قيادي بحماس يؤكد الجاهزية للرد على أي عدوان إسرائيلي محتمل
في تصريحات حاسمة أدلى بها مؤخرًا، أكد عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، حسام بدران، أن الحركة مستعدة تمامًا لمواجهة أي تصعيد عسكري إسرائيلي قد يطرأ على قطاع غزة. جاء هذا الموقف الواضح في خضم مرحلة حساسة تتسم بالتوترات المتصاعدة والمفاوضات المعقدة حول مستقبل الهدنة الهشة الجارية، وشدد بدران على أن أي استئناف للعمليات العدوانية من جانب إسرائيل سيُقابل برد فعل حاسم من قبل حماس.

خلفية الصراع والمفاوضات المتوقفة
تأتي تصريحات بدران في ظل وضع متفجر يعيشه قطاع غزة، الذي يشهد منذ 7 أكتوبر 2023 عمليات عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق، جاءت ردًا على هجوم مباغت شنته حماس على بلدات ومستوطنات إسرائيلية محاذية للقطاع. وقد خلفت هذه العمليات دمارًا هائلًا وخسائر بشرية فادحة، مما أدى إلى نزوح أكثر من 85% من سكان القطاع وتدمير شبه كامل للبنية التحتية، وسط تحذيرات أممية من مجاعة وشيكة وكارثة إنسانية غير مسبوقة.
لقد شهدت الأشهر الماضية جولات متقطعة من المفاوضات، بوساطة قطرية ومصرية وأمريكية، بهدف التوصل إلى وقف لإطلاق النار وتبادل للأسرى. ونجحت هذه الجهود في التوصل إلى هدنة مؤقتة في أواخر العام الماضي، أسفرت عن إطلاق سراح عدد من الأسرى الإسرائيليين مقابل معتقلين فلسطينيين، إلى جانب دخول كميات محدودة من المساعدات الإنسانية. إلا أن هذه الهدنة لم تصمد طويلًا، وتوقفت المحادثات مرات عدة بسبب تباعد المواقف بين الجانبين، خاصة فيما يتعلق بضمانات وقف إطلاق النار الدائم، وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة، وعودة النازحين.
وبحسب تصريحات بدران، فإن المفاوضات المتعلقة بـ "المرحلة الثانية" من أي اتفاق محتمل، والتي يُتوقع أن تتضمن إطلاق سراح المزيد من الأسرى وتوسيع نطاق المساعدات، تبدو أكثر تعقيدًا بكثير. وهذا يعكس الصعوبات الجوهرية في سد الفجوات بين مطالب حماس، التي تركز على وقف شامل ودائم للعدوان، وموقف إسرائيل الذي يشدد على تحقيق أهدافها العسكرية قبل أي التزام بإنهاء الحرب.
رسالة حماس التحذيرية
تعتبر تصريحات حسام بدران بمثابة تحذير صريح لإسرائيل من مغبة استئناف عملياتها العسكرية في غزة. وتتلخص النقاط الأساسية التي أرادت حماس إيصالها من خلال هذا التصريح في الآتي:
- الاستعداد القتالي المستمر: أكدت الحركة على جاهزيتها العملياتية واللوجستية الكاملة لاستئناف القتال والدفاع عن نفسها وشعبها في حال انتهكت إسرائيل الهدنة أو شنت هجمات جديدة. وهذا يؤكد أن القدرات العسكرية للحركة لم يتم القضاء عليها بشكل كامل، رغم الحملة العسكرية الإسرائيلية المكثفة.
 - سياسة الرد بالمثل: شدد بدران على أن أي عمل عدواني إسرائيلي سيُقابل برد فعل مباشر ومناسب من جانب حماس، وهو ما يشير إلى التزام الحركة بمبدأ الرد على أي تصعيد.
 - تعقيد مسار المفاوضات: تسليط الضوء على أن المرحلة الثانية من المفاوضات ستكون "أكثر تعقيدًا" يعكس الإدراك بأن التوصل إلى تفاهمات شاملة ودائمة يتطلب تنازلات كبيرة من الطرفين، ويشير إلى وجود عقبات جدية قد تعرقل التقدم نحو إنهاء الصراع.
 
تستهدف هذه الرسالة، بالإضافة إلى إسرائيل، المجتمع الدولي، لتؤكد أن حماس لا تزال فاعلًا رئيسيًا في المشهد، وأن أي حلول مستقبلية يجب أن تأخذ في الاعتبار مطالبها ومواقفها.
التداعيات المحتملة والآفاق المستقبلية
تحمل تصريحات القيادي الحمساوي دلالات عميقة على مستقبل الصراع وتداعياته المحتملة:
- التهديد باستمرار التصعيد: تُظهر هذه التصريحات أن خطر العودة إلى جولات عنف أشد لا يزال قائمًا بقوة، وأن الحلول الدبلوماسية تواجه تحديات جمة.
 - تأثير على مسار المفاوضات: قد تدفع هذه المواقف الأطراف الوسيطة إلى بذل جهود أكبر لتقريب وجهات النظر، أو قد تؤدي إلى تصلب المواقف وتوقف المحادثات بشكل كامل.
 - الوضع الإنساني الكارثي: أي استئناف للعمليات العسكرية سيؤدي حتمًا إلى تفاقم الأزمة الإنسانية غير المسبوقة في غزة، حيث يعيش ملايين الفلسطينيين في ظروف صعبة للغاية، ويعتمدون بشكل كبير على المساعدات التي لا تصلهم بالقدر الكافي.
 - الاستقطاب الإقليمي والدولي: ستساهم أي جولة جديدة من العنف في تعميق الانقسامات الإقليمية والدولية بشأن الصراع، وتثير مزيدًا من الدعوات لوقف فوري لإطلاق النار وحماية المدنيين.
 
في ظل هذه المعطيات المعقدة، يبقى مصير قطاع غزة والجهود المبذولة لوقف الحرب معلقًا على مدى قدرة الأطراف الفاعلة على التوصل إلى حلول مستدامة تحول دون تجدد العنف وتضمن حماية المدنيين، بعيدًا عن لغة التهديد والوعيد التي قد تعقد المشهد أكثر.


