فتح تدين إعدام هشام الصفطاوي على يد حماس وتصفه بـ«الجريمة البشعة»
في الأيام الأخيرة من شهر أكتوبر 2023، شهدت الساحة الفلسطينية تصعيداً جديداً في التوترات بين حركتي فتح وحماس، وذلك إثر إدانة حركة فتح الشديدة لإعدام مواطن فلسطيني يدعى هشام الصفطاوي في قطاع غزة، الذي تديره حماس. وصفت فتح هذا الإعدام بـ«الجريمة البشعة»، محذرة من تداعياته الخطيرة على النسيج المجتمعي الفلسطيني ومستقبل المصالحة الوطنية.

الخلفية: صراع دائم وتوتر متصاعد
تعتبر حادثة إعدام الصفطاوي فصلاً جديداً في تاريخ طويل من الخلافات والصراعات بين حركتي فتح وحماس، اللتين تشكلان القوتين السياسيتين الرئيسيتين في الأراضي الفلسطينية. بدأ الانقسام بشكل حاد عام 2007 بعد سيطرة حماس على قطاع غزة، بينما واصلت فتح حكم الضفة الغربية. هذا الانقسام أدى إلى نظامين إداريين وقانونيين منفصلين، وتخللتهما اتهامات متبادلة بالاعتقالات السياسية، وانتهاكات حقوق الإنسان، والتآمر.
على مر السنين، شهدت جهود المصالحة الفلسطينية العديد من المبادرات التي باءت بالفشل، وذلك بسبب عمق الخلافات السياسية والأمنية والايديولوجية بين الجانبين. غالباً ما تكون الإجراءات الأمنية أو القضائية المتخذة من قبل أي من الحركتين تجاه أفراد محسوبين على الطرف الآخر سبباً في تأجيج التوترات وعرقلة أي تقدم نحو الوحدة الوطنية.
تفاصيل حادثة إعدام هشام الصفطاوي
وفقاً للتقارير المتداولة وبيانات حركة فتح، فإن هشام الصفطاوي كان ناشطاً سابقاً ومنتمياً لحركة فتح، وقد تم إعدامه في قطاع غزة من قبل السلطات الأمنية التابعة لحماس. تشير المعلومات الأولية إلى أن الصفطاوي قد وجهت إليه تهم تتعلق بـالتخابر أو المساس بالأمن الداخلي، وهي تهم غالباً ما تكون حساسة في سياق الصراع الفلسطيني الداخلي والإقليمي.
أوضحت فتح أن عملية الإعدام تمت بعد محاكمة وصفتها بأنها تفتقر إلى أدنى معايير العدالة والشفافية، وأنها لم تمنح الصفطاوي الحقوق الكاملة في الدفاع عن نفسه. وتؤكد فتح أن هذا الإجراء يتجاوز الصلاحيات القانونية ويخالف القوانين الأساسية التي تحظر الإعدام إلا في أضيق الحدود وبعد محاكمات عادلة تضمن كافة حقوق المتهم.
ردود فعل حركة فتح
جاء رد فعل حركة فتح قوياً وحاداً، حيث أصدرت بيانات رسمية تدين بشدة ما أسمته «الجريمة النكراء» و«الإعدام خارج إطار القانون». أبرزت فتح النقاط التالية في ردها:
- وصف الإعدام بـ«الجريمة البشعة» و«الخارجة عن كل الأعراف والقوانين»، مؤكدة أنه يعمق الانقسام ويصب في مصلحة الاحتلال.
 - المطالبة بتحقيق فوري وشفاف في ملابسات الحادثة ومحاسبة المسؤولين عنها.
 - التحذير من تداعيات هذا الإجراء على أي مساعٍ للمصالحة الوطنية، معتبرة أن مثل هذه الأفعال تقوض الثقة بين الفصائل.
 - دعوة المنظمات الحقوقية والإنسانية للتدخل لوقف ما وصفته بـ«الانتهاكات المتكررة» لحقوق الإنسان في قطاع غزة.
 
شددت قيادات فتح على أن إعدام الصفطاوي يعكس غياب سيادة القانون في غزة ويؤكد على ضرورة إنهاء الانقسام واستعادة الشرعية الواحدة للسلطة الفلسطينية.
موقف حماس والجهات المرتبطة بها
في المقابل، لم يصدر عن حركة حماس حتى الآن (في سياق هذه الأخبار) رد مفصل أو تبرير علني مباشر حول حادثة هشام الصفطاوي على وجه التحديد. لكن من المعروف أن حماس تبرر عمليات الإعدام التي تنفذها، خاصة تلك المتعلقة بتهم التخابر أو التجسس، بأنها تأتي في إطار حماية الأمن القومي والمحافظة على مقاومة الشعب الفلسطيني، وأنها تستند إلى أحكام قضائية صادرة عن محاكمها في غزة. وعادة ما تؤكد حماس على استقلال قضائها، لكن هذه المحاكم تفتقر إلى الاعتراف الدولي بسبب الشكوك حول استقلاليتها ونزاهتها.
التداعيات والآثار المحتملة
من المتوقع أن يكون لإعدام هشام الصفطاوي ورد فعل فتح القوي تداعيات وخيمة على المشهد الفلسطيني:
- تعميق الانقسام: يزيد هذا الحادث من حدة التوتر بين حماس وفتح، ويضع عقبة جديدة أمام أي جهود مستقبلية للمصالحة الوطنية، التي تبدو الآن أبعد من أي وقت مضى.
 - تدهور الوضع الحقوقي: يثير هذا الإعدام مخاوف جدية لدى المنظمات الحقوقية المحلية والدولية بشأن سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان في قطاع غزة، لا سيما فيما يتعلق بالمحاكمات العادلة وتطبيق عقوبة الإعدام.
 - تأثير على الرأي العام: قد يؤدي إلى استقطاب أوسع في الشارع الفلسطيني، حيث يرى البعض أن الإعدام ضروري للأمن، بينما يدينه آخرون بشدة كعملية انتقامية سياسية أو انتهاك صارخ للحقوق.
 - ضغط دولي محتمل: قد يؤدي هذا الحدث إلى زيادة الضغوط الدولية على حماس بخصوص سجلها في مجال حقوق الإنسان وسيادة القانون.
 
باختصار، يمثل إعدام هشام الصفطاوي نقطة اشتعال جديدة في الصراع الفلسطيني الداخلي، ويحمل معه احتمالية لتصعيد التوترات وتقويض أي فرص متبقية للوحدة الوطنية، في وقت تتزايد فيه التحديات الخارجية التي تواجه الشعب الفلسطيني.


