في أولى وعودها الرئاسية، سامية صولوحو تتعهد بإعادة تنزانيا إلى الوضع الطبيعي
في خطوة تاريخية شهدتها تنزانيا في مارس 2021، أدت سامية صولوحو حسن اليمين الدستورية لتصبح أول امرأة تتولى منصب الرئاسة في البلاد، وذلك في أعقاب الوفاة المفاجئة للرئيس السابق جون ماغوفولي. خلال كلمتها الأولى للأمة، بعثت الرئيسة الجديدة رسالة واضحة، متعهدة بتوحيد البلاد وقيادتها نحو "استعادة الوضع الطبيعي"، في إشارة إلى تغيير جذري محتمل في المسار السياسي الذي اتبعته البلاد في السنوات الأخيرة.

خلفية الانتقال الرئاسي
جاء تولي صولوحو حسن للسلطة، التي كانت تشغل منصب نائب الرئيس، بموجب الدستور التنزاني في ظل ظروف استثنائية. فقد أُعلن رسميًا عن وفاة الرئيس جون ماغوفولي، الذي عُرف بلقب "البلدوزر" لأسلوبه الحازم في الحكم، بسبب مضاعفات في القلب. إلا أن وفاته كانت محاطة بالغموض والتكهنات، خاصة مع غيابه الطويل عن الظهور العلني قبل الإعلان الرسمي، وسط تقارير غير مؤكدة عن إصابته بفيروس كوفيد-19، الذي طالما قلل من خطورته ورفض اتخاذ إجراءات وقائية لمكافحته.
تميزت فترة حكم ماغوفولي (2015-2021) بمزيج من المشاريع التنموية الكبرى ومكافحة الفساد من جهة، وتضييق الخناق على الحريات السياسية والإعلامية والمعارضة من جهة أخرى. هذا النهج أدى إلى انقسام في الشارع التنزاني وعزل البلاد نسبيًا على الساحة الدولية، مما جعل وعود الرئيسة الجديدة محط أنظار العالم.
تعهدات رئيسية ومسار جديد
أمام هذا الواقع، جاء خطاب الرئيسة سامية صولوحو ليمثل نقطة تحول مرتقبة. لم تكن دعوتها لـ"استعادة الوضع الطبيعي" مجرد شعار، بل كانت إيذانًا ببدء مرحلة جديدة ترتكز على عدة محاور أساسية، والتي بدأت تتضح معالمها في الأشهر اللاحقة:
- الوحدة الوطنية: دعت الرئيسة الجديدة إلى ضرورة نبذ الخلافات والتكاتف من أجل بناء مستقبل تنزانيا، مشددة على أنها رئيسة لجميع التنزانيين بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية أو العرقية.
 - احترام الدستور وسيادة القانون: أكدت على التزامها بالدستور الذي أوصلها إلى السلطة، في رسالة طمأنة للمؤسسات والمجتمع المدني بأن الدولة ستعمل وفق الأطر القانونية، بعيدًا عن القرارات الفردية.
 - تغيير نهج التعامل مع جائحة كورونا: شكل هذا الملف أبرز تحولاتها الأولية. حيث قامت بتشكيل لجنة علمية لتقديم المشورة بشأن الجائحة، معاكسة بذلك سياسة سلفها التي كانت تقوم على إنكار وجود الفيروس، وبدأت حملة تطعيم وطنية.
 - الانفتاح على الحوار والمعارضة: بدأت إدارتها حوارًا مع قوى المعارضة السياسية، وهي خطوة كانت شبه مستحيلة في عهد ماغوفولي، مما أشار إلى رغبتها في تخفيف التوترات السياسية الداخلية وإعادة إحياء الديمقراطية.
 
الأهمية والتحديات المستقبلية
يحمل تولي سامية صولوحو حسن الرئاسة أهمية رمزية وعملية كبيرة. فهي لم تكسر الحاجز التاريخي كأول امرأة تقود البلاد فحسب، بل ورثت تركة ثقيلة تتطلب منها موازنة دقيقة بين الحفاظ على استقرار الحزب الحاكم وإصلاح السياسات التي أثارت الجدل. كان وعدها بـ"استعادة الوضع الطبيعي" بمثابة اعتراف ضمني بأن السنوات السابقة لم تكن طبيعية، وأن هناك حاجة ماسة لإعادة بناء الثقة على الصعيدين المحلي والدولي.
مثلت الأشهر الأولى من رئاستها بداية تنفيذ هذه الوعود، حيث شهدت البلاد رفع الحظر عن عدد من وسائل الإعلام، وإطلاق سراح بعض المعتقلين السياسيين، وتغييرًا جذريًا في الخطاب الرسمي للدولة ليصبح أكثر تصالحًا وانفتاحًا على العالم. ورغم أن الطريق لا يزال طويلاً ومليئًا بالتحديات الاقتصادية والسياسية، إلا أن تعهداتها الأولى وضعت أساسًا لمسار مختلف لتنزانيا في مرحلة ما بعد ماغوفولي.





