاجرة. وبموجب الأمر الرئاسي المنتظر، ستخضع ملفات ملايين المقيمين الدائمين لتدقيق جديد، مع التركيز على أولئك الذين حصلوا على الإقامة خلال العقد الماضي. وقد أثار هذا الإجراء مخاوف من إمكانية سحب الإقامة الدائمة من البعض بناءً على معايير جديدة أو إعادة تقييم لملفاتهم القديمة.
تشمل الإجراءات الرئيسية التي تم الإعلان عنها ما يلي:
- تجميد فوري لعملية إصدار تأشيرات الهجرة من دول سيتم تحديدها لاحقاً من قبل وزارة الأمن الداخلي بناءً على تقييمات أمنية.
- إطلاق عملية مراجعة أمنية شاملة لملفات حاملي البطاقة الخضراء الحاليين للتحقق من التزامهم بالقوانين وعدم وجود أي مؤشرات خطر.
- تطبيق معايير فحص وتدقيق أمني أكثر صرامة على جميع طلبات الهجرة واللجوء والتأشيرات المستقبلية.
ردود فعل سياسية وحقوقية واسعة
قوبل الإعلان الرئاسي بموجة من الانتقادات الحادة من قبل الحزب الديمقراطي ومنظمات الحقوق المدنية. ووصف زعماء ديمقراطيون القرار بأنه "تمييزي وغير إنساني"، معتبرين أنه يستخدم حادثاً فردياً كذريعة لتنفيذ أجندة سياسية معادية للمهاجرين. كما حذرت منظمات حقوقية، مثل الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية (ACLU)، من أن هذا الإجراء ينتهك الدستور الأمريكي وتعهدت بالطعن فيه قانونياً فور صدوره رسمياً.
في المقابل، لقي الإعلان دعماً قوياً من قبل قاعدة الرئيس ترامب السياسية وعدد من المشرعين الجمهوريين، الذين رأوا فيه خطوة ضرورية لحماية الأمن القومي وتعزيز سيادة القانون عند الحدود. واعتبر المؤيدون أن الرئيس يفي بوعوده الانتخابية المتعلقة بتبني نهج أكثر حزماً في التعامل مع ملف الهجرة.
السياق الأوسع والتداعيات المحتملة
يندرج هذا القرار ضمن سلسلة من السياسات التقييدية التي تبنتها إدارة ترامب منذ توليها السلطة، والتي تهدف إلى الحد من الهجرة الشرعية وغير الشرعية على حد سواء. ويراه المحللون استمراراً لنهج سياسات سابقة مثل حظر السفر الذي استهدف مواطني عدة دول ذات أغلبية مسلمة، والذي أثار بدوره معارك قضائية طويلة.
من المتوقع أن يخلق هذا الإعلان حالة من الفوضى وعدم اليقين لملايين الأفراد، بمن فيهم المتقدمون للحصول على تأشيرات، والعائلات التي تنتظر لم شملها، والمقيمون الدائمون الذين قد يواجهون الآن خطر إعادة تقييم وضعهم القانوني. وعلى الصعيد الدولي، قد يؤدي القرار إلى توتر العلاقات الدبلوماسية مع الدول المتأثرة به، كما يعزز الصورة النمطية عن الولايات المتحدة كدولة تبتعد عن تقاليدها التاريخية في استقبال المهاجرين.





