الكابينت الإسرائيلي يبحث التصعيد المحتمل على الجبهة مع لبنان
عقد مجلس الحرب الإسرائيلي اجتماعاً خلال الساعات الماضية لمناقشة التطورات المتسارعة على الحدود الشمالية مع لبنان، في ظل تكثيف جماعة حزب الله لعملياتها العسكرية، مما يرفع من مخاوف اندلاع حرب شاملة. ويأتي هذا الاجتماع في وقت حاسم تواجه فيه الحكومة الإسرائيلية ضغوطاً داخلية وخارجية لتحديد استراتيجيتها المقبلة، سواء عبر الحلول الدبلوماسية أو توسيع نطاق المواجهة العسكرية.
خلفية التوترات المتصاعدة
اندلعت المواجهات على الحدود الإسرائيلية اللبنانية في 8 أكتوبر 2023، غداة الهجوم الذي قادته حركة حماس على جنوب إسرائيل. ومنذ ذلك الحين، تحولت المنطقة إلى جبهة نشطة، حيث يتبادل الجيش الإسرائيلي وحزب الله القصف بشكل شبه يومي. ورغم أن المواجهات كانت محصورة في معظمها ضمن نطاق جغرافي محدود، إلا أنها شهدت في الأسابيع الأخيرة تصعيداً نوعياً، تمثل في استخدام أسلحة أكثر تطوراً واستهداف مواقع أعمق داخل أراضي الطرفين.
أدت هذه الهجمات إلى نزوح عشرات الآلاف من المدنيين على جانبي الحدود، حيث تم إخلاء مدن مثل كريات شمونة في إسرائيل، بالإضافة إلى العديد من القرى في جنوب لبنان. ومؤخراً، تسببت الصواريخ التي أطلقها حزب الله في اندلاع حرائق واسعة في شمال إسرائيل، مما زاد من حدة الغضب الشعبي والضغط على الحكومة لاتخاذ إجراءات أكثر حسماً.
محاور النقاش في مجلس الحرب
تركزت مناقشات مجلس الحرب، الذي يضم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت والوزير بيني غانتس، حول تقييم الخيارات المتاحة للتعامل مع الوضع. وبحسب تقارير إعلامية، فإن السيناريوهات المطروحة تتراوح بين الحلول العسكرية والدبلوماسية.
على الطاولة، تم استعراض عدة بدائل استراتيجية، من بينها:
- عملية عسكرية واسعة: تتضمن توغلاً برياً بهدف إبعاد قوات حزب الله، وتحديداً قوة الرضوان، إلى شمال نهر الليطاني، تنفيذاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701.
- تكثيف الضربات الجوية: استهداف البنية التحتية العسكرية والقيادية لحزب الله بشكل أعمق وأكثر تدميراً لردعه.
- إعطاء فرصة للوساطة الدولية: الاستمرار في دعم المساعي الدبلوماسية التي تقودها الولايات المتحدة وفرنسا للتوصل إلى اتفاق ينهي التوترات.
ويواجه صناع القرار في إسرائيل معضلة حقيقية، فالقيام بعملية عسكرية شاملة يحمل في طياته مخاطر هائلة، بما في ذلك حرب مدمرة قد تطال الجبهة الداخلية الإسرائيلية بأكملها، نظراً للترسانة الصاروخية الدقيقة التي يمتلكها حزب الله. وفي المقابل، يرى البعض أن الوضع الحالي لم يعد محتملاً وأنه يستنزف قدرات الجيش ويشل الحياة في الشمال.
المواقف الدولية والجهود الدبلوماسية
يراقب المجتمع الدولي بقلق شديد إمكانية انفجار الوضع، وتسعى عدة أطراف لاحتواء الأزمة. يقود المبعوث الأمريكي آموس هوكستين جهوداً دبلوماسية مكثفة بين بيروت وتل أبيب، مقترحاً حلاً تدريجياً يعيد تطبيق القرار 1701 بالكامل. وتشمل المقترحات انسحاب مقاتلي حزب الله من المنطقة الحدودية، وتعزيز انتشار الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل.
لكن هذه الجهود تواجه عقبات كبيرة، أبرزها ربط حزب الله وقف إطلاق النار على الجبهة اللبنانية بوقف شامل لإطلاق النار في قطاع غزة، وهو شرط ترفضه إسرائيل حتى الآن. وبذلك، يبقى مصير الجبهة الشمالية مرتبطاً بشكل وثيق بمسار الحرب في غزة.
الأهمية والتداعيات المحتملة
تكمن أهمية هذا الاجتماع في كونه مؤشراً على أن إسرائيل قد وصلت إلى مفترق طرق. فالقرار الذي سيتم اتخاذه سيحدد مسار المنطقة لأشهر أو ربما لسنوات قادمة. إن أي تصعيد واسع النطاق لن يقتصر على إسرائيل ولبنان، بل يهدد بإشعال حرب إقليمية قد تتدخل فيها أطراف أخرى، وعلى رأسها إيران. إن التداعيات الإنسانية والاقتصادية لمثل هذه الحرب ستكون كارثية على لبنان، الذي يعاني أصلاً من انهيار اقتصادي، وستكون مكلفة للغاية بالنسبة لإسرائيل أيضاً. ورغم عدم الإعلان عن قرارات فورية بعد الاجتماع، إلا أن الأجواء تشير إلى أن نافذة الحل الدبلوماسي تضيق، وأن احتمالات المواجهة العسكرية المفتوحة باتت أكثر واقعية من أي وقت مضى.




