كنوز توت عنخ آمون الذهبية: أكثر من 5000 قطعة نادرة تتألق في المتحف الكبير
لأول مرة في التاريخ، تُعرض كنوز الملك المصري توت عنخ آمون كاملةً أمام الجمهور، وذلك في قاعات المتحف المصري الكبير المطل على أهرامات الجيزة. تضم المجموعة ما يزيد عن 5000 قطعة أثرية فريدة، تم تجميعها وعرضها معًا بعد عقود من اكتشافها، لتروي قصة حياة وموت الفرعون الشاب الذي لا يزال يثير افتتان العالم. ويتصدر هذه الكنوز قناعه الذهبي الشهير، الذي أصبح أيقونة للحضارة المصرية القديمة.

اكتشاف هز العالم
تعود قصة هذه الكنوز إلى نوفمبر عام 1922، عندما تمكن عالم الآثار البريطاني هوارد كارتر، بعد سنوات من البحث المضني، من اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون (KV62) في وادي الملوك بالأقصر. كان هذا الاكتشاف حدثًا تاريخيًا بكل المقاييس، حيث كانت المقبرة شبه سليمة ولم تتعرض للنهب بشكل كبير، على عكس معظم المقابر الملكية الأخرى. وقد كشف هذا الكنز عن ثروة هائلة من القطع الأثرية التي قدمت للعالم رؤية غير مسبوقة عن طقوس الدفن الملكية والفن والحياة اليومية في عصر الدولة الحديثة.
أبرز مقتنيات المجموعة الذهبية
تشتهر مجموعة توت عنخ آمون باستخدامها المكثف للذهب والأحجار الكريمة، مما يعكس ثراء وقوة مصر في تلك الحقبة. ومن بين آلاف القطع، تبرز بعض المقتنيات كروائع فنية لا تقدر بثمن.
- القناع الذهبي: يُعد القطعة الأكثر شهرة عالميًا، وهو قناع جنائزي يزن حوالي 11 كيلوجرامًا من الذهب الخالص، ومُرصع بأحجار اللازورد الكريمة والكوارتز. كان القناع يغطي وجه مومياء الملك لحمايته وتخليد ملامحه في العالم الآخر.
- التوابيت الملكية المتداخلة: عُثر على مومياء الملك داخل ثلاثة توابيت متداخلة. التابوتان الخارجيان مصنوعان من الخشب المذهب، أما التابوت الداخلي فصُنع بالكامل من الذهب المصمت، ويزن أكثر من 110 كيلوجرامات، مما يجعله أحد أثقل وأثمن القطع الذهبية الأثرية المكتشفة على الإطلاق.
- العرش الذهبي: قطعة فنية استثنائية تُظهر دقة الحرفية المصرية القديمة. العرش مصنوع من الخشب المغطى بصفائح من الذهب والفضة، ويزينه مشهد يصور الملك توت عنخ آمون وزوجته عنخ إسن آمون في لقطة عائلية، وهو ما يعكس التأثير الفني لعصر العمارنة.
- مقتنيات أخرى: تضم المجموعة أيضًا عربات حربية مذهبة، وأسرّة احتفالية، ومئات المجوهرات من قلائد وأساور وخواتم، بالإضافة إلى تماثيل للآلهة وأدوات شخصية كانت مخصصة لاستخدام الملك في حياته الأخرى.
العرض الجديد في المتحف المصري الكبير
على مدار عقود، كانت أجزاء من كنوز توت عنخ آمون معروضة في المتحف المصري بالتحرير، بينما ظل الكثير منها مخزنًا وبعيدًا عن أعين الجمهور. ومع اقتراب الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير، تم نقل المجموعة بأكملها في عملية لوجستية معقدة استغرقت سنوات، وخضعت القطع لعمليات ترميم دقيقة بأحدث التقنيات. يخصص المتحف الجديد قاعتين ضخمتين للملك الذهبي، تمتدان على مساحة تقارب 7500 متر مربع. تم تصميم العرض ليحاكي ترتيب اكتشاف القطع في المقبرة، مما يوفر للزوار تجربة فريدة لاستكشاف الكنز كما رآه هوارد كارتر لأول مرة.
أهمية ثقافية وسياحية
يمثل عرض مجموعة توت عنخ آمون كاملةً إنجازًا ثقافيًا عالميًا، فهو لا يتيح للباحثين والجمهور فهم سياق الكنز بشكل متكامل فحسب، بل يعزز أيضًا مكانة مصر كوجهة ثقافية وسياحية رائدة. من المتوقع أن تكون هذه القاعات نقطة الجذب الرئيسية في المتحف الكبير، وأن تستقطب ملايين الزوار من جميع أنحاء العالم، الراغبين في مشاهدة عظمة واحدة من أروع كنوز التراث الإنساني.




