طهران تدعم وقف إطلاق النار بغزة وتدعو لضمان التزام إسرائيل
أعلنت إيران عن موقفها الداعم للمقترح الأخير لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والذي تم الإعلان عنه بوساطة دولية. وفي تصريحات رسمية صدرت في أوائل يونيو 2024، أعربت طهران عن ترحيبها المبدئي بالخطة، لكنها شددت في الوقت ذاته على ضرورة وجود ضمانات دولية لضمان التزام إسرائيل ببنود أي اتفاق يتم التوصل إليه، مؤكدة أن القرار النهائي يعود للفصائل الفلسطينية.

تفاصيل الموقف الإيراني
أوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، أن بلاده تنظر إلى المقترح كخطوة قد تساهم في إنهاء الصراع، لكنه ربط تقديم هذه الخطة بـ "صمود ومقاومة الشعب الفلسطيني". واعتبرت طهران أن فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها العسكرية بعد أشهر من الحرب هو ما دفعها إلى القبول بمثل هذه المبادرات. وأكد كنعاني أن إيران تدعم أي خطة تضمن تحقيق المطالب الرئيسية للفلسطينيين.
وحددت الخارجية الإيرانية عدة شروط أساسية تعتبرها جوهر أي اتفاق مقبول، وتشمل:
- الوقف الفوري والدائم لإطلاق النار وإنهاء العمليات العسكرية.
- الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من جميع أنحاء قطاع غزة.
- رفع الحصار المفروض على القطاع بشكل كامل وغير مشروط.
- البدء في عملية إعادة إعمار شاملة للمناطق المتضررة.
- إتمام عملية تبادل للأسرى والمحتجزين بين الطرفين.
كما عكس الموقف الإيراني شكوكًا عميقة تجاه نوايا الولايات المتحدة وإسرائيل، حيث دعا كنعاني المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته في إلزام إسرائيل بتنفيذ التزاماتها، مشيرًا إلى تجارب سابقة لم يتم فيها الالتزام بالاتفاقيات.
خلفية المقترح الأمريكي لوقف إطلاق النار
يأتي التعليق الإيراني في أعقاب إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن في 31 مايو 2024 عن خارطة طريق جديدة لإنهاء الحرب في غزة. ووصف بايدن المقترح بأنه خطة إسرائيلية تهدف إلى تحقيق وقف دائم لإطلاق النار عبر ثلاث مراحل رئيسية، تم تقديمها عبر الوسطاء في مصر وقطر.
تتضمن الخطة المقترحة المراحل التالية:
- المرحلة الأولى: تبدأ بهدنة مؤقتة لمدة ستة أسابيع، يتم خلالها سحب القوات الإسرائيلية من المناطق المأهولة بالسكان في غزة، وإطلاق سراح عدد من المحتجزين الإسرائيليين (خاصة النساء وكبار السن والجرحى) مقابل إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية وعودة النازحين إلى شمال القطاع.
- المرحلة الثانية: تشمل مفاوضات للتوصل إلى وقف دائم للأعمال القتالية، وفي حال نجاحها يتم إطلاق سراح جميع المحتجزين المتبقين، بما في ذلك الجنود، مقابل انسحاب إسرائيلي كامل من القطاع.
- المرحلة الثالثة: تركز على إطلاق خطة دولية كبرى لإعادة إعمار البنية التحتية والمنازل في غزة، والتي تستمر لعدة سنوات.
الأهمية والسياق الإقليمي
يكتسب الموقف الإيراني أهمية خاصة نظرًا لدور طهران كداعم رئيسي للفصائل الفلسطينية، بما في ذلك حركة حماس والجهاد الإسلامي. ويُنظر إلى موافقتها، حتى لو كانت مشروطة، على أنها قد تمثل ضوءًا أخضرًا لحلفائها للمضي قدمًا في المفاوضات. يعكس هذا الموقف استراتيجية إيران في الموازنة بين دعم "محور المقاومة" وتجنب الانجرار إلى صراع إقليمي واسع النطاق.
من خلال تأييدها لوقف إطلاق النار مع التحفظ على آليات التنفيذ، تسعى إيران إلى الظهور كقوة إقليمية مسؤولة تدعم الحلول الدبلوماسية، وفي الوقت نفسه، تستمر في تأكيد روايتها القائمة على أن الضغط العسكري والميداني من قبل حلفائها هو ما يجبر إسرائيل على تقديم التنازلات. ويراقب الوسطاء الدوليون والمجتمع الدولي عن كثب ردود أفعال جميع الأطراف المعنية، بما فيها إيران، لتقييم فرص نجاح المبادرة الأخيرة في إنهاء أحد أكثر الصراعات دموية في تاريخ المنطقة الحديث.





