توسع المواجهة: الجيش اللبناني هدف جديد للتهديدات الإسرائيلية
في تحول مقلق على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، دخل الجيش اللبناني بشكل مباشر في دائرة الاستهداف، مما يمثل تصعيداً خطيراً يتجاوز قواعد الاشتباك غير المعلنة التي سادت بين إسرائيل وحزب الله منذ بدء التوترات في أكتوبر 2023. هذا التطور، الذي تجسد في حوادث استهداف مباشرة لمواقع عسكرية لبنانية، ينذر بتوسيع رقعة الصراع ويزيد من مخاطر الانزلاق نحو مواجهة شاملة.

تطورات ميدانية غير مسبوقة
شهدت الأشهر الأخيرة، وتحديداً منذ 8 أكتوبر 2023، سلسلة من الحوادث التي وضعت الجيش اللبناني في مرمى النيران الإسرائيلية. بلغ هذا التصعيد ذروته في 5 ديسمبر 2023، عندما أعلن الجيش اللبناني عن مقتل أحد جنوده وإصابة ثلاثة آخرين جراء قصف إسرائيلي استهدف مركزاً عسكرياً تابعاً له في بلدة العديسة الحدودية. وقد شكلت هذه الحادثة أول استهداف مباشر ومميت للجيش اللبناني منذ بداية المواجهات الحدودية، مما أثار إدانات واسعة وتساؤلات حول نوايا إسرائيل من وراء هذا التغيير في استراتيجيتها.
لم تكن حادثة العديسة معزولة، فقد تكررت التقارير عن سقوط قذائف إسرائيلية بالقرب من مواقع للجيش اللبناني وقوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل). وتؤكد هذه الوقائع أن المؤسسة العسكرية الرسمية للبنان لم تعد بمنأى عن تداعيات الصراع الدائر، والذي كان يتركز في السابق بشكل شبه حصري بين الجيش الإسرائيلي ومقاتلي حزب الله.
السياق الأوسع للصراع الحدودي
تأتي هذه التطورات في سياق المواجهات اليومية التي اندلعت على الحدود الجنوبية للبنان غداة عملية "طوفان الأقصى" التي شنتها حركة حماس في 7 أكتوبر 2023، وما تلاها من حرب إسرائيلية على قطاع غزة. فتح حزب الله جبهة "إسناد" لغزة، وبدأ في شن هجمات على مواقع عسكرية إسرائيلية، ليرد الجيش الإسرائيلي بقصف جوي ومدفعي عنيف على مناطق في جنوب لبنان.
تاريخياً، كان الجيش اللبناني يسعى إلى لعب دور ضابط للأمن والاستقرار في المنطقة الحدودية بالتنسيق مع اليونيفيل، وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي 1701. ومع ذلك، فإن استهدافه المباشر يضعف من قدرته على أداء هذا الدور ويهدد بتقويض بنية الاستقرار الهشة أصلاً في جنوب لبنان. يرى مراقبون أن هذا التصعيد قد يكون رسالة إسرائيلية متعددة الأهداف:
- الضغط على الحكومة اللبنانية لكبح جماح حزب الله.
- خلق معادلة ردع جديدة لا تستثني أي طرف على الجانب اللبناني.
- اختبار ردود الفعل الإقليمية والدولية تجاه توسيع نطاق العمليات.
ردود الفعل والتداعيات المحتملة
أثارت حادثة مقتل الجندي اللبناني ردود فعل غاضبة على المستويين الرسمي والشعبي في لبنان. فقد أدانت الحكومة اللبنانية الاعتداء بشدة، واصفة إياه بـ "العدوان المتعمد"، وتقدمت بشكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي. من جانبه، نعى الجيش اللبناني جنديه، مؤكداً على التزامه بواجباته في الدفاع عن الوطن.
وعلى الصعيد الدولي، أعربت قوات اليونيفيل عن قلقها العميق ودعت إلى وقف فوري لإطلاق النار وإجراء تحقيق كامل في الحادث. فيما عبر الجيش الإسرائيلي عن "أسفه" للحادث، مشيراً إلى أن القصف كان يستهدف "تهديداً من حزب الله" وأن الجيش اللبناني لم يكن الهدف المقصود، وهو تبرير لم يلق قبولاً في بيروت. يبقى الخطر الأكبر هو أن تؤدي هذه الحوادث إلى جر الجيش اللبناني للمواجهة، مما يحول الصراع من مواجهة بين جيش نظامي ومجموعة مسلحة إلى حرب مفتوحة بين دولتين، بعواقب كارثية على لبنان والمنطقة بأسرها.



