لحظة تاريخية بالمتحف المصري الكبير: رأس توت عنخ آمون بين يدي مسؤول الترميم
في مشهد جسّد العلاقة العميقة بين المصريين المعاصرين وتراث أجدادهم، انتشرت صورة مؤثرة في أوائل عام 2021 تُظهر مسؤولاً بارزاً في مشروع المتحف المصري الكبير وهو يحمل بعناية فائقة رأس تمثال للملك توت عنخ آمون. لم تكن هذه اللقطة مجرد توثيق لخطوة فنية في عملية نقل وترميم، بل كانت تعبيراً صادقاً عن الفخر والشعور بالمسؤولية تجاه أحد أهم كنوز الحضارة الإنسانية، وذلك ضمن الاستعدادات النهائية لافتتاح أكبر متحف للآثار في العالم.

خلفية المشروع: نقل كنوز مصر إلى صرحها الجديد
يأتي هذا الحدث في سياق المشروع القومي الضخم لإنشاء المتحف المصري الكبير، والذي يهدف إلى جمع وعرض أكثر من 50 ألف قطعة أثرية في مكان واحد، بما في ذلك المجموعة الكاملة لكنوز الملك الذهبي توت عنخ آمون لأول مرة في التاريخ. تطلبت عملية نقل هذه القطع الأثرية من أماكن عرضها المختلفة، وعلى رأسها المتحف المصري بالتحرير، تخطيطاً لوجستياً وعلمياً معقداً لضمان سلامتها. وقد تمت جميع مراحل النقل والترميم والتجميع بأيادٍ مصرية خالصة، مما يمثل شهادة على كفاءة الخبرات المحلية في مجال الآثار والترميم.
تفاصيل اللحظة التاريخية
الشخصية المحورية في هذه الصورة هو الدكتور مؤمن عثمان، رئيس قطاع الترميم بالمتحف المصري الكبير. كانت اللحظة جزءاً من عملية إعادة تجميع تمثال ضخم للملك توت عنخ آمون في موقعه الجديد على الدرج العظيم بالمتحف. الرأس، المصنوع من الحجر الرملي، يمثل جزءاً حساساً من التمثال ويتطلب أعلى درجات الدقة والحرص في التعامل معه. وفي تصريحات صحفية لاحقة، وصف الدكتور عثمان شعوره بأنه مزيج من السعادة الغامرة والرهبة، معتبراً أن حمل قطعة من تاريخ بلاده بهذا القرب هو تتويج لمسيرته المهنية وحلم لكل مرمم آثار. وأوضح أن هذه اللحظة لم تكن مجرد عمل روتيني، بل كانت بمثابة "عناق للتاريخ" وشعور بالاتصال المباشر مع الحضارة المصرية القديمة.
الأهمية والدلالات الرمزية
تجاوزت هذه الصورة كونها خبراً عابراً لتصبح أيقونة رمزية لعدة أسباب جوهرية، فهي لم تبرز فقط التقدم في تجهيز المتحف، بل حملت دلالات أعمق:
- إبراز الخبرة المصرية: أثبتت العملية برمتها، والتي توجتها هذه اللحظة الإنسانية، قدرة الكوادر المصرية على التعامل مع أدق تفاصيل تراثها بمهارة وحرفية عالمية.
- بعد إنساني لمشروع ضخم: حولت الصورة مشروع المتحف من مجرد أرقام وإحصائيات وإنشاءات خرسانية إلى قصة يرويها شغف وتفاني الخبراء الذين يعملون خلف الكواليس.
- رسالة ثقة للعالم: قدمت هذه اللقطة رسالة واضحة للعالم مفادها أن كنوز مصر في أيدٍ أمينة، وأن الدولة تولي اهتماماً بالغاً للحفاظ على تراثها الإنساني وتقديمه للبشرية في أبهى صورة.
وفي الختام، شكلت هذه الواقعة علامة فارقة في رحلة المتحف المصري الكبير نحو الافتتاح، حيث جسدت التفاني والدقة والشغف الذي يكمن وراء كل قطعة أثرية تستقر في مكانها الجديد، منتظرةً أن تروي قصتها لزوار من جميع أنحاء العالم.





