كأس العالم 2026: رحلة المنتخبات نحو البطولة الموسعة وتوزيع المقاعد
مع اقتراب نهاية عام 2024، تتجه أنظار عشاق كرة القدم حول العالم نحو النسخة القادمة من كأس العالم 2026، التي ستشهد تحولاً تاريخياً بتوسيع عدد المنتخبات المشاركة من 32 إلى 48 فريقاً للمرة الأولى. هذه البطولة، التي تستضيفها ثلاث دول هي الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك، تعد بمستوى غير مسبوق من الإثارة والتنافسية، حيث تتسابق المنتخبات الوطنية عبر القارات لضمان مقعد لها في هذا الحدث الكروي الأضخم.

الحديث عن عدد معين من المنتخبات في هذه المرحلة، مثل «28 منتخباً»، قد يكون جزءاً من سياق زمني أولي أو يشير إلى مرحلة معينة من التصفيات. لكن الصورة الكبرى تؤكد أن البطولة ستضم 48 فريقاً، مما يفتح الأبواب أمام دول لم تكن لتتأهل في السابق، ويعد بوجوه جديدة ومفاجآت محتملة في المنافسات النهائية.
الخلفية: توسيع كأس العالم ونظام الاستضافة المشتركة
في عام 2017، اتخذ الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) قراراً تاريخياً بتوسيع كأس العالم من 32 إلى 48 منتخباً، بدءاً من نسخة 2026. جاء هذا القرار بهدف زيادة الشمولية ومنح المزيد من الدول فرصة المشاركة في أهم بطولة كروية عالمية، بالإضافة إلى تعزيز العوائد الاقتصادية للفيفا والاتحادات الأعضاء. تزامناً مع هذا التوسع، تم اعتماد نظام استضافة مشترك لثلاث دول هي الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك، مما يمثل سابقة أخرى في تاريخ البطولة. ستستضيف الولايات المتحدة معظم المباريات بما في ذلك النهائي، بينما تحتضن كندا والمكسيك عدداً أقل من المواجهات.
يضمن هذا التوسع زيادة عدد المباريات في البطولة إلى 104 مباريات بدلاً من 64، ويخلق نظاماً جديداً للمجموعات يتألف من 12 مجموعة، كل منها تضم أربعة منتخبات. يتأهل صاحبا المركزين الأول والثاني، بالإضافة إلى أفضل 8 فرق احتلت المركز الثالث، إلى دور الـ32، مما يضيف طبقة جديدة من الإثارة والتحدي للمنافسة.
توزيع المقاعد الجديد على الاتحادات القارية
مع زيادة عدد المنتخبات، أعاد الفيفا توزيع المقاعد المخصصة لكل اتحاد قاري، مما أحدث تغييراً جذرياً في فرص التأهل. هذا التوزيع يضمن تمثيلاً أوسع لمختلف القارات في البطولة. فيما يلي التوزيع الجديد للمقاعد المباشرة، بالإضافة إلى المقاعد المخصصة للملحق القاري:
- الاتحاد الآسيوي لكرة القدم (AFC): تم تخصيص 8 مقاعد مباشرة، بالإضافة إلى مقعد واحد يشارك في الملحق القاري.
- الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (CAF): حصل على 9 مقاعد مباشرة، بالإضافة إلى مقعد واحد يشارك في الملحق القاري.
- اتحاد أمريكا الشمالية والوسطى والكاريبي لكرة القدم (CONCACAF): بما أنه أحد الاتحادات المستضيفة، فقد تأهلت كندا والمكسيك والولايات المتحدة الأمريكية تلقائياً. بالإضافة إلى ذلك، تم تخصيص 3 مقاعد مباشرة أخرى للفرق غير المستضيفة، ومقعدين يشاركان في الملحق القاري.
- اتحاد أمريكا الجنوبية لكرة القدم (CONMEBOL): حصل على 6 مقاعد مباشرة، بالإضافة إلى مقعد واحد يشارك في الملحق القاري.
- اتحاد أوقيانوسيا لكرة القدم (OFC): تم تخصيص مقعد واحد مباشر لأول مرة، بالإضافة إلى مقعد واحد يشارك في الملحق القاري.
- الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (UEFA): وهو الاتحاد صاحب أكبر عدد من المقاعد، فقد حصل على 16 مقعداً مباشراً.
إلى جانب هذه المقاعد، سيتنافس 6 منتخبات من خمسة اتحادات قارية (باستثناء الاتحاد الأوروبي) في بطولة ملحق قاري لتحديد المقعدين الأخيرين المؤهلين لكأس العالم.
المستجدات في التصفيات القارية (اعتباراً من أواخر 2024)
بدأت التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2026 بالفعل في العديد من القارات، حيث تخوض المنتخبات مراحل مختلفة من المنافسة الشرسة. تختلف أنظمة التصفيات من قارة لأخرى، لكن الهدف واحد: حجز مكان ضمن الـ 48 فريقاً الكبار.
- آسيا (AFC): انطلقت التصفيات الآسيوية في أواخر عام 2023، وتمر بمراحل متعددة. تتنافس المنتخبات القوية مثل اليابان وكوريا الجنوبية والسعودية وأستراليا وقطر وإيران على المقاعد الثمانية المباشرة. المرحلة الثانية من التصفيات تضع الفرق في مجموعات تتنافس على الانتقال إلى المرحلة الثالثة الأكثر حسماً.
- أفريقيا (CAF): بدأت التصفيات الأفريقية في نوفمبر 2023، وتتكون من تسع مجموعات، يتأهل منها متصدرو المجموعات مباشرة لكأس العالم، بينما تخوض أفضل الفرق صاحبة المركز الثاني ملحقاً قارياً. فرق مثل المغرب والسنغال ومصر ونيجيريا وغانا وساحل العاج تعتبر من أبرز المرشحين للتأهل.
- أمريكا الجنوبية (CONMEBOL): نظام التصفيات في أمريكا الجنوبية هو الأطول والأكثر صعوبة، حيث تلعب 10 منتخبات في دوري من مرحلتين (ذهاب وإياب). انطلقت التصفيات في سبتمبر 2023، وتتنافس منتخبات عريقة مثل الأرجنتين والبرازيل والأوروغواي وكولومبيا على المقاعد الستة المباشرة، بالإضافة إلى فرصة التأهل عبر الملحق القاري.
- أمريكا الشمالية والوسطى والكاريبي (CONCACAF): مع تأهل الولايات المتحدة وكندا والمكسيك تلقائياً، بدأت بقية منتخبات القارة تصفياتها في مارس 2024. يتنافسون على المقاعد الثلاثة المباشرة المتبقية، بالإضافة إلى مقعدين في الملحق القاري، مما يجعل المنافسة قوية بين فرق مثل كوستاريكا وبنما وهندوراس وجامايكا.
- أوقيانوسيا (OFC): بدأت التصفيات الأوقيانوسية في سبتمبر 2024. نظراً لعدد الفرق الأقل والفرصة الجديدة لمقعد مباشر، يتوقع أن تكون المنافسة محتدمة، مع ترشح نيوزيلندا كالمعتاد لتمثيل القارة.
- أوروبا (UEFA): من المتوقع أن تبدأ التصفيات الأوروبية بعد انتهاء بطولة أمم أوروبا 2024. ستشمل التصفيات مجموعات متعددة، يتأهل منها متصدرو المجموعات مباشرة، بينما تتنافس فرق أخرى في نظام ملحق معقد لحجز المقاعد الـ 16 المخصصة للقارة.
أهمية التوسعة والآثار المتوقعة
ينظر إلى توسيع كأس العالم على أنه خطوة نحو عولمة أكبر لكرة القدم. فبزيادة عدد المنتخبات المشاركة، تتاح الفرصة لعدد أكبر من الدول، خاصة تلك التي كانت تكافح للتأهل ضمن النظام القديم، لعرض مواهبها على الساحة العالمية. هذا يعزز من تطوير كرة القدم في هذه الدول ويزيد من قاعدة الجماهيرية للعبة. كما أن الاستضافة المشتركة بين ثلاث دول تتطلب تنسيقاً لوجستياً غير مسبوق، لكنها تعد بتجربة فريدة للجماهير واللاعبين على حد سواء.
على الجانب الآخر، تثار بعض التساؤلات حول تأثير التوسع على مستوى جودة البطولة ككل، حيث يرى البعض أن زيادة عدد الفرق قد يؤدي إلى تخفيف حدة المنافسة في بعض المباريات الأولى. ومع ذلك، يؤكد الفيفا أن الفوائد المتمثلة في زيادة الشمولية والفرص تفوق أي مخاوف محتملة.
في الختام، تعد كأس العالم 2026 محطة فارقة في تاريخ كرة القدم العالمية. وبينما تتواصل رحلة التصفيات عبر القارات، يترقب الجميع الكشف عن قائمة الـ 48 منتخباً التي ستتنافس على اللقب الأغلى، في بطولة تعد بأن تكون الأكبر والأكثر تنوعاً على الإطلاق.





