خبير استراتيجي مصري: إسرائيل تواجه "هستيريا أمنية" غير مسبوقة
في تصريحات حديثة، وصف اللواء وائل ربيع، مستشار مركز الدراسات الاستراتيجية بالأكاديمية العسكرية المصرية، الوضع الأمني الحالي في إسرائيل بأنه حالة من "الهستيريا الأمنية غير المسبوقة". جاء هذا التحليل في ضوء التطورات المتصاعدة على عدة جبهات، أبرزها قرار وزير الدفاع الإسرائيلي إعلان المنطقة الحدودية مع مصر منطقة عسكرية مغلقة، وهو ما يعكس، بحسب الخبراء، حالة من الارتباك والتوتر الشديد داخل المؤسستين العسكرية والسياسية في إسرائيل.

خلفية التوترات المتصاعدة
تعود جذور التوتر الحالي إلى الحرب المستمرة في قطاع غزة منذ أكتوبر الماضي، والتي فرضت ضغوطاً هائلة على الجيش الإسرائيلي وأدت إلى توسيع نطاق التحديات الأمنية. فإلى جانب الجبهة الجنوبية في غزة، تواجه إسرائيل اشتباكات شبه يومية مع حزب الله على الحدود الشمالية مع لبنان، بالإضافة إلى تحديات أمنية متفرقة في الضفة الغربية. هذا الوضع المعقد أدى إلى استنزاف الموارد العسكرية وخلق حالة من الإنهاك الاستراتيجي، مما جعل أي تطور جديد، خاصة على حدود هادئة نسبياً مثل الحدود المصرية، يكتسب أهمية مضاعفة.
تحليل حالة "الهستيريا الأمنية"
يرى محللون أن مصطلح "الهستيريا" الذي استخدمه اللواء ربيع لا يشير إلى حالة من الفوضى بقدر ما يصف حالة من ردود الفعل المبالغ فيها والمبنية على تقديرات أمنية متوترة. وتتجلى هذه الحالة في عدة جوانب رئيسية:
- الضغوط متعددة الجبهات: إسرائيل تجد نفسها متورطة في صراعات طويلة الأمد على جبهات متعددة في وقت واحد، وهو وضع لم تعتده منذ عقود، مما يضع ضغطاً كبيراً على عملية صنع القرار.
- الانقسام الداخلي: يعاني المستوى السياسي الإسرائيلي من انقسامات حادة، خاصة داخل حكومة الحرب، حول استراتيجية إدارة الصراع وأهدافه، مما ينعكس ارتباكاً على الأداء الميداني.
- التوتر مع مصر: تعتبر الحدود مع مصر ركيزة أساسية للأمن القومي الإسرائيلي منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد. أي تصعيد في هذه المنطقة، مثل السيطرة على محور فيلادلفيا، يُنظر إليه بقلق بالغ، وتُظهر الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة، كإغلاق المنطقة عسكرياً، محاولة استباقية للسيطرة على أي تهديدات محتملة، حقيقية كانت أو متخيلة.
إعلان الحدود منطقة عسكرية مغلقة
جاء قرار وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، بإغلاق المنطقة الحدودية مع مصر كإجراء احترازي بعد سلسلة من التقييمات الأمنية. ويعني هذا القرار تقييد حركة المدنيين وفرض سيطرة عسكرية كاملة على المنطقة، مما يتيح للجيش الإسرائيلي حرية أكبر في التحرك والعمل. ويربط المراقبون هذا الإجراء مباشرة بالعمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح الفلسطينية وسيطرتها على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، وهي خطوات أثارت حفيظة القاهرة التي حذرت مراراً من تداعياتها على استقرار المنطقة وعلى معاهدة السلام.
الأهمية والسياق الإقليمي
تكمن أهمية هذه التطورات في أنها تمس إحدى أهم العلاقات الثنائية في الشرق الأوسط، وهي العلاقة المصرية-الإسرائيلية التي شكلت حجر زاوية للاستقرار الإقليمي لأكثر من أربعة عقود. التصريحات المصرية والتحليلات الاستراتيجية، مثل تلك التي قدمها اللواء ربيع، تسلط الضوء على أن الإجراءات الإسرائيلية الأحادية قد تؤدي إلى تآكل الثقة وتقويض أسس السلام. وفي ظل استمرار الحرب في غزة وتوسعها إقليمياً، فإن فتح جبهة توتر جديدة مع مصر يُعد مؤشراً على حالة من التخبط الاستراتيجي الذي تعيشه إسرائيل، حيث تبدو محاصرة بين أهدافها العسكرية المعلنة والواقع الميداني والسياسي المعقد.



