فرص وتحديات تأهل منتخبات العراق والسعودية وقطر والإمارات إلى كأس العالم 2026
مع اقتراب موعد انطلاق بطولة كأس العالم 2026 في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، تتصاعد وتيرة المنافسة في القارة الآسيوية، حيث تسعى منتخبات عربية بارزة، هي العراق والمملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة، لانتزاع بطاقة التأهل المباشر إلى هذا المحفل الكروي العالمي الكبير. يمثل التوسع الأخير في عدد المنتخبات المشاركة في البطولة إلى 48 فريقاً فرصة تاريخية للقارة الآسيوية، التي باتت تمتلك حصة أكبر من المقاعد المباشرة، مما يرفع من آمال هذه الدول في تحقيق حلم المونديال.

تشهد تصفيات آسيا المؤهلة لكأس العالم 2026 مراحل حاسمة، حيث تتفاوت حظوظ هذه المنتخبات وتتداخل السيناريوهات المعقدة التي قد تؤهلها مباشرة، أو تدفعها نحو خوض ملحق آسيوي أو حتى عالمي، وهو المسار الذي تسعى جميعها لتجنبه. تتجه الأنظار نحو الأداء في الجولات المتبقية، والتي ستحدد مصير هذه المنتخبات الطموحة.
خلفية عن تصفيات كأس العالم 2026 في آسيا
يشهد نظام التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم 2026 تغييرات جوهرية تعكس زيادة عدد المقاعد المخصصة للقارة من 4.5 إلى 8.5 مقاعد. يمر هذا النظام بخمس مراحل رئيسية، مما يجعله طويلاً وشاقاً ولكنه يمنح فرصاً أكبر للمنتخبات المختلفة. بدأت هذه التصفيات بمشاركة واسعة، حيث تتنافس الفرق في جولات متتالية لتضييق الخناق وصولاً إلى المتأهلين الثمانية بشكل مباشر، بالإضافة إلى فريق يخوض الملحق العالمي.
- الجولة الأولى: شاركت فيها المنتخبات الأقل تصنيفاً، وتأهل منها 10 منتخبات للمرحلة التالية.
- الجولة الثانية: تضم 36 منتخباً (26 الأعلى تصنيفاً و10 متأهلين من الجولة الأولى)، موزعة على 9 مجموعات. يتأهل صاحبا المركزين الأول والثاني من كل مجموعة (بإجمالي 18 منتخباً) إلى الجولة الثالثة. وقد أظهرت هذه الجولة مستويات متفاوتة للمنتخبات العربية المعنية، حيث أكدت بعضها جدارتها بينما واجهت أخرى تحديات في تأمين صدارتها.
- الجولة الثالثة: تعتبر هذه الجولة هي الأكثر أهمية للتأهل المباشر، حيث يتم تقسيم الـ 18 منتخباً المتأهلة إلى 3 مجموعات، تضم كل منها 6 فرق. يتنافس كل منتخب في 10 مباريات (ذهاباً وإياباً). يتأهل أصحاب المركزين الأول والثاني من كل مجموعة (بإجمالي 6 منتخبات) مباشرة إلى كأس العالم 2026. هذه هي الفرص الأولى والأكثر وضوحاً للتأهل.
- الجولة الرابعة: المنتخبات التي تحتل المركزين الثالث والرابع في المجموعات الثلاث من الجولة الثالثة (بإجمالي 6 منتخبات) تنتقل إلى هذه الجولة. يتم تقسيمها إلى مجموعتين، تضم كل منها 3 فرق. يلعب كل منتخب مباراتين. يتأهل الفائز من كل مجموعة (بإجمالي منتخبان) مباشرة إلى كأس العالم 2026.
- الجولة الخامسة (الملحق الآسيوي): يلتقي صاحبا المركز الثاني من المجموعتين في الجولة الرابعة في مباراة فاصلة. الفائز من هذه المباراة يمثل آسيا في الملحق العالمي بين القارات، والذي يمنح فرصة إضافية للتأهل.
هذا النظام المفصل يبرز أهمية كل مباراة في هذه التصفيات، حيث لا يزال الطريق طويلاً ومليئاً بالمنعطفات التي قد تغير مصير أي منتخب في أي لحظة. إن الإعداد الجيد، اللياقة البدنية، والتكتيكات المحكمة هي مفاتيح النجاح في هذا السباق الماراثوني.
تطورات و سيناريوهات المنتخبات العربية المعنية
تشهد هذه المنتخبات فترات متفاوتة من الأداء والاستعداد، ومع اقتراب الجولات الحاسمة، تتبلور سيناريوهاتها المحتملة بشكل أوضح:
المملكة العربية السعودية: يمتلك المنتخب السعودي تاريخاً عريقاً في التأهل لكأس العالم، حيث شارك في البطولة عدة مرات، ويسعى لتعزيز هذا السجل. يتميز المنتخب السعودي بامتلاكه قاعدة جماهيرية واسعة ودوري محلي قوي يضم العديد من اللاعبين المميزين، فضلاً عن خبرة المدربين القادرين على قيادة الفريق في مثل هذه الاستحقاقات الكبيرة. في المراحل المتقدمة من التصفيات الجارية، غالباً ما تكون السعودية من بين المرشحين الأقوياء لانتزاع إحدى البطاقات المباشرة. يعتمد سيناريو تأهلهم بشكل كبير على الحفاظ على أدائهم المستقر، خاصة في مواجهة الفرق القوية في مجموعتهم، واستغلال المباريات على أرضهم لتحقيق أقصى عدد من النقاط. أي تعثر قد يضعهم في مسار الملحق، لكن الطموح السعودي دائماً ما يكون نحو التأهل المباشر.
قطر: بعد مشاركتها المستضيفة في كأس العالم 2022، تسعى قطر لإثبات نفسها كقوة كروية آسيوية دائمة. بطل كأس آسيا مرتين متتاليتين يمتلك جيلاً موهوباً من اللاعبين الشباب وتكتيكاً متماسكاً، بالإضافة إلى استقرار فني وإداري. بدأت قطر حملتها التصفيات بقوة في الجولات الأولى، مظهرة قدرة كبيرة على حسم المباريات. سيناريو تأهل قطر المباشر يبدو واعداً، خاصة إذا حافظت على مستوى تركيزها وأدائها. التحدي الأكبر يكمن في التعامل مع الضغوط النفسية لمواجهات الفرق ذات الخبرة في الجولات المتقدمة، لكن استقرار الفريق وقدرته على اللعب الجماعي يمنحانها أفضلية كبيرة. تهدف قطر إلى حجز مقعدها المباشر لتجنب أي تعقيدات في الملاحق.
العراق: تعتبر مشاركة العراق في كأس العالم عام 1986 محفورة في ذاكرة الأمة، ويحلم الجمهور العراقي بتكرار هذا الإنجاز. يتميز المنتخب العراقي بالروح القتالية العالية والدعم الجماهيري الكبير، ويضم في صفوفه لاعبين محترفين في دوريات أجنبية، مما يعزز من قوته. في التصفيات الحالية، أظهر المنتخب العراقي تطوراً ملحوظاً، وقدم مباريات قوية أمام منتخبات آسيوية عريقة. سيناريوهات تأهل العراق تتراوح بين انتزاع بطاقة مباشرة مفاجئة إذا استمرت نتائجه الإيجابية أمام الكبار، أو خوض مسار الملحق الآسيوي كخيار واقعي. يتطلب التأهل المباشر من العراق تحقيق انتصارات حاسمة في المباريات الصعبة خارج أرضه، بالإضافة إلى استغلال عاملي الأرض والجمهور لصالحه في مواجهاته داخل الديار. المعركة ستكون شرسة، لكن الإيمان بقدرات الفريق عالٍ.
الإمارات العربية المتحدة: سبق لـالإمارات أن تأهلت لكأس العالم مرة واحدة في عام 1990، وتسعى لاستعادة أمجادها الكروية. يمتلك المنتخب الإماراتي دورياً محلياً قوياً يفرز العديد من المواهب، وتاريخاً مشرفاً في المشاركات الآسيوية. في المراحل الجارية، واجهت الإمارات تحديات متفاوتة، حيث أظهرت مستويات فنية جيدة في بعض المباريات، لكنها تحتاج إلى المزيد من الاستمرارية والثبات لضمان التأهل المباشر. سيناريو تأهل الإمارات قد يعتمد على نتائجها في المواجهات المباشرة مع منافسيها الرئيسيين في مجموعتها، وقد تجد نفسها في صراع محتدم على المركزين الثاني والثالث، مما قد يدفعها نحو خوض غمار الملحق الآسيوي. التركيز على تحقيق أقصى النقاط في المباريات المتبقية سيكون حاسماً لمصيرها.
أهمية الخبر وتأثيره
لا يقتصر تأهل هذه المنتخبات إلى كأس العالم على الجانب الرياضي فقط، بل يمتد ليشمل جوانب وطنية واقتصادية واجتماعية متعددة. يعتبر تحقيق هذا الإنجاز مصدراً للفخر الوطني والوحدة، حيث تتجمع الشعوب حول منتخباتها لدعمها. على الصعيد الاقتصادي، يساهم التأهل في تعزيز السياحة والاستثمار وتنشيط الحركة التجارية من خلال الرعاية والإعلانات. كما يعزز من مكانة هذه الدول على الخريطة العالمية، ليس فقط كقوى رياضية بل كدول قادرة على المنافسة في المحافل الدولية. على المستوى الرياضي، يمنح التأهل دفعة قوية لتطوير كرة القدم المحلية، ويلهم الأجيال الشابة للانخراط في اللعبة وتحقيق أحلامهم الرياضية. إن التنافس الإقليمي بين هذه الدول يضيف بعداً آخر من الإثارة إلى هذه التصفيات، حيث تتنافس ليس فقط على بطاقات التأهل ولكن أيضاً على التفوق الكروي في المنطقة.
الخلاصة
مع استمرار مراحل التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2026، تتجه الأنظار نحو منتخبات العراق والسعودية وقطر والإمارات، كل منها يمتلك طموحاته وتحدياته الخاصة. إن التوسع في عدد المنتخبات المشاركة يمنح القارة الآسيوية، وبالتالي هذه الدول، فرصة غير مسبوقة لتحقيق التأهل المباشر. ستكون الجولات القادمة حاسمة في تحديد مصير هذه المنتخبات، والتي يتعين عليها تقديم أفضل مستوياتها لانتزاع البطاقات الثمينة وتجنب المسارات الشاقة للملاحق. إن الشغف الكروي والدعم الجماهيري سيكونان عاملين حاسمين في رحلة هذه المنتخبات نحو تحقيق حلم كأس العالم 2026.





