غرفة تجارة وصناعة الكويت تتوقع نمو سوق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات إلى 40 مليار دولار
كشفت غرفة تجارة وصناعة الكويت مؤخراً عن توقعات إيجابية وملفتة لمستقبل سوق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT) في البلاد. فبحسب بيانات الغرفة، التي صدرت في الفترة الأخيرة، من المتوقع أن يشهد هذا السوق نمواً كبيراً، حيث يُتوقع أن تصل قيمته إلى نحو 40 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2028. يأتي هذا التوقع بعد أن بلغت قيمة السوق 22.5 مليار دولار في عام 2023، مما يشير إلى قفزة نوعية وواسعة النطاق في غضون خمس سنوات فقط. وتؤكد الغرفة أن هذا النمو المتسارع مدعوم بشكل رئيسي بالاستثمارات المتزايدة في تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) وحلول البيانات المتقدمة، والتي تتغلغل في مجموعة واسعة من القطاعات الحيوية في الاقتصاد الكويتي.

خلفية وتطورات السوق الحالي
يمثل قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ركيزة أساسية في استراتيجيات التنمية الاقتصادية الحديثة لدولة الكويت، وهو جزء لا يتجزأ من رؤية الكويت 2035 الهادفة إلى تحويل البلاد إلى مركز مالي وتجاري إقليمي. تشير التقديرات إلى أن سوق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الكويت، الذي كان بقيمة 22.5 مليار دولار في عام 2023، قد شهد بالفعل تطوراً ملحوظاً بفضل الجهود الحكومية والخاصة لتبني التحول الرقمي. هذه التطورات لا تقتصر على تحديث البنية التحتية فحسب، بل تمتد لتشمل رقمنة الخدمات الحكومية، ودعم الابتكار في القطاع الخاص، وتوسيع نطاق استخدام التكنولوجيا الحديثة في شتى مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية. يعكس هذا الرقم الحالي قاعدة قوية يمكن البناء عليها لتحقيق التوقعات المستقبلية الطموحة.
المحركات الرئيسية للنمو المستقبلي
تستند توقعات غرفة تجارة وصناعة الكويت لنمو السوق إلى 40 مليار دولار على عدد من العوامل الدافعة والمحفزات الرئيسية، أبرزها الاستثمار المكثف في التقنيات المتطورة:
- الذكاء الاصطناعي (AI): يشكل الذكاء الاصطناعي حجر الزاوية في النمو المتوقع. فالتطبيقات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، مثل التحليلات التنبؤية، الأتمتة الذكية، وتعلم الآلة، بدأت تتكامل بسرعة في العمليات التجارية والحكومية. من المتوقع أن تساهم هذه التقنيات في تحسين الكفاءة التشغيلية، وتقديم خدمات مبتكرة، وخلق فرص عمل جديدة تتطلب مهارات متقدمة.
- تقنيات البيانات المتقدمة: يتزايد الطلب على حلول البيانات الكبيرة (Big Data) وتحليلاتها المتقدمة، بالإضافة إلى الحوسبة السحابية، بشكل كبير. تتيح هذه التقنيات للمؤسسات جمع وتحليل كميات هائلة من البيانات، مما يمكنها من اتخاذ قرارات أكثر استنارة ودقة، وفهم سلوك المستهلكين بشكل أفضل، وتخصيص الخدمات والمنتجات لتلبية الاحتياجات المتغيرة للسوق.
القطاعات المستفيدة من هذا التوسع
لن يقتصر تأثير هذا النمو المتوقع على قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بحد ذاته، بل سيمتد ليشمل قطاعات اقتصادية حيوية أخرى في الكويت، والتي تعتبر مستفيداً رئيسياً من هذه الاستثمارات التكنولوجية:
- قطاع الرعاية الصحية: يشهد القطاع الصحي تحولاً رقمياً لافتاً، حيث تتجه المستشفيات والعيادات لتبني السجلات الصحية الإلكترونية، وتطبيقات الطب عن بعد، والذكاء الاصطناعي في التشخيص والعلاج. هذه التقنيات تسهم في تحسين جودة الرعاية الصحية وفعاليتها.
- قطاع التعليم: يتزايد الاعتماد على المنصات التعليمية الرقمية، والفصول الدراسية الذكية، وأدوات التعلم التفاعلية المدعومة بالذكاء الاصطناعي. تهدف هذه الابتكارات إلى تعزيز التجربة التعليمية، وتوفير وصول أوسع للمعرفة، وتجهيز الأجيال القادمة بمهارات المستقبل.
- القطاع المالي: يعد القطاع المالي من أبرز القطاعات التي تتبنى التكنولوجيا بشكل سريع. تشمل التطورات في هذا القطاع الخدمات المصرفية الرقمية (FinTech)، وتطبيقات الدفع الإلكتروني، وتوظيف الذكاء الاصطناعي في تحليل المخاطر، بالإضافة إلى تعزيز الأمن السيبراني لحماية المعاملات المالية.
- قطاع الطاقة: تستفيد صناعة النفط والغاز، وهي العمود الفقري للاقتصاد الكويتي، من التقنيات الرقمية لتحسين كفاءة الاستكشاف والإنتاج، وإدارة الشبكات الذكية، وتطوير حلول الطاقة المتجددة. يسهم الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات في تحسين الأداء التشغيلي وتقليل التكاليف.
أهمية هذه التوقعات للاقتصاد الكويتي
تحمل هذه التوقعات الإيجابية التي أصدرتها غرفة تجارة وصناعة الكويت دلالات مهمة للاقتصاد الكويتي ككل. إن النمو المتوقع لسوق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ليس مجرد مؤشر على حجم سوق معين، بل هو محرك استراتيجي للتحول الاقتصادي الشامل. فهو يساهم في:
- تنويع مصادر الدخل: يقلل الاعتماد على النفط ويعزز القطاعات غير النفطية، وهو هدف أساسي لرؤية الكويت 2035.
- خلق فرص عمل جديدة: مع التوسع في القطاع، ستنشأ وظائف متخصصة تتطلب مهارات رقمية متقدمة، مما يدعم توطين الوظائف ويحفز الاستثمار في رأس المال البشري.
- تعزيز القدرة التنافسية: يمكن لتبني التكنولوجيا المتقدمة أن يعزز قدرة الشركات الكويتية على المنافسة إقليمياً وعالمياً، ويجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى القطاعات الواعدة.
- تحسين جودة الحياة: من خلال توفير خدمات رقمية أفضل وأكثر كفاءة للمواطنين والمقيمين في مجالات الصحة والتعليم والخدمات الحكومية.
في الختام، يؤكد توقع غرفة تجارة وصناعة الكويت على الدور المحوري الذي تلعبه تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في رسم ملامح مستقبل الكويت الاقتصادي. ومع استمرار الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي وتقنيات البيانات، تبدو آفاق نمو سوق تكنولوجيا المعلومات واعدة، مما يبشر بتحقيق أهداف التنمية المستدامة والتحول نحو اقتصاد أكثر ابتكاراً وتنوعاً.





