سياسي ألماني رفيع يدعو لنزع سلاح حماس كشرط لا غنى عنه لسلام غزة
في تصريحات حديثة تعكس موقفاً أوروبياً متزايداً بشأن سبل إنهاء الصراع في قطاع غزة، شدد السياسي الألماني البارز رودريش كيسفيتر، الخبير في الشؤون الأمنية والعضو في الحزب الديمقراطي المسيحي (CDU)، على أن نزع سلاح حركة حماس يمثل شرطاً أساسياً وجوهرياً لتحقيق أي سلام مستدام في المنطقة. هذه التصريحات، التي تأتي في خضم جهود دولية مكثفة للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار وإرساء خطة مستقبلية لغزة، تسلط الضوء على عمق التعقيدات الأمنية والسياسية التي تواجه مساعي السلام.

خلفية التصريح ودلالاته
يمثل رودريش كيسفيتر صوتاً مؤثراً في السياسة الخارجية والأمنية الألمانية، حيث يشغل مناصب قيادية ضمن حزبه المحافظ، الذي يمتلك تاريخاً طويلاً في دعم الأمن الإسرائيلي مع التأكيد على حل الدولتين. تتجذر رؤيته في مبدأ أن الاستقرار الإقليمي لا يمكن أن يتحقق في ظل وجود كيانات مسلحة غير تابعة للدولة وتعمل خارج إطار القانون الدولي. تصريحاته الأخيرة، التي انتشرت في الأوساط الإعلامية والسياسية خلال الأسابيع الماضية، ليست معزولة بل تعكس وجهة نظر سائدة بين العديد من صناع القرار الأوروبيين الذين يرون في قدرة حماس العسكرية عائقاً رئيسياً أمام التنمية السلمية لقطاع غزة وإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة.
ينبع هذا الموقف من تداعيات أحداث السابع من أكتوبر 2023، والتي شهدت هجوماً واسع النطاق شنته حركة حماس على إسرائيل، ما أسفر عن مقتل مئات الإسرائيليين وأسر آخرين، وأدى إلى تصعيد عسكري غير مسبوق في قطاع غزة. منذ ذلك الحين، تصاعدت المطالبات الدولية بضرورة معالجة جذور الصراع وضمان أمن جميع الأطراف، مع التركيز على مستقبل القطاع الذي يعاني من أزمة إنسانية كارثية.
تفاصيل الموقف الألماني والدولي
بالنسبة لكيسفيتر، فإن هناك شرطين لا يمكن التنازل عنهما لتحقيق تقدم نحو السلام في غزة: أولهما نزع السلاح الكامل لحركة حماس، وثانيهما الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن الذين تحتجزهم الحركة. ويرى أن أي خطة سلام جادة يجب أن تتضمن آليات واضحة لتجريد حماس من قدراتها العسكرية الصاروخية ومخزونها من الأسلحة، بما يضمن عدم تكرار الهجمات والاضطرابات الأمنية مستقبلاً. هذا الشرط يُنظر إليه على أنه أساسي لضمان أمن إسرائيل، وهو مكون رئيسي في أي تفاهمات مستقبلية.
ويتناغم هذا الموقف مع التوجهات العامة للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، اللتين تصنفان حماس كمنظمة إرهابية وتدعوان إلى نزع سلاحها. ومع ذلك، تظل كيفية تنفيذ عملية نزع السلاح هذه محل نقاشات معقدة، بالنظر إلى البنية التنظيمية لحماس وعمق تواجدها في النسيج الاجتماعي لقطاع غزة. العديد من السيناريوهات المطروحة لمرحلة ما بعد الحرب تتضمن تشكيل قوة دولية أو إقليمية للإشراف على الأمن في غزة، وإعادة بناء المؤسسات المدنية تحت قيادة فلسطينية موحدة ومقبولة دولياً.
تشمل النقاط الرئيسية التي يؤكد عليها كيسفيتر وآخرون في السياق الدولي ما يلي:
- نزع السلاح الشامل: التأكيد على أن وجود قوة عسكرية غير حكومية في غزة يظل تحدياً جوهرياً لأي ترتيبات سلام طويلة الأمد.
- إطلاق سراح الرهائن: يعتبر هذا المطلب الإنساني والأمني أولوية قصوى لضمان الثقة وتهيئة بيئة للحوار.
- إعادة الإعمار والحوكمة: ربط نزع السلاح بجهود إعادة الإعمار الشاملة لغزة وتشكيل إدارة فلسطينية موحدة وذات مصداقية تتولى شؤون القطاع.
- الدور الألماني والأوروبي: إبراز استعداد ألمانيا والاتحاد الأوروبي للمساهمة في جهود السلام وإعادة الإعمار، بشرط توفر بيئة آمنة ومستقرة.
التداعيات المحتملة والآفاق المستقبلية
تحمل دعوة السياسي الألماني لنزع سلاح حماس أهمية بالغة لأنها تؤكد على ضرورة معالجة الأبعاد الأمنية للصراع كجزء لا يتجزأ من أي حل سياسي. إنها ليست مجرد دعوة لإنهاء الأعمال العدائية، بل هي رؤية لمستقبل غزة الذي يجب أن يكون خالياً من تهديد المجموعات المسلحة لضمان سلامة المدنيين في المنطقة وفي إسرائيل.
ومع ذلك، يواجه تطبيق مثل هذا الشرط تحديات هائلة، منها مقاومة حماس نفسها لأي محاولة لتجريدها من سلاحها، والخلافات الفلسطينية الداخلية حول مستقبل السلطة في غزة، بالإضافة إلى تعقيدات الدور الإقليمي والدولي في فرض أو الإشراف على نزع السلاح. تبرز هذه التصريحات أيضاً الحاجة الملحة إلى خطة سلام شاملة تتجاوز مجرد وقف إطلاق النار، وتتناول قضايا الحكم والأمن والتنمية الاقتصادية في غزة، ضمن إطار حل أوسع للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
في الختام، تعكس تصريحات رودريش كيسفيتر موقفاً غربياً راسخاً يرى أن تحقيق السلام الدائم في غزة يتطلب تغييرات جوهرية في المشهد الأمني والسياسي، وأن نزع سلاح المجموعات المسلحة هو ركيزة أساسية لتمكين غزة من الانطلاق نحو مستقبل يسوده الاستقرار والازدهار بعيداً عن دائرة العنف.





