إسرائيل تعلن استهداف بنى تحتية ومستودعات أسلحة لحزب الله في لبنان
أعلن الجيش الإسرائيلي في بيانات متتالية خلال الساعات والأيام الأخيرة عن تنفيذه سلسلة من الغارات الجوية والضربات المدفعية التي استهدفت ما وصفها بـ "بنى تحتية إرهابية ومستودعات أسلحة" تابعة لمنظمة حزب الله في جنوب لبنان. تأتي هذه العمليات في سياق المواجهات العسكرية شبه اليومية والمستمرة على طول الحدود بين البلدين منذ أكثر من ثمانية أشهر، والتي تشكل أخطر تصعيد بين الطرفين منذ حرب عام 2006.
الخلفية والتصعيد المستمر
اندلعت المواجهات الحالية في 8 أكتوبر 2023، غداة الهجوم الذي قادته حركة حماس على بلدات إسرائيلية، حيث بدأ حزب الله بشن هجمات على مواقع عسكرية إسرائيلية، معلناً أن ذلك يأتي دعماً للفصائل الفلسطينية في قطاع غزة وإشغالاً لجزء من الجيش الإسرائيلي. ومنذ ذلك الحين، تحولت الحدود إلى جبهة نشطة تتسم بتبادل إطلاق النار بشكل يومي، حيث تستخدم فيها الصواريخ الموجهة، والطائرات بدون طيار، والقذائف المدفعية.
تهدف إسرائيل من خلال عملياتها العسكرية إلى إبعاد قوات حزب الله، وتحديداً "قوة الرضوان" الخاصة التابعة له، عن المنطقة الحدودية، وتدمير قدراته العسكرية الموجهة نحوها، وذلك بهدف تأمين عودة آمنة لعشرات آلاف الإسرائيليين الذين تم إجلاؤهم من المستوطنات والمدن الشمالية. في المقابل، يربط حزب الله وقف هجماته بإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
تفاصيل العمليات الأخيرة
وفقاً للبيانات الصادرة عن الجيش الإسرائيلي، تركزت الضربات الأخيرة على أهداف محددة في عدة مناطق بجنوب لبنان، مثل كفركلا والخيام وعيتا الشعب. وشملت الأهداف المزعومة ما يلي:
- مجمعات عسكرية ومقرات قيادية يستخدمها عناصر الحزب.
- منصات ومواقع مجهزة لإطلاق الصواريخ والقذائف المضادة للدروع.
- مستودعات لتخزين الأسلحة والوسائل القتالية.
- بنى تحتية عملياتية تشمل نقاط مراقبة ومنشآت لوجستية.
عادةً ما تعقب هذه الضربات الإسرائيلية هجمات ينفذها حزب الله. ففي المقابل، يعلن الحزب بانتظام عن استهدافه لمواقع وتجمعات عسكرية إسرائيلية على طول الحدود، مثل ثكنات زرعيت وبرانيت وموقع المالكية، مؤكداً في بياناته تحقيق "إصابات مباشرة" في صفوف الجنود الإسرائيليين وتدمير تجهيزات فنية وتجسسية.
التأثير والوضع الإنساني
أدت المواجهات المستمرة إلى تدهور كبير في الوضع الإنساني على جانبي الحدود. في لبنان، نزح أكثر من 90 ألف شخص من قراهم وبلداتهم الجنوبية، وسقط مئات القتلى، معظمهم من مقاتلي حزب الله، بالإضافة إلى عشرات المدنيين، بينهم أطفال وصحفيون ومسعفون. كما لحق دمار واسع بالبنية التحتية والمنازل والأراضي الزراعية في الجنوب اللبناني.
وفي شمال إسرائيل، تم إجلاء أكثر من 60 ألف مواطن من منازلهم، وتسببت هجمات حزب الله في مقتل عدد من الجنود والمدنيين الإسرائيليين، بالإضافة إلى إلحاق أضرار بالممتلكات واندلاع حرائق واسعة في مناطق مفتوحة نتيجة سقوط الصواريخ.
السياق الإقليمي والجهود الدبلوماسية
تثير هذه المواجهات مخاوف دولية وإقليمية متزايدة من احتمال انزلاقها إلى حرب شاملة قد تكون مدمرة لكلا الطرفين وللمنطقة بأسرها. وتعمل قنوات دبلوماسية، تقودها بشكل خاص الولايات المتحدة وفرنسا، على محاولة التوصل إلى تفاهمات تضمن العودة إلى تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 1701 الذي أنهى حرب 2006. وتسعى هذه الجهود إلى إيجاد حل سياسي يضمن انسحاب قوات حزب الله إلى شمال نهر الليطاني، ونشر الجيش اللبناني وقوات الأمم المتحدة (اليونيفيل) بشكل فعال في الجنوب، مقابل وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية. ورغم هذه المساعي، لا يزال التوتر سيد الموقف، حيث يرتبط مصير الجبهة الشمالية بشكل وثيق بمسار الحرب في غزة.





