طرق طهي اللحوم الصحية: نصائح لتجنب الحرارة العالية والحفاظ على القيمة الغذائية
تُعد اللحوم بأنواعها المختلفة، وخاصة الحمراء منها، مصدرًا غنيًا بالبروتين عالي الجودة الذي يزود الجسم بالأحماض الأمينية الأساسية. بالإضافة إلى ذلك، هي مخزن ثمين للعناصر الغذائية الدقيقة مثل فيتامينات B (خاصة B6 و B12)، والحديد، والزنك، والسيلينيوم، وهي مكونات حيوية لدعم وظائف الجسم المتعددة، من إنتاج الطاقة إلى تقوية الجهاز المناعي. ومع ذلك، فإن الاستفادة القصوى من هذه القيمة الغذائية لا تتوقف عند اختيار نوع اللحم، بل تمتد لتشمل الطريقة التي يتم بها طهيه. فبعض الممارسات الشائعة في الطهي قد تحول هذا الغذاء الصحي إلى مصدر لمواد أقل فائدة أو حتى ضارة.

أهمية طرق طهي اللحوم وتأثير الحرارة
لطالما كانت اللحوم جزءًا لا يتجزأ من النظم الغذائية حول العالم. ورغم فوائدها، فإن كيفية إعدادها تثير اهتمامًا متزايدًا في الأوساط العلمية والصحية. تشير الدراسات إلى أن الطهي على درجات حرارة عالية جدًا، خاصة عند الشواء أو القلي السريع، يمكن أن يؤدي إلى تغييرات كيميائية في اللحم تقلل من قيمته الغذائية وتُنشئ مركبات قد تكون ضارة بصحة الإنسان. هذا الأمر يثير تساؤلات حول أفضل الممارسات التي تضمن الحفاظ على الفوائد الصحية للحوم مع تجنب المخاطر المحتملة.
المخاطر الصحية للطهي على درجات حرارة عالية
عند تعريض اللحوم لدرجات حرارة مرتفعة جدًا، كما يحدث في الشواء المباشر أو القلي العميق، تتكون مركبات كيميائية معينة يُعتقد أنها تزيد من خطر الإصابة بالسرطان. أبرز هذه المركبات هي الأمينات الحلقية غير المتجانسة (HCAs) والهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات (PAHs).
- الأمينات الحلقية غير المتجانسة (HCAs): تتكون هذه المركبات عندما تتفاعل الأحماض الأمينية (البروتينات)، والكرياتين، والسكريات في أنسجة اللحم عند الطهي على درجات حرارة تزيد عن 150 درجة مئوية (302 درجة فهرنهايت). كلما زادت درجة الحرارة ووقت الطهي، زاد تركيز هذه الأمينات.
- الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات (PAHs): تتكون هذه المركبات عندما تتساقط الدهون والعصائر من اللحم على سطح التسخين الساخن (مثل الفحم أو الشواية)، مما يؤدي إلى اشتعالها وتصاعد الدخان الذي يحتوي على هذه المركبات. يلتصق الدخان والـ PAHs بسطح اللحم، ويزداد تركيزها في المناطق المتفحمة.
ربطت العديد من الدراسات الوبائية بين الاستهلاك المنتظم للحوم المطبوخة على درجات حرارة عالية (والتي تحتوي على مستويات عالية من HCAs و PAHs) وزيادة خطر الإصابة بأنواع معينة من السرطان، مثل سرطان القولون والمستقيم، وسرطان البنكرياس، وسرطان البروستاتا.
الطرق الصحية لطهي اللحوم
لحسن الحظ، توجد العديد من طرق الطهي التي تقلل بشكل كبير من تكوين هذه المركبات الضارة وتساعد في الحفاظ على القيمة الغذائية للحوم:
- الطهي على نار هادئة: يُعد الخبز في الفرن، أو التحمير البطيء، أو الطهي بالقدر، أو التدميس (stewing) من أفضل الخيارات. هذه الطرق تستخدم درجات حرارة منخفضة لفترات أطول، مما يساعد على تحلل الأنسجة الضامة وجعل اللحم طريًا دون تشكيل طبقة خارجية متفحمة أو حرق الدهون. كما أنها تقلل من فرص تكون الأمينات الحلقية غير المتجانسة بشكل ملحوظ.
- الطهي بالبخار والسلق: تُعتبر هذه الطرق من الأكثر صحية، حيث تحافظ على الرطوبة والعناصر الغذائية في اللحم. الطهي بالبخار يحمي اللحم من التعرض المباشر للحرارة العالية، بينما السلق يتضمن طهي اللحم في سائل، مما يمنع تكون القشور المحترقة أو المناطق المتفحمة.
- استخدام التتبيلات الصحية: التتبيلات الغنية بمضادات الأكسدة يمكن أن تكون درعًا واقيًا. أظهرت الأبحاث أن التتبيلات التي تحتوي على الأعشاب والتوابل (مثل الروزماري والزعتر والكركم) أو المكونات الحمضية (مثل الخل وعصير الليمون) يمكن أن تقلل من تكوين الأمينات الحلقية غير المتجانسة بنسبة تصل إلى 90%، لأن مضادات الأكسدة تعمل على تحييد الجذور الحرة التي تساهم في تكوين هذه المركبات.
- التقليب المتكرر: عند الشواء أو القلي، يساعد التقليب المتكرر لقطع اللحم على منع ارتفاع درجة حرارة أي جانب من جوانبه بشكل مفرط، مما يقلل من تشكل الطبقات المتفحمة ويقلل من تراكم المواد الضارة.
- الطهي المسبق: يمكن تقليل وقت تعرض اللحم للحرارة العالية والمباشرة عن طريق طهيه جزئيًا في الميكروويف أو سلقه لفترة قصيرة قبل نقله إلى الشواية أو المقلاة. هذا يقلل من وقت الطهي الكلي على الحرارة الشديدة.
- تقليل وقت التعرض للحرارة المباشرة: يمكن تحقيق ذلك عن طريق تقطيع اللحم إلى قطع أصغر، مما يقلل من الوقت اللازم لطهيه بالكامل. كما أن إزالة الدهون الزائدة قبل الطهي يقلل من احتمالية تساقطها على مصدر الحرارة وتكوين الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات.
- اختيار القطع الخالية من الدهون: القطع الأقل دهنية من اللحم تنتج كمية أقل من الدهون المتساقطة على الشواية، وبالتالي تقلل من تكوين الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات.
لماذا يهم هذا الأمر؟
إن الوعي بطرق الطهي لا يقل أهمية عن اختيار نوعية الطعام نفسه. تُسلط هذه التوجيهات الضوء على أن تبني ممارسات طهي صحية يمكن أن يُمكن الأفراد من الاستمتاع بفوائد اللحوم الغنية بالبروتين والمغذيات مع تقليل المخاطر الصحية المحتملة المرتبطة ببعض أساليب الطهي التقليدية. إن اتخاذ خيارات مستنيرة في المطبخ يعد خطوة أساسية نحو نمط حياة أكثر صحة ورفاهية.
نُشر في الخامس عشر من نوفمبر 2023.




