كواليس اتفاق غزة: ويتكوف وكوشنر يكشفان دور اعتذار نتنياهو ولقاء الحية
كشف المبعوث الأمريكي السابق للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، وجاريد كوشنر، كبير مستشاري الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، عن تفاصيل دبلوماسية دقيقة لعبت دورًا حاسمًا في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة. وفي روايتهما للأحداث، سلّط المسؤولان الضوء على محطتين رئيسيتين غير معلنتين سابقًا: اعتذار إسرائيلي مباشر لقطر، ولقاء مباشر بين المبعوث الأمريكي ومسؤول بارز في حركة حماس، وهما حدثان غيّرا مسار المفاوضات المتوترة ومهّدا الطريق لتهدئة الصراع.

خلفية المفاوضات المعقدة
جاءت هذه الجهود الدبلوماسية في سياق جولات من التصعيد المتكرر بين الفصائل الفلسطينية في غزة وإسرائيل، والتي غالبًا ما كانت تتطلب تدخلًا دوليًا وإقليميًا عاجلاً لاحتواء الموقف. تقليديًا، لعبت مصر دور الوسيط الأمني الرئيسي، بينما برزت قطر كلاعب محوري من خلال تقديم الدعم المالي لغزة وتأثيرها على حركة حماس. وكانت إدارة ترامب، بقيادة كوشنر، تسعى إلى تحقيق استقرار إقليمي كجزء من استراتيجيتها الأوسع التي أدت إلى ما يُعرف بـ "اتفاقيات أبراهام". وفي هذا الإطار، كانت أي تهدئة في غزة تُعتبر خطوة ضرورية للحفاظ على زخم تلك المبادرات الدبلوماسية.
نقطة التحول الأولى: الاعتذار الإسرائيلي لقطر
بحسب ويتكوف وكوشنر، فإن إحدى العقبات الكبرى التي واجهت جهود الوساطة كانت التوتر في العلاقات بين إسرائيل وقطر، والذي تفاقم بعد هجوم نُسب إلى إسرائيل في الدوحة خلال شهر سبتمبر من ذلك العام. أدى هذا الهجوم إلى تعقيد دور قطر كوسيط، مما دفعها إلى التردد في ممارسة ضغوطها على حماس. وأوضح المسؤولان أن رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، بنيامين نتنياهو، اتخذ خطوة غير مسبوقة بتقديم اعتذار مباشر للقيادة القطرية عن الحادث. لم يكن هذا الاعتذار مجرد إجراء شكلي، بل كان بمثابة رسالة سياسية قوية تهدف إلى إعادة بناء الثقة وإقناع الدوحة بالانخراط بفعالية أكبر في المفاوضات. وقد نجحت هذه الخطوة في إزالة حاجز نفسي وسياسي كبير، مما سمح لقطر بلعب دورها الكامل في تسهيل الاتصالات وتمهيد الطريق نحو التهدئة.
اللقاء المباشر مع خليل الحية
تمثلت نقطة التحول الثانية، وفقًا للرواية، في لقاء مباشر وحساس جرى في مصر بين المبعوث الأمريكي ويتكوف ورئيس وفد حركة حماس، خليل الحية. شكل هذا اللقاء خروجًا عن البروتوكول الدبلوماسي الأمريكي المعتاد، الذي يتجنب الاتصال المباشر مع مسؤولي حماس. وخلال اللقاء، الذي تم بتنسيق مصري، لم تقتصر المحادثات على شروط وقف إطلاق النار فحسب، بل شملت جوانب إنسانية. ويُذكر أن الحية قدم تعازيه لويتكزف في مسألة شخصية، وهي لفتة اعتبرها الجانب الأمريكي بادرة بناء ثقة ساهمت في كسر الجليد. وقد أتاح هذا التواصل المباشر فهمًا أعمق لمطالب حماس وشواغلها، وسمح بنقل رسائل واضحة بين الطرفين دون الاعتماد الكلي على الوسطاء، مما سرّع من وتيرة المفاوضات وأسهم في بلورة تفاصيل الاتفاق النهائي.
أهمية الكشف عن هذه التفاصيل
تكمن أهمية هذه الروايات التي قدمها كوشنر وويتكزف في أنها تكشف عن الطبيعة غير التقليدية للدبلوماسية التي كانت تتبعها إدارة ترامب في الشرق الأوسط. فهي تُظهر أن تحقيق اختراقات في صراعات معقدة لا يعتمد فقط على القنوات الرسمية، بل أيضًا على الدبلوماسية الشخصية، والخطوات الرمزية الجريئة مثل الاعتذارات، واللقاءات المباشرة التي تتجاوز الخطوط الحمراء التقليدية. كما تسلط هذه التفاصيل الضوء على الأدوار المترابطة للجهات الفاعلة الإقليمية، حيث لا يمكن فصل جهود التهدئة في غزة عن الديناميكيات الأوسع نطاقًا بين إسرائيل ودول الخليج مثل قطر، والدور الأمني المحوري الذي تلعبه مصر.




