كشف وثائق أمريكية: مادورو يطلب دعماً عسكرياً عاجلاً من روسيا والصين وإيران
كشفت تقارير استندت إلى وثائق حكومية أمريكية داخلية، تم تسريبها في منتصف عام 2020، أن حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو وجهت طلبات عاجلة للحصول على مساعدات عسكرية من حلفائها الرئيسيين، وتحديداً روسيا والصين وإيران. جاءت هذه الخطوة، التي وُصفت بأنها "خطة الرسائل الثلاث"، كرد فعل على تصاعد التوترات مع الولايات المتحدة وزيادة وجودها العسكري في منطقة البحر الكاريبي.

خلفية التوترات المتصاعدة
أتت هذه التطورات في سياق من العداء طويل الأمد بين واشنطن وكاراكاس. ففي أواخر مارس 2020، وجهت وزارة العدل الأمريكية اتهامات إلى الرئيس مادورو وعدد من كبار المسؤولين في حكومته بتهم تتعلق بـ"الإرهاب المرتبط بالمخدرات"، ورصدت مكافأة مالية ضخمة لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى اعتقالهم. عقب ذلك مباشرة، أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب عن إطلاق عملية واسعة لمكافحة المخدرات في نصف الكرة الغربي، والتي تضمنت نشر سفن حربية وطائرات مراقبة في البحر الكاريبي، على مقربة من السواحل الفنزويلية. وقد فسرت حكومة مادورو هذه التحركات على أنها استعداد لعمل عسكري وشيك وتهديد مباشر لسيادة البلاد.
محتوى الرسائل العاجلة
وفقًا للمعلومات التي أوردتها صحيفة "واشنطن بوست" استنادًا إلى الوثائق المسربة، فإن الطلبات الفنزويلية كانت محددة للغاية وهدفت إلى تعزيز القدرات الدفاعية للبلاد بشكل سريع. تضمنت قائمة المساعدات المطلوبة ما يلي:
- أنظمة دفاع جوي متطورة: سعت فنزويلا للحصول على صواريخ أرض-جو بعيدة المدى قادرة على مواجهة أي هجوم جوي محتمل.
 - رادارات حديثة: طُلب توفير أنظمة رادار متقدمة لتعزيز قدرات الكشف والإنذار المبكر.
 - مساعدة فنية لإصلاح الطائرات: تضمنت الطلبات دعماً فنياً لإعادة تأهيل أسطول فنزويلا المتقادم من الطائرات المقاتلة، وتحديداً طائرات F-16 أمريكية الصنع التي تملكها البلاد منذ عقود ولكنها تعاني من نقص في قطع الغيار بسبب العقوبات.
 
وأشارت الوثائق إلى أن هذه الرسائل وجهت بشكل منفصل إلى كل من موسكو وبكين وطهران، مع التأكيد على الطبيعة الملحة للحاجة في ظل ما وصفته كاراكاس بـ"التهديد الوشيك".
الأهمية والتداعيات المحتملة
يكشف هذا التحرك عن مدى شعور نظام مادورو بالضعف والعزلة في مواجهة الضغط الأمريكي المتزايد. فاعتماده على حلفاء دوليين لتعزيز دفاعاته يبرز افتقاره إلى القدرة على مواجهة التحديات العسكرية بمفرده. كما يسلط الضوء على الأهمية الاستراتيجية التي توليها فنزويلا لعلاقاتها مع القوى المنافسة للولايات المتحدة على الساحة العالمية.
من منظور جيوسياسي، أثارت هذه الطلبات قلق واشنطن، حيث كانت تراقب عن كثب أي محاولة من قبل روسيا أو الصين أو إيران لزيادة نفوذها العسكري في أمريكا اللاتينية. وكان من شأن تلبية هذه الطلبات أن يؤدي إلى تصعيد خطير في المنطقة، وتحويل الأزمة الفنزويلية إلى مواجهة دولية أوسع نطاقًا. ومع ذلك، فإن العقوبات الأمريكية الصارمة والرقابة البحرية المشددة في الكاريبي شكلت تحدياً لوجستياً كبيراً أمام أي محاولة لنقل معدات عسكرية حساسة إلى فنزويلا، مما قلل من احتمالية استجابة الحلفاء بشكل كامل وفوري.



