كازاخستان تؤكد انضمامها للاتفاقات الإبراهيمية واصفة القرار بـ "المنطقي والطبيعي"
في خطوة دبلوماسية لافتة، أعلنت جمهورية كازاخستان في أوائل شهر أكتوبر 2023 عن قرارها الانضمام رسميًا إلى الاتفاقات الإبراهيمية. وجاء هذا الإعلان ليضيف بُعدًا جديدًا للاتفاقات التي توسطت فيها الولايات المتحدة بهدف تطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية والإسلامية. وقد وصفت الحكومة الكازاخستانية هذه الخطوة بأنها "طبيعية ومنطقية"، نظرًا للعلاقات الدبلوماسية القائمة بالفعل بين البلدين منذ عقود.

خلفية القرار وسياقه الدبلوماسي
تختلف حالة كازاخستان عن الدول العربية التي كانت السباقة في التوقيع على الاتفاقات الإبراهيمية في عام 2020، مثل الإمارات العربية المتحدة والبحرين، والتي أدت الاتفاقات بالنسبة لها إلى تأسيس علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل للمرة الأولى. أما كازاخستان، وهي دولة ذات أغلبية مسلمة في آسيا الوسطى، فقد أقامت علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل منذ عام 1992، أي بعد فترة وجيزة من استقلالها عن الاتحاد السوفيتي. وعليه، فإن انضمامها لا يمثل تطبيعًا للعلاقات من الصفر، بل هو ترسيخ وتعميق لروابط قائمة بالفعل، ووضعها ضمن إطار دولي أوسع.
أبعاد وتفاصيل الإعلان
جاء الإعلان الرسمي على لسان نائب وزير خارجية كازاخستان، ألماس أيداروف، خلال زيارة قام بها وزير الخارجية الإسرائيلي آنذاك، إيلي كوهين، إلى العاصمة أستانا. وأكد المسؤولون الكازاخستانيون أن القرار يعكس رغبة بلادهم في تعزيز التعاون والانفتاح، والاستفادة من الفرص التي يتيحها هذا الإطار الدبلوماسي. وتعد هذه الخطوة بمثابة تأكيد على سياسة كازاخستان الخارجية "متعددة التوجهات"، والتي تسعى من خلالها إلى بناء شراكات متوازنة مع القوى العالمية والإقليمية المختلفة، بما في ذلك روسيا والصين والولايات المتحدة والعالم الإسلامي.
الأهمية الاستراتيجية والآثار المحتملة
يحمل انضمام كازاخستان إلى الاتفاقات الإبراهيمية دلالات استراتيجية مهمة تتجاوز الطابع الرمزي، حيث يُنظر إليه على أنه يوسع النطاق الجغرافي للاتفاقات لتشمل منطقة آسيا الوسطى لأول مرة، مما قد يشجع دولًا أخرى في المنطقة على اتخاذ خطوات مماثلة. ومن المتوقع أن يفتح القرار آفاقًا جديدة للتعاون بين البلدين في عدة مجالات حيوية.
- التعاون الاقتصادي: من المرجح أن تشهد العلاقات التجارية والاستثمارية نموًا، خاصة في قطاعات التكنولوجيا المتقدمة، وإدارة الموارد المائية، والزراعة، وهي مجالات تتمتع فيها إسرائيل بخبرة كبيرة.
- الأمن والاستقرار: قد يؤدي الانضمام إلى تعزيز التنسيق الأمني وتبادل المعلومات في مواجهة التحديات الإقليمية المشتركة.
- الرمزية السياسية: يعزز القرار من مكانة الاتفاقات الإبراهيمية كمنصة فاعلة للسلام والتعاون الإقليمي، كما يعكس التغيرات المستمرة في المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى.
من جانبها، رحبت إسرائيل بشدة بالخطوة الكازاخستانية، واعتبرتها دليلًا إضافيًا على نجاح وزخم الاتفاقات الإبراهيمية، وتأكيدًا على أن دائرة السلام آخذة في الاتساع لتشمل المزيد من الدول. وفي المجمل، يمثل قرار كازاخستان تتويجًا لعلاقات دبلوماسية مستقرة وممتدة، ونقطة انطلاق نحو مرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجية ضمن إطار دولي معترف به.




