لحظات مؤثرة من كواليس "الطريق إلى إيلات": بكاء محمد سعد يكشف عمق التجربة
يظل فيلم "الطريق إلى إيلات" علامة فارقة في تاريخ السينما المصرية، مشيداً بروحه الوطنية العالية وتصويره الدقيق لعملية عسكرية محورية. بعد عقود من إصداره عام 1993، تستمر القصص من كواليس صنعه في الظهور، كاشفة عن التجارب الإنسانية العميقة التي شكلت هذا العمل الأيقوني. ومن بين هذه القصص المؤثرة، تبرز تجربة الفنان الشهير محمد سعد وبكائه خلال التصوير، وهو ما يعد شاهداً على التأثير العميق للمادة الفيلمية.

خلفية الفيلم وأهميته التاريخية
يُعد فيلم "الطريق إلى إيلات" تحفة سينمائية أخرجتها المبدعة إنعام محمد علي. يعيد الفيلم بناء القصة الحقيقية لعملية بطولية قامت بها القوات البحرية المصرية في عام 1969، في أعقاب حرب 1967. تضمنت المهمة التسلل إلى ميناء إيلات الإسرائيلي شديد التحصين لتدمير سفن بحرية إسرائيلية حيوية، مما شكل عملاً مهماً من أعمال الصمود والتحدي. استحوذ الفيلم على مخيلة الجمهور المصري، ليصبح رمزاً للفخر الوطني والشجاعة العسكرية، ومبرزاً بطولة وتضحيات القوات المصرية. وقد رسخت دقته التاريخية، جنباً إلى جنب مع الأداءات المقنعة، مكانته كعمل كلاسيكي.
دور محمد سعد في بداية مسيرته الفنية
في فترة إنتاج فيلم "الطريق إلى إيلات"، كان محمد سعد ممثلاً شاباً وطموحاً يسعى لتثبيت أقدامه في الصناعة. وبينما سيحقق لاحقاً شهرة واسعة بأدواره الكوميدية المميزة، كان دوره في "الطريق إلى إيلات" من مساهماته الدرامية المبكرة، حيث جسد شخصية رأفت، أحد رجال الضفادع البشرية المخلصين. أتاحت له هذه الفرصة الهامة إظهار إمكانياته الدرامية والانغماس في قصة ذات أهمية وطنية كبرى، قبل أن يصبح اسماً مألوفاً بشخصيات مثل "اللمبي". وقد أبرزت مشاركته براعته والتزامه حتى في المراحل الأولى من مسيرته المهنية.
لحظة البكاء: كشف عن عمق التجربة العاطفية
تُروى حكاية بكاء محمد سعد في موقع التصوير بشكل متكرر من قبل المشاركين في إنتاج الفيلم ومن سعد نفسه في مقابلات لاحقة. لم يكن الأمر مجرد تمثيل أمام الكاميرا، بل كان انفعالاً عفوياً وصادقاً. تشير المصادر إلى أن سعد، شأنه شأن العديد من زملائه، تأثر بشدة بثقل القصة التي كانوا يجسدونها. فالسرد لبطولة غير عادية وتضحيات ووطنية، بالإضافة إلى إدراك أن هذه كانت أحداثاً حقيقية وأبطالاً حقيقيين، أثار مشاعر عميقة بداخله. خلال المشاهد المكثفة، أو حتى عند التفكير في حجم العملية الفعلية وحياة الجنود المشاركين، وجد سعد نفسه يغمره الانفعال. كانت دموعه تعبيراً خاماً عن التعاطف والحماس الوطني، وصلة مباشرة بروح الكوماندوز المصريين الذين سعى الفيلم لتخليد شجاعتهم. وقد أبرز هذا الاستجابة العاطفية الصادقة قدرة الفيلم على تجاوز مجرد السرد وإثارة شعور قوي بالهوية الوطنية والتبجيل التاريخي بين فريق عمله.
تأثير القصة وتراثها
أصبحت تجربة محمد سعد العاطفية في كواليس فيلم "الطريق إلى إيلات" جزءاً مؤثراً من أسطورة الفيلم. وهي بمثابة توضيح قوي للارتباط الشخصي العميق الذي شعر به العديد من المصريين، وما زالوا يشعرون به، تجاه الأحداث التاريخية المصورة. وبالنسبة للجمهور، تعزز هذه القصة الأصالة والعنصر الإنساني العميق وراء الإنتاج. إنها تسلط الضوء على تفاني الممثلين في تصوير الأبطال الوطنيين وتضحياتهم باحترام، مما يضيف طبقة أخرى إلى إرث الفيلم الدائم. وتساهم مثل هذه الحكايات الشخصية في قدرة الفيلم على التفاعل عبر الأجيال، مذكراً المشاهدين بأنه وراء العرض السينمائي، كانت هناك عواطف حقيقية، وصراعات حقيقية، وانتصارات حقيقية حددت لحظة محورية في التاريخ الوطني.
في الختام، يظل فيلم "الطريق إلى إيلات" شهادة قوية على الصمود والتضحية المصرية. وقصة دموع محمد سعد الصادقة أثناء صناعته هي أكثر من مجرد معلومة من وراء الكواليس؛ إنها انعكاس للتيار العاطفي والوطني العميق الذي ساد المشروع بأكمله. وهي تجسد مدى عمق تأثير السرد التاريخي على من أوكل إليهم إحياءه، مما يضمن أن رسالة الفيلم عن البطولة والوطنية تستمر في الصدى بقوة حتى اليوم.




