عام من الحصار في رفح: اعتقالات بالأنفاق وغضب رقمي يتصاعد
تتجه الأنظار مجدداً نحو قطاع غزة، وبالتحديد مدينة رفح الواقعة أقصى الجنوب، حيث تشهد المنطقة تصاعداً في التوترات بعد عام كامل من الحصار المشدد. ففي الأيام الأخيرة، تصدرت صور ومقاطع فيديو تظهر اعتقال قوات الاحتلال الإسرائيلي لأفراد، قيل إنهم ينتمون لكتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، كانوا محاصرين داخل شبكة من الأنفاق تحت الأرض في رفح. هذه المشاهد أثارت موجة عارمة من الغضب والتعاطف عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، مسلطة الضوء مرة أخرى على الوضع الإنساني والأمني المتدهور في القطاع.

خلفية الأحداث: عام من الحصار وتوترات رفح
تأتي هذه التطورات في سياق حصار مستمر فرض على قطاع غزة عموماً، وعلى رفح تحديداً، والذي اشتدت وتيرته خلال الـ 365 يوماً الماضية. مدينة رفح، التي تقع على الحدود مع مصر، لطالما كانت نقطة محورية وحيوية. في الظروف العادية، تمثل معبراً رئيسياً لدخول المساعدات والبضائع، وواحدة من نقاط الخروج القليلة لسكان غزة. لكن في ظل الحصار الحالي، تحولت إلى بقعة مكتظة بالنازحين الذين فروا من مناطق أخرى في القطاع بحثاً عن الأمان المفقود. يواجه سكان رفح حالياً ظروفاً معيشية قاسية للغاية، تتميز بنقص حاد في الغذاء والماء والدواء والوقود، مما يفاقم الأزمة الإنسانية التي تصفها المنظمات الدولية بالكارثية.
لطالما لعبت الأنفاق دوراً معقداً في غزة، حيث استخدمت تاريخياً لأغراض مختلفة، بما في ذلك تهريب البضائع الضرورية في ظل الحصار، وكذلك من قبل الفصائل المسلحة. ومع تزايد العمليات العسكرية الإسرائيلية، أصبحت هذه الأنفاق هدفاً رئيسياً للقوات المهاجمة، التي تعتبرها بنية تحتية أساسية للمقاومة. ولهذا، فإن الكشف عن أنفاق جديدة أو استهدافها غالباً ما يكون جزءاً من استراتيجية عسكرية أوسع في المنطقة.
تفاصيل الاعتقالات والعمليات العسكرية
بحسب التقارير المتداولة، شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي عمليات عسكرية مكثفة في مناطق محددة من رفح، مستهدفة بشكل خاص البنية التحتية للأنفاق. وقد أظهرت لقطات مصورة، انتشرت بشكل واسع عبر الإنترنت، لحظات اعتقال أفراد زعم الاحتلال أنهم أعضاء في كتائب القسام. وأشارت هذه التقارير إلى أن الأفراد المعتقلين كانوا محاصرين داخل أحد الأنفاق، مما يعكس طبيعة العمليات التي تركز على استهداف هذه الشبكات تحت الأرض.
تظهر اللقطات المتداولة المعتقلين وهم يرتدون ملابس خفيفة أو داخلية، وقد تم تجريدهم من ملابسهم الخارجية في بعض الحالات، وهي ممارسات أثارت جدلاً واسعاً حول معاملة الأسرى والمدنيين. ورغم غياب التأكيد المستقل لجميع تفاصيل هذه العمليات في منطقة النزاع، فإن الصور والمقاطع المصورة كانت كافية لإشعال فتيل الغضب العالمي، خاصة مع السياق الأوسع للنزاع وتأثيره على المدنيين. وتتزامن هذه الأحداث مع تحذيرات دولية متكررة من أي عملية عسكرية واسعة النطاق في رفح، نظراً للكثافة السكانية الهائلة ووجود مئات الآلاف من النازحين في المنطقة.
ردود الفعل الرقمية وحملات التضامن
لم يمر خبر الاعتقالات ومشاهدها دون أن يترك أثره على الساحة الرقمية. شهدت منصات مثل X (تويتر سابقاً)، فيسبوك، انستغرام، وتيك توك، تدفقاً هائلاً للمحتوى المرتبط بالحدث. فقد انتشرت صور ومقاطع فيديو المعتقلين كالنار في الهشيم، مصحوبة بتعليقات غاضبة ومنشورات تندد بالعمليات العسكرية وتدعو إلى حماية المدنيين ووقف الحصار. وقد استخدم النشطاء مجموعة من الهاشتاجات التي أصبحت تتصدر قائمة الأكثر تداولاً، مثل #رفح_تحت_الحصار و #غزة_الآن، لزيادة الوعي وتسليط الضوء على الأزمة.
- تصاعدت الدعوات المطالبة بوقف فوري للعمليات العسكرية وحماية الأرواح.
- عبّر مستخدمو المنصات عن تضامنهم مع سكان غزة ورفضهم للانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان.
- لعبت هذه الحملات الرقمية دوراً محورياً في لفت انتباه الرأي العام العالمي والمؤسسات الدولية إلى الوضع المتدهور.
هذه الموجة من الغضب الرقمي ليست مجرد تعبير عن رأي، بل هي محاولة للضغط على الحكومات والمنظمات الدولية للتدخل ووضع حد لما يعتبره كثيرون انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني.
الأبعاد والتداعيات المحتملة
تحمل هذه الاعتقالات وتداعياتها الرقمية أبعاداً متعددة وتداعيات محتملة على عدة مستويات. على الصعيد الإنساني، من المتوقع أن تزيد هذه العمليات من تفاقم الوضع المتردي أصلاً في رفح، مما قد يؤدي إلى موجات نزوح جديدة وتفاقم أزمة الغذاء والرعاية الصحية. ومن الناحية السياسية، قد تضع هذه الأحداث ضغوطاً إضافية على المفاوضات الجارية بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، وتزيد من تعقيد الجهود الدبلوماسية الرامية إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة.
أمنياً، قد تؤدي هذه العمليات إلى تصعيد في المواجهات، مع احتمالية قيام الفصائل المسلحة برد فعل على الاعتقالات. على المدى الأطول، فإن استمرار الحصار والعمليات العسكرية في مناطق مكتظة بالسكان يثير تساؤلات جدية حول مدى التزام الأطراف بقواعد القانون الدولي الإنساني، وخاصة مبادئ التمييز والتناسب في استخدام القوة. كما أن الجدل حول الأنفاق ودورها يستمر في تغذية النقاش حول طبيعة الصراع وسبل إنهائه.
تظل رفح، بعد عام من الحصار المكثف ووسط هذه التطورات الأخيرة، بؤرة للتوتر الإنساني والسياسي. وبينما يتصاعد الغضب الرقمي، يبقى مصير مئات الآلاف من المدنيين العالقين في قلب هذا الصراع مجهولاً، مما يدعو إلى تحرك دولي عاجل وفعال لإنهاء المعاناة ووقف دوامة العنف.




