سياسي ألماني: نزع سلاح حماس وتحرير الرهائن شرطان أساسيان لسلام غزة
في تصريحات تعود إلى مطلع عام 2020، أكد السياسي الألماني المختص بشؤون الأمن في الحزب الديمقراطي المسيحي، رودريش كيسفيتر، أن تسليم جميع الرهائن ونزع سلاح حركة حماس يشكلان شرطين أساسيين وحيويين لتحقيق سلام شامل ودائم في قطاع غزة. جاءت تصريحات كيسفيتر حينها في سياق التعليق على خطة السلام التي طرحها الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب، والمعروفة إعلاميًا بـ"صفقة القرن"، والتي سعت لتقديم إطار جديد لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. على الرغم من مرور سنوات على هذه التصريحات وتبدل المشهد السياسي، تظل النقاط التي أثارها كيسفيتر، لا سيما بشأن نزع السلاح وتحرير الرهائن، محورية في أي مناقشات راهنة حول مستقبل المنطقة.

الخلفية التاريخية: خطة ترامب للسلام
في يناير 2020، كشفت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن "رؤيتها للسلام"، والتي عُرفت على نطاق واسع باسم "صفقة القرن" أو "السلام من أجل الازدهار". كانت الخطة عبارة عن وثيقة تفصيلية تضمنت مقترحات لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مع التركيز على الجوانب الاقتصادية والأمنية. من أبرز ما جاء في الخطة هو اقتراح إقامة دولة فلسطينية بشروط صارمة، مع اعتراف بالقدس عاصمة غير مقسمة لإسرائيل، وضم المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، بالإضافة إلى شروط أمنية مشددة. قوبلت الخطة برفض قاطع من القيادة الفلسطينية، التي اعتبرتها متحيزة لإسرائيل وتفشل في تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني، بينما لقيت ترحيبًا حذرًا من إسرائيل وتباينًا في ردود الفعل الدولية.
موقف السياسي الألماني رودريش كيسفيتر
تأتي تصريحات رودريش كيسفيتر، وهو سياسي ألماني بارز وعضو في البرلمان (بوندستاغ) عن حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU) وخبير في الشؤون الأمنية والخارجية، في سياق الموقف الألماني من خطة ترامب. في ذلك الوقت، رأى كيسفيتر أن الخطة الأمريكية، على الرغم من الانتقادات الموجهة إليها، تقدم أساسًا للنقاش حول حل الصراع. لكنه شدد على أن أي عملية سلام ناجحة يجب أن تستند إلى شروط لا يمكن التنازل عنها. وقد أشار بشكل خاص إلى نقطتين حيويتين كشرطين أساسيين لتنفيذ أي خطة سلام كاملة: أولاً، تسليم جميع الرهائن، وهو ما يعكس المبدأ الإنساني وأهمية بناء الثقة. ثانيًا، نزع سلاح حركة حماس، معتبرًا أن وجود كيان مسلح غير تابع للدولة يسيطر على قطاع غزة يمثل عقبة جوهرية أمام الاستقرار والأمن الإقليمي.
- أهمية نزع السلاح: بالنسبة لكيسفيتر، يمثل نزع سلاح حماس ضمانة لأمن إسرائيل وخطوة ضرورية نحو إنهاء دور الجماعات المسلحة في تحديد مستقبل غزة.
- تحرير الرهائن: يشكل تحرير الرهائن مطلبًا إنسانيًا أساسيًا ويعكس ضرورة احترام القانون الدولي، ويمثل كذلك عاملًا حاسمًا في بناء أي نوع من الثقة بين الأطراف المتصارعة.
- ضمان الأمن والاستقرار: يرى كيسفيتر أن هذه الشروط لا تقتصر على خطة ترامب فحسب، بل هي مبادئ أساسية لأي تسوية تهدف إلى تحقيق سلام دائم ومستقر في المنطقة.
شروط السلام الدائمة: نزع السلاح وتحرير الرهائن
إن المطالبة بنزع سلاح حماس ليست حصرية لتصريحات كيسفيتر في 2020، بل هي دعوة متكررة من عديد من الجهات الدولية، بما في ذلك إسرائيل والولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية. تستند هذه الدعوة إلى طبيعة حركة حماس كجماعة مسلحة تسيطر على قطاع غزة، وإلى ميثاقها الذي لا يعترف بإسرائيل، والعمليات العسكرية التي نفذتها. يُنظر إلى نزع سلاح حماس على أنه خطوة لا غنى عنها لإنهاء دورها كقوة عسكرية، وتمكين أي سلطة مدنية مستقبلية من حكم غزة بفاعلية، وضمان عدم استخدام القطاع كمنصة لشن هجمات تهدد الأمن الإقليمي. أما تحرير الرهائن، فيمثل قضية إنسانية ملحة وضرورة أخلاقية وقانونية. فاحتجاز الأفراد المدنيين يشكل انتهاكًا للقوانين الدولية، ويعد تحريرهم خطوة أساسية لتهدئة التوترات وبناء جو من الثقة يمكن أن يفضي إلى مفاوضات جدية.
السياق الألماني والدولي
لطالما كانت السياسة الخارجية الألمانية تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي تتسم بالتعقيد. فمن ناحية، تلتزم ألمانيا التزامًا راسخًا بأمن إسرائيل، وهو مبدأ متجذر في تاريخها. ومن ناحية أخرى، تدعم ألمانيا حل الدولتين وتقدم مساعدات إنسانية وتنموية كبيرة للفلسطينيين. تصريحات كيسفيتر في 2020 تعكس هذا التوازن، حيث أكد على أهمية الأمن الإسرائيلي من خلال نزع سلاح حماس، بينما ربط ذلك أيضًا بإمكانية إحراز تقدم نحو السلام من خلال خطة دولية (خطة ترامب آنذاك). تتماشى هذه المطالبة مع مواقف الاتحاد الأوروبي الأوسع، الذي يدعو عادةً إلى نبذ العنف والاعتراف بإسرائيل والالتزام بالاتفاقيات السابقة كشروط أساسية للمشاركة في أي عملية سلام.
التطورات اللاحقة وأهمية الموقف
على الرغم من أن خطة ترامب للسلام لم ترَ النور بالكامل واندثرت بمرور الوقت مع تغير الإدارة الأمريكية وتطور الأحداث في المنطقة، إلا أن الشروط التي طرحها رودريش كيسفيتر في سياقها لا تزال تحتفظ بأهميتها البالغة. فبعد أحداث 7 أكتوبر 2023 وما تلاها من تصعيد عسكري واسع النطاق في غزة، عادت قضايا نزع سلاح حماس وتحرير الرهائن لتتصدر الأجندة الدولية كركيزتين أساسيتين لأي رؤية مستقبلية لغزة والمنطقة. يبرهن هذا على أن رؤية كيسفيتر، حتى لو ارتبطت بخطة محددة في وقتها، كانت تستشرف التحديات الجوهرية التي تواجه تحقيق السلام الدائم. فما طرحه كشروط في 2020 أصبح في صلب المطالب الدولية في 2024 وما بعدها، مؤكدًا على أن الأمن والاستقرار لا يمكن أن يتحققا دون معالجة جذرية لقضية الجماعات المسلحة وضمان حقوق الأفراد.
في الختام، تبقى الدعوات لنزع سلاح حماس وتحرير الرهائن، كما أكدها السياسي الألماني رودريش كيسفيتر قبل سنوات، ركائز أساسية لأي مسعى حقيقي لتحقيق السلام في قطاع غزة والمنطقة الأوسع. وعلى الرغم من أن السياق الذي قيلت فيه هذه التصريحات قد تغير، إلا أن المبادئ التي طرحها تظل محورية في ظل التحديات الأمنية والإنسانية المستمرة.





