شريف عرفة يكشف سرقة مشهد من «الإرهاب والكباب» في اعتراف مفاجئ
في حدث بارز شهدته فعاليات الدورة الثامنة من مهرجان الجونة السينمائي الدولي، والتي أقيمت في أواخر أكتوبر الماضي، فاجأ المخرج المصري الكبير شريف عرفة الجمهور والمتابعين باعتراف غير متوقع. جاء هذا الكشف خلال ندوة أقيمت خصيصاً لتكريمه ومناقشة مسيرته الفنية الحافلة، حيث أعلن عرفة صراحة أنه قد اقتبس مشهداً واحداً في مسيرته السينمائية الطويلة، وكان هذا المشهد من نصيب فيلمه الأيقوني «الإرهاب والكباب».

خلفية الاعتراف
أُقيمت الندوة التي أدارها الفنان عباس أبوالحسن، بحضور كوكبة من نجوم الفن وصناع السينما، مما أضفى على الحدث أهمية خاصة. من بين الحاضرين البارزين كانت الفنانة يسرا التي شاركت في بطولة الفيلم المذكور، بالإضافة إلى نقاد كبار مثل طارق الشناوي، والفنانين حسين فهمي، ليلى علوي، أشرف عبدالباقي، وأحمد السعدني، إلى جانب مدير المهرجان عمرو منسي وغيرهم الكثير. هذا الحضور المكثف عكس المكانة المرموقة التي يتمتع بها شريف عرفة في الساحة الفنية العربية.
تحدث شريف عرفة بتفصيل عن المشهد الذي أقره بـ"سرقته"، مشيراً إلى أنه يتعلق بلحظة محورية في فيلم «الإرهاب والكباب» الذي عرض عام 1992. يتذكر الجمهور جيداً المشهد الذي يجسد فيه النجم عادل إمام، بدور أحمد، محاولاته المتكررة لتناول ساندويتش الكباب الخاص به وسط الفوضى والضجيج داخل مبنى مجمع التحرير، في إشارة رمزية إلى المعاناة اليومية والتعقيدات البيروقراطية التي تواجه المواطن البسيط. لم يتمكن أحمد من تذوق الكباب أبداً بسبب الانشغال المستمر بالمشاكل المحيطة، مما يولد لديه إحساساً عميقاً بالإحباط.
وأوضح عرفة أن فكرة هذا المشهد، رغم إعجابه الشديد بها، لم تكن أصلية تماماً من بنات أفكاره، بل كانت مستوحاة من فيلم روسي قديم يعود لعام 1979 بعنوان "المرآب" (The Garage) للمخرج إلدار ريازانوف. في هذا الفيلم، يحاول أحد الأبطال تناول شطيرة صغيرة خلال اجتماع طويل ومضطرب، لكنه يُقاطع مراراً وتكراراً، ما يعكس حالة من اليأس والعجز. اعترف عرفة بأنه وجد في هذا المفهوم حلاً مثالياً لتصوير مدى الإحباط والضغوط التي يعاني منها بطل فيلمه، وكيف يمكن أن تتحول أبسط الرغبات إلى تحديات مستحيلة في ظل الظروف القائمة.
أهمية الفيلم والمشهد
يُعد فيلم «الإرهاب والكباب» علامة فارقة في السينما المصرية، فهو ليس مجرد فيلم كوميدي، بل هو عمل اجتماعي سياسي عميق ينتقد بحدة البيروقراطية الحكومية، والفساد، والضغوط الاقتصادية التي تدفع الناس إلى حافة اليأس. المشهد الذي كشف عنه عرفة يحمل دلالات رمزية قوية، حيث يمثل الكباب البسيط رغبة أساسية لا يمكن تحقيقها في بيئة تعمها الفوضى والجمود. لقد أصبح هذا المشهد، بفضل أداء عادل إمام العبقري وإخراج عرفة، أيقونة تعبر عن الإحباط الشعبي وانسداد الأفق، وهو ما جعل الفيلم يحقق نجاحاً نقدياً وجماهيرياً واسعاً ويظل مؤثراً حتى يومنا هذا.
تداعيات الكشف وتأملات في الإبداع
يُعتبر اعتراف شريف عرفة هذا حدثاً نادراً في عالم الإخراج، حيث يندر أن يعترف صانعو الأفلام الكبار صراحة باقتباس أفكار بهذه الطريقة. هذا الاعتراف يعكس نزاهة فنية وشجاعة من مخرج بحجم عرفة، ويفتح الباب أمام نقاشات أعمق حول مفهوم الأصالة والإلهام والتأثر بالثقافات السينمائية الأخرى. لقد أوضح عرفة أن هذه كانت المرة الوحيدة التي تعمد فيها اقتباس مشهد بهذه الصورة، مؤكداً أن الفكرة كانت ملائمة تماماً للسياق المصري ولحالة الشخصية، وأن الهدف لم يكن التقليد الأعمى بل تكييف الفكرة لخدمة الرسالة الفنية لفيلمه. هذا الكشف يثري فهمنا لعملية الإبداع السينمائي، وكيف يمكن للمخرج أن يستلهم من مصادر مختلفة ليخلق عملاً فنياً فريداً ومترسخاً في واقعه.
الخبر الذي انتشر عقب الندوة أثار اهتماماً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي وفي الأوساط الفنية، حيث أشاد الكثيرون بشجاعة عرفة وصراحته، بينما تناقش آخرون حول الحدود الفاصلة بين الإلهام والاقتباس والسرقة الفنية. ومع ذلك، يظل الإجماع أن هذا الاعتراف لا يقلل من قيمة فيلم «الإرهاب والكباب» أو من موهبة شريف عرفة الإخراجية، بل يضيف طبقة جديدة لتقدير العمل وعمق الرؤية الفنية التي قدمها.




