مخاوف من حرب شاملة في لبنان تشعل نقاشات وسائل التواصل
تزايدت في الأسابيع الأخيرة حدة المخاوف في الأوساط اللبنانية وعلى الساحة الدولية من احتمال انزلاق المواجهات المحدودة على الحدود الجنوبية للبنان إلى حرب واسعة النطاق. وقد انعكس هذا القلق بشكل مباشر وكثيف على منصات التواصل الاجتماعي، حيث أصبحت النقاشات حول الحرب المحتملة وتداعياتها هي الشغل الشاغل لآلاف المستخدمين، وسط تبادل مستمر للمعلومات والتحليلات والتحذيرات.

خلفية التصعيد المستمر
منذ الثامن من أكتوبر 2023، تشهد الحدود بين لبنان وإسرائيل تبادلاً شبه يومي للقصف، بدأه حزب الله كجبهة إسناد لقطاع غزة. وعلى مدى أشهر، بقيت المواجهات ضمن ما يعرف بـ "قواعد الاشتباك" الضمنية، مستهدفة بشكل أساسي مواقع عسكرية ومناطق حدودية. إلا أن الفترة الأخيرة شهدت تغيراً نوعياً في طبيعة العمليات العسكرية، ما أدى إلى تآكل هذه القواعد ورفع منسوب الخطر بشكل غير مسبوق. وقد تسبب هذا التصعيد في نزوح عشرات الآلاف من السكان على جانبي الحدود، مما خلق أزمة إنسانية متفاقمة وزاد من الضغط على الدولة اللبنانية المنهكة اقتصادياً.
أبرز التطورات الميدانية الأخيرة
شهدت الجبهة الجنوبية تطورات ميدانية لافتة وسّعت من رقعة المواجهة، مما غذى هاجس الحرب الشاملة. ومن أبرز هذه التطورات:
- ضربات في العمق اللبناني: كثّف الجيش الإسرائيلي من استهدافاته النوعية التي تجاوزت المنطقة الحدودية، ووصلت إلى مناطق مثل البقاع وصور، مستهدفاً قيادات ميدانية وبنى تحتية تابعة لحزب الله.
- استخدام أسلحة متطورة: رد حزب الله على التصعيد الإسرائيلي بتنفيذ هجمات أكثر تعقيداً، باستخدام الطائرات المسيّرة الانقضاضية والصواريخ الموجهة التي استهدفت مواقع عسكرية ومنصات استراتيجية إسرائيلية، مثل قاعدة ميرون للمراقبة الجوية.
- ارتفاع عدد الضحايا: أدى التصعيد المتبادل إلى زيادة ملحوظة في أعداد الضحايا من المدنيين والعسكريين على الجانبين، الأمر الذي رفع من مستوى التوتر والخطاب التحذيري من قبل المسؤولين.
أصداء واسعة على الفضاء الرقمي
تحولت منصات التواصل الاجتماعي في لبنان إلى ساحة مفتوحة تعكس القلق العام. وينقسم التفاعل الرقمي بين عدة اتجاهات؛ فمن ناحية، هناك سيل من المنشورات التي تعبر عن الخوف من دمار قد يلحق بلبنان الذي لم يتعافَ بعد من أزماته المتلاحقة. ومن ناحية أخرى، تبرز نقاشات سياسية حادة بين مؤيدي خيار المقاومة ومعارضيه الذين يحمّلون حزب الله مسؤولية جر البلاد إلى حرب لا تريدها غالبية اللبنانيين. كما تنتشر بشكل واسع نصائح حول كيفية الاستعداد للطوارئ، مثل تجهيز حقائب الهروب وتخزين المواد الأساسية، مما يعكس وصول القلق إلى مستويات عملية وملموسة لدى المواطنين.
الجهود الدبلوماسية والموقف الدولي
على الصعيد الدولي، تتكثف التحركات الدبلوماسية لاحتواء الموقف ومنع تفجر حرب إقليمية. تقود الولايات المتحدة وفرنسا جهود وساطة لنزع فتيل الأزمة، حيث يقوم المبعوث الأمريكي آموس هوكستين بزيارات مكوكية إلى المنطقة. وتصدر تحذيرات متتالية من الأمم المتحدة ودول أوروبية وعربية حول العواقب الكارثية لأي حرب شاملة على استقرار لبنان والمنطقة بأسرها، مؤكدة على ضرورة العودة إلى التهدئة وتطبيق القرار الدولي 1701.




