ترامب يتعهد بالتحرك لمواجهة أعمال العنف ضد المسيحيين في نيجيريا
في اجتماع بارز عُقد في البيت الأبيض في 30 أبريل 2018، وجه الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب رسالة مباشرة إلى نظيره النيجيري محمد بخاري، مؤكدًا أن الولايات المتحدة لن تتجاهل ما وصفه بـ "قتل المسيحيين" في نيجيريا. جاءت تصريحات ترامب خلال مؤتمر صحفي مشترك، لتسلط الضوء عالميًا على الأزمة الأمنية المعقدة التي تشهدها البلاد، وتضع الإدارة النيجيرية تحت ضغط دولي متزايد للتعامل مع العنف المتصاعد.

خلفية التوترات وأسباب العنف
لفهم سياق تصريحات ترامب، من الضروري النظر إلى طبيعة العنف متعدد الأوجه في نيجيريا. لم تكن الأزمة نابعة من مصدر واحد، بل كانت نتيجة تقاطع عدة صراعات، أبرزها:
- الصراع بين الرعاة والمزارعين: يتركز هذا النزاع في منطقة الحزام الأوسط بنيجيريا، حيث تتنافس مجتمعات المزارعين، ومعظمهم من المسيحيين، مع رعاة الماشية الرحل، وغالبيتهم من قبائل الفولاني المسلمة. ورغم أن جذور الصراع اقتصادية وبيئية تتعلق بالسيطرة على الأراضي والمياه، إلا أنه اكتسب بعدًا دينيًا وعرقيًا خطيرًا، مما أدى إلى هجمات متبادلة وسقوط آلاف الضحايا.
- تمرد الجماعات المتطرفة: في شمال شرق البلاد، تواصل جماعة بوكو حرام وتنظيم داعش في ولاية غرب إفريقيا (ISWAP) شن هجمات إرهابية. تستهدف هذه الجماعات المدنيين وقوات الأمن على حد سواء، وغالبًا ما تهاجم الكنائس والمجتمعات المسيحية، إلى جانب استهداف المسلمين الذين تعتبرهم معارضين لها.
وقد أدت هذه التحديات الأمنية المتزامنة إلى نزوح الملايين وتفاقم الأزمة الإنسانية في أكبر دولة في إفريقيا من حيث عدد السكان.
موقف الإدارة الأمريكية وتصريحات ترامب
خلال اللقاء، أشار الرئيس ترامب بشكل صريح إلى أن إدارته تلقت تقارير مقلقة حول أعمال العنف، وقال: "نحن نشعر بقلق بالغ إزاء التقارير عن العنف الذي يستهدف المسيحيين، ونحن نعمل على هذه المشكلة بجدية كبيرة". وأضاف موجهاً حديثه للرئيس بخاري أن الولايات المتحدة "لا يمكنها السماح بحدوث ذلك". كانت هذه التصريحات لافتة لأنها ابتعدت عن اللغة الدبلوماسية التقليدية وركزت بشكل مباشر على البعد الديني للعنف، وهو ما لقي ترحيبًا لدى قاعدته الانتخابية من المسيحيين الإنجيليين في الولايات المتحدة.
إلى جانب الإدانة الشفهية، ربطت الإدارة الأمريكية موقفها بملفات أخرى، مثل بيع طائرات حربية من طراز "سوبر توكانو" إلى نيجيريا بهدف مساعدتها في مكافحة الإرهاب، مما أظهر أن التعاون الأمني مستمر ولكنه مرهون بضرورة حماية حقوق الإنسان والحريات الدينية.
رد الفعل النيجيري والسياق الدولي
من جانبه، أقر الرئيس النيجيري محمد بخاري بوجود التحديات الأمنية، لكنه حرص على تقديم رواية مختلفة لأسبابها. أكد بخاري أن الصراع بين الرعاة والمزارعين تفاقم بسبب التغير المناخي والتصحر الذي أجبر الرعاة على التحرك جنوبًا بحثًا عن المراعي، نافيًا أن يكون ذا دوافع دينية بحتة. وقد تعهد باتخاذ إجراءات لحماية جميع المواطنين النيجيريين بغض النظر عن انتمائهم الديني.
داخليًا في نيجيريا، تباينت ردود الفعل؛ فبينما رحبت بعض المنظمات المسيحية بالاهتمام الدولي الذي أثاره ترامب، حذر آخرون من أن تبسيط الصراع المعقد في إطار "اضطهاد ديني" قد يؤجج التوترات الطائفية بدلًا من حلها. وعلى الصعيد الدولي، سلطت تصريحات ترامب الضوء على أهمية الحرية الدينية كعنصر أساسي في السياسة الخارجية الأمريكية خلال فترة رئاسته.
الأهمية والتداعيات
تكمن أهمية هذا الحدث في أنه وضع قضية العنف في نيجيريا على الأجندة الدولية بشكل مباشر، مما زاد من الضغط على الحكومة النيجيرية لاتخاذ خطوات ملموسة. وفي السنوات اللاحقة، واصلت الولايات المتحدة مراقبة الوضع، وقامت وزارة الخارجية الأمريكية في بعض الفترات بوضع نيجيريا على "قائمة المراقبة الخاصة" للدول التي تثير قلقًا بشأن انتهاكات الحريات الدينية، مما يعكس استمرار الاهتمام الأمريكي بهذه القضية الحساسة.




