تصريح نتنياهو بالاستقلالية يثير تساؤلات حول علاقته السابقة بترامب
أعادت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الأخيرة حول أن إسرائيل دولة مستقلة وقراراتها الأمنية تُتخذ ذاتيًا، تسليط الضوء على طبيعة العلاقة التي جمعته بالرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب. ففي الوقت الذي يؤكد فيه نتنياهو على استقلالية القرار الإسرائيلي، يرى محللون أن فترة رئاسة ترامب شهدت تقاربًا غير مسبوق وتنسيقًا وصل إلى حد وصفه بالتبعية في بعض الأحيان، مما يطرح تساؤلات حول مدى تغير هذا النهج في ظل الإدارة الأمريكية الحالية.

خلفية التصريح والسياق الحالي
جاء تأكيد نتنياهو على استقلالية القرار خلال اجتماع للحكومة الإسرائيلية مؤخرًا، في سياق تزايد الضغوط الدولية على إسرائيل، خاصة من إدارة الرئيس جو بايدن، بشأن إدارة الحرب في غزة ومستقبل القطاع. يُفسَّر هذا التصريح على أنه رسالة موجهة إلى واشنطن وأطراف دولية أخرى، مفادها أن تل أبيب لن تخضع للإملاءات الخارجية فيما يتعلق بأمنها القومي، حتى من أقرب حلفائها.
فترة ترامب: تحالف استراتيجي أم تبعية سياسية؟
شكلت العلاقة بين نتنياهو وترامب حقبة فريدة في تاريخ العلاقات الإسرائيلية الأمريكية. اتسمت هذه الفترة بتناغم شبه كامل في المواقف السياسية، ودعم أمريكي مطلق لسياسات حكومة نتنياهو، وهو ما اعتبره الكثيرون إنجازًا دبلوماسيًا كبيرًا لرئيس الوزراء الإسرائيلي. لكن في المقابل، أثارت هذه العلاقة جدلاً حول ما إذا كانت استقلالية القرار الإسرائيلي قد تآكلت لصالح أجندة الرئيس الأمريكي آنذاك، الذي كان يتخذ قرارات تاريخية تصب في مصلحة نتنياهو السياسية بشكل مباشر.
محطات رئيسية تعكس التأثير المتبادل
برزت خلال ولاية ترامب عدة محطات سياسية رئيسية كشفت عن عمق التنسيق والتأثير الذي مارسته إدارة ترامب على السياسة الإسرائيلية، أو على الأقل، التوافق الكامل بينهما:
- نقل السفارة الأمريكية إلى القدس: كان قرار ترامب في عام 2018 بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها، بمثابة تحقيق لأحد أبرز أهداف نتنياهو السياسية. ورغم أن القرار كان قانونًا أمريكيًا قائمًا، إلا أن الرؤساء السابقين كانوا يؤجلون تنفيذه، مما جعل خطوة ترامب انتصارًا شخصيًا لنتنياهو.
- الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان: في خطوة مفاجئة أخرى عام 2019، وقّع ترامب إعلانًا رئاسيًا يعترف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان، وهو ما منح نتنياهو دفعة سياسية قوية قبيل الانتخابات الإسرائيلية في ذلك الوقت.
- الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني: كان نتنياهو من أشد المعارضين للاتفاق النووي مع إيران (JCPOA) الذي أبرمته إدارة أوباما. وجاء قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق عام 2018 استجابة مباشرة لمطالب نتنياهو وحلفاء آخرين في المنطقة، مما عكس مدى تأثيره على قرارات السياسة الخارجية الأمريكية.
- خطة السلام المعروفة بـ "صفقة القرن": تم تطوير خطة السلام التي طرحتها إدارة ترامب بالتنسيق الوثيق مع حكومة نتنياهو، بينما تم تهميش الجانب الفلسطيني إلى حد كبير. واعتُبرت الخطة منحازة بشكل واضح للمواقف الإسرائيلية، مما أثار انتقادات بأنها تعكس رؤية نتنياهو أكثر من كونها وساطة محايدة.
أهمية الخبر ودلالاته
تكمن أهمية هذه المقارنة في أنها تضع تصريحات نتنياهو الحالية في سياقها التاريخي. فبينما يسعى اليوم لإظهار صورة القائد الذي لا يخضع للضغوط، فإن سجله خلال فترة ترامب يظهر نمطًا من الاعتماد على الدعم الأمريكي المطلق لتحقيق مكاسب سياسية. يرى المراقبون أن الديناميكية تغيرت مع إدارة بايدن، التي تتبنى نهجًا أكثر تقليدية في السياسة الخارجية، مما يفرض على نتنياهو التأكيد على استقلاليته في مواجهة خلافات علنية أحيانًا مع واشنطن حول قضايا مثل الحرب على غزة والمستوطنات.





