سامية حسن تتولى رئاسة تنزانيا في ظل اتهامات للمعارضة بقمع احتجاجات سابقة
شهدت تنزانيا انتقالاً تاريخياً للسلطة في مارس 2021، حيث أصبحت سامية صولوحو حسن أول امرأة تتولى منصب الرئاسة في البلاد. جاء هذا التطور في أعقاب الوفاة المفاجئة للرئيس السابق جون ماغوفولي، وفي خضم فترة سياسية مشحونة بالتوتر، اتسمت بقمع الحريات ومزاعم من المعارضة بوقوع انتهاكات واسعة النطاق، بما في ذلك مقتل متظاهرين خلال احتجاجات سبقت توليها للسلطة.

الخلفية السياسية: إرث جون ماغوفولي
لفهم السياق الذي تولت فيه الرئيسة حسن مهامها، لا بد من العودة إلى فترة حكم سلفها جون ماغوفولي، الذي وصل إلى السلطة في عام 2015. عُرف ماغوفولي بأسلوبه الشعبوي وحملاته الصارمة ضد الفساد، لكن فترة رئاسته شهدت تراجعاً كبيراً في الحريات الديمقراطية. فرضت حكومته قيوداً مشددة على وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني والمعارضة السياسية، مما أثار قلقاً دولياً ومحلياً بشأن حقوق الإنسان في تنزانيا.
وصلت التوترات إلى ذروتها خلال الانتخابات العامة في أكتوبر 2020. خاض ماغوفولي الانتخابات لولاية ثانية في مواجهة مرشح المعارضة الرئيسي، توندو ليسو، عن حزب "تشاديما". شابت الانتخابات اتهامات واسعة النطاق بالتزوير وقمع الناخبين، حيث أعلنت لجنة الانتخابات فوز ماغوفولي بنسبة ساحقة تجاوزت 84% من الأصوات، وهي نتيجة رفضتها المعارضة بشكل قاطع ووصفتها بأنها "مهزلة انتخابية".
الاحتجاجات ومزاعم المعارضة
في أعقاب إعلان نتائج الانتخابات، دعت شخصيات بارزة في المعارضة، على رأسها توندو ليسو، إلى احتجاجات سلمية للمطالبة بإلغاء النتائج وإجراء انتخابات جديدة. إلا أن هذه الدعوات قوبلت برد فعل عنيف من السلطات، التي حظرت جميع أشكال التجمعات العامة ونشرت قوات الأمن بكثافة في المدن الرئيسية. أدت هذه الإجراءات إلى اعتقال العديد من قادة المعارضة والناشطين.
خلال هذه الفترة، زعمت أحزاب المعارضة أن الحملة الأمنية التي شنتها الحكومة أسفرت عن سقوط ضحايا. وصرحت مصادر في المعارضة بأن العنف الذي مارسته قوات الأمن ضد المحتجين والداعمين لها أودى بحياة العشرات، وذهبت بعض التقارير غير المؤكدة إلى تقدير العدد بالمئات. من المهم الإشارة إلى أن هذه الأرقام لم يتم التحقق منها من قبل مصادر مستقلة، ونفتها الحكومة آنذاك بشكل قاطع، مما يجعلها جزءاً من الرواية المتنازع عليها بين السلطة والمعارضة.
انتقال هادئ للسلطة
في خضم هذا المناخ السياسي المتوتر، أُعلن عن وفاة الرئيس جون ماغوفولي في 17 مارس 2021، لأسباب رسمية تتعلق بأمراض القلب. وفقاً للدستور التنزاني، تولت نائبته، سامية صولوحو حسن، منصب الرئاسة لإكمال الفترة المتبقية من ولاية ماغوفولي. تمت عملية انتقال السلطة بسلاسة وهدوء، مما جنب البلاد أزمة دستورية محتملة، وأصبحت حسن بذلك سادس رئيس لتنزانيا وأول امرأة تشغل هذا المنصب الرفيع.
نهج جديد ومبادرات للمصالحة
منذ توليها الرئاسة، تبنت الرئيسة سامية حسن نهجاً مختلفاً بشكل ملحوظ عن سلفها، حيث اتخذت خطوات اعتبرها الكثيرون بمثابة انفتاح سياسي وتصحيح للمسار. من أبرز هذه الإجراءات:
- رفع الحظر عن عدد من وسائل الإعلام التي تم إغلاقها في عهد ماغوفولي.
 - بدء حوار مع قادة المعارضة السياسية، في خطوة تهدف إلى بناء الثقة والمصالحة الوطنية.
 - في يناير 2023، اتخذت قراراً تاريخياً برفع الحظر الذي كان مفروضاً على التجمعات والمسيرات السياسية للمعارضة منذ عام 2016.
 - إعادة النظر في بعض السياسات الاقتصادية والخارجية، بما في ذلك موقف البلاد من جائحة كوفيد-19، حيث اتبعت نهجاً أكثر شفافية وعلمية.
 
أتاحت هذه الإصلاحات عودة شخصيات معارضة بارزة من المنفى، مثل توندو ليسو، الذي عاد إلى تنزانيا في أوائل عام 2023 بعد سنوات من اللجوء السياسي. ورغم أن هذه الخطوات قوبلت بترحيب واسع، لا تزال المعارضة تطالب بإصلاحات دستورية أعمق لضمان نزاهة الانتخابات المستقبلية وتعزيز الديمقراطية في البلاد.





