روسيا تكثف هجماتها على قطاع الطاقة الأوكراني بضربات واسعة النطاق
شهدت أوكرانيا خلال الأيام الأخيرة موجة من الهجمات الروسية المنسقة التي استهدفت بشكل مكثف منشآت الطاقة في جميع أنحاء البلاد، مما أدى إلى انقطاع واسع للتيار الكهربائي وأضرار جسيمة في البنية التحتية الحيوية. تأتي هذه الضربات في إطار استراتيجية متجددة تهدف إلى إضعاف شبكة الكهرباء الأوكرانية، مما يثير مخاوف بشأن قدرة البلاد على الصمود خلال الفترات القادمة.
تفاصيل الهجمات الأخيرة
استخدمت القوات الروسية ترسانة متنوعة من الأسلحة في هذه الهجمات، شملت عشرات الصواريخ الباليستية والمجنحة، مثل صواريخ "كينجال" فرط الصوتية، بالإضافة إلى أسراب من طائرات "شاهد" المسيرة الإيرانية الصنع. وقد تركزت الهجمات بشكل دقيق على أهداف استراتيجية وحيوية في قطاع الطاقة، مما يشير إلى تخطيط مسبق ومعلومات استخباراتية دقيقة.
- محطات توليد الكهرباء: استهدفت الضربات محطات توليد الكهرباء الحرارية والمائية التي تشكل العمود الفقري لشبكة الطاقة الأوكرانية، مما أدى إلى خروج بعضها عن الخدمة بشكل كامل.
- شبكات النقل: تعرضت محطات التحويل والشبكات ذات الجهد العالي، التي تديرها شركة الطاقة الوطنية "أوكرينيرغو"، لأضرار كبيرة، مما عقّد عمليات نقل الكهرباء بين المناطق.
- مناطق متفرقة: طالت الأضرار مناطق متعددة من بينها خاركيف، زابوريجيا، لفيف، كييف، وإيفانو فرانكيفسك، مما يدل على النطاق الجغرافي الواسع للعملية.
الآثار والتداعيات
أسفرت الهجمات عن خسارة أوكرانيا لجزء كبير من قدرتها على توليد الكهرباء، مما أجبر السلطات على فرض انقطاعات طارئة ومجدولة للتيار في العديد من المناطق للحفاظ على استقرار الشبكة المنهكة. وقد صرحت شركة الطاقة الخاصة الكبرى DTEK بأن بعض منشآتها تعرضت لأضرار بالغة قد يستغرق إصلاحها وقتاً طويلاً وتكاليف باهظة، واصفة الهجوم بأنه الأكبر على البنية التحتية للطاقة منذ بدء الغزو الشامل.
تتجاوز الآثار مجرد انقطاع الكهرباء، حيث أثرت على إمدادات المياه والتدفئة في بعض المدن، كما تشكل تحدياً كبيراً لجهود إعادة الإعمار وتزيد من الضغط على الاقتصاد الأوكراني. وتثير هذه الهجمات قلقاً متزايداً بشأن استعدادات أوكرانيا لفصل الشتاء المقبل.
السياق وردود الفعل
تندرج هذه الهجمات ضمن نمط بدأته روسيا في شتاء 2022-2023، لكن المحللين لاحظوا أنها أصبحت أكثر تدميراً ودقة. يُعتقد أن الهدف ليس فقط التسبب في معاناة مدنية، بل أيضاً شل قدرة الصناعات الدفاعية الأوكرانية التي تعتمد بشكل كبير على إمدادات طاقة مستقرة.
من جانبها، أدانت القيادة الأوكرانية بشدة هذه الهجمات ووصفتها بأنها "إرهاب طاقة". وجدد الرئيس فولوديمير زيلينسكي دعواته الملحة للشركاء الغربيين لتزويد بلاده بالمزيد من أنظمة الدفاع الجوي المتقدمة، مثل أنظمة "باتريوت"، لحماية سمائها ومدنها وبنيتها التحتية. في المقابل، ذكرت وزارة الدفاع الروسية أن ضرباتها جاءت رداً على هجمات أوكرانية استهدفت منشآت طاقة ومصافي نفط داخل الأراضي الروسية، مؤكدة أن أهدافها عسكرية وصناعية مرتبطة بالجيش الأوكراني.
الأهمية الاستراتيجية للصراع
يسلط هذا التصعيد الضوء على الدور المحوري الذي يلعبه قطاع الطاقة في الصراع الحالي. فمن خلال استهداف البنية التحتية للطاقة، تسعى روسيا إلى تحقيق أهداف استراتيجية متعددة، منها إضعاف الروح المعنوية للمدنيين، وتقويض القدرة الصناعية والعسكرية لأوكرانيا، وزيادة تكلفة الحرب على كييف وحلفائها. ويعكس هذا التكتيك تحولاً في طبيعة الحرب نحو استهداف منهجي للبنى التحتية التي تدعم قدرة الدولة على الصمود والاستمرار في القتال.


