مخاوف من حرمان جماهير هايتي من حضور مونديال 2026 بسبب سياسات ترامب المحتملة
تزايدت التكهنات والمخاوف مؤخرًا بشأن سيناريو محتمل قد يحرم جماهير معينة، لا سيما من دولة هايتي، من حضور مباريات كأس العالم 2026 لكرة القدم، التي تستضيفها الولايات المتحدة وكندا والمكسيك. تأتي هذه المخاوف على خلفية التصريحات والسياسات المقترحة من قبل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والتي قد تؤثر بشكل مباشر على دخول المواطنين من بعض الدول إلى الأراضي الأمريكية في حال عودته للرئاسة.

الخلفية التاريخية والتصريحات المثيرة للجدل
لطالما اتسمت مواقف دونالد ترامب، خلال فترة رئاسته وفي حملاته الانتخابية الحالية، بنهج صارم تجاه قضايا الهجرة والحدود. ففي عام 2018، أثار ترامب جدلاً واسعاً بتصريحات وُصفت بالعنصرية، عندما وصف دولاً معينة، من بينها هايتي ودول أفريقية، بأنها "حثالة" في سياق نقاش حول الهجرة. هذه التصريحات لم تكن مجرد زلات لسان، بل عكست توجهًا سياسيًا ملموسًا تجلى في سياسات هجرة أكثر تشدداً، بما في ذلك حظر السفر على مواطني دول معينة، وتضييق الخناق على طالبي اللجوء والمهاجرين غير الشرعيين. تعكس هذه السوابق مصدر القلق الحالي، حيث يرى البعض أن عودة ترامب إلى سدة الحكم قد تعني إحياء وتوسيع مثل هذه السياسات، مما قد يؤثر على حاملي التأشيرات وحتى الزوار الشرعيين من بعض الدول.
تتمتع هايتي بتاريخ طويل من الهجرة إلى الولايات المتحدة، مدفوعة بالاضطرابات السياسية والكوارث الطبيعية والأوضاع الاقتصادية الصعبة. هذا التاريخ جعل الجالية الهايتية في الولايات المتحدة كبيرة، لكنه أيضاً جعل هايتي وشعبها نقطة متكررة في النقاشات حول الهجرة غير الشرعية واللجوء. وبالتالي، فإن أي سياسات أمريكية تهدف إلى تشديد الرقابة على الحدود أو تقييد دخول المهاجرين، يمكن أن تلقي بظلالها على قدرة المواطنين الهايتيين على السفر إلى الولايات المتحدة لأي غرض، بما في ذلك حضور فعاليات رياضية كبرى.
مونديال 2026: الاستضافة وآليات التأهل
تستعد الولايات المتحدة بالتعاون مع كندا والمكسيك لاستضافة نسخة استثنائية من كأس العالم 2026، التي ستشهد توسيع البطولة لتشمل 48 منتخباً للمرة الأولى في تاريخها. ستستضيف المدن الأمريكية معظم المباريات، بما في ذلك المباراة النهائية، مما يجعل السياسات الأمريكية للدخول والهجرة عاملاً حاسماً في تجربة الجماهير الدولية. عادة ما تتطلب الأحداث العالمية الكبرى مثل كأس العالم تسهيل إجراءات دخول المشجعين حاملي التذاكر من مختلف أنحاء العالم، إلا أن أي حظر واسع النطاق قد يعرقل هذه العملية بشكل كبير.
وبخصوص مشاركة منتخب هايتي لكرة القدم للرجال، من المهم الإشارة إلى أن الفريق لم يتأهل بعد رسميًا إلى نهائيات كأس العالم 2026. يخوض المنتخب الهايتي، شأنه شأن العديد من المنتخبات في قارة أمريكا الشمالية والوسطى والكاريبي (الكونكاكاف)، حالياً التصفيات المؤهلة للبطولة. التصفيات ما زالت في مراحلها الأولية، ومسيرة التأهل طويلة وغير مضمونة. لذا، فإن المخاوف الحالية لا تتعلق بمنع جماهير فريق مؤهل فعلياً، بل بمنع جماهير فريق قد ينجح في التأهل مستقبلاً، مما يجعل السيناريو أكثر تعقيداً ويضيف طبقة من عدم اليقين على حظوظ المشجعين الهايتيين في حال تأهل منتخبهم التاريخي. يجب التفريق هنا عن إنجاز منتخب هايتي للسيدات الذي تأهل لبطولة كأس العالم للسيدات 2023، لكن الحديث هنا يدور حول مونديال الرجال 2026.
السيناريوهات المحتملة وردود الأفعال
السيناريو الذي تثيره المخاوف هو أن يعود ترامب إلى البيت الأبيض في الانتخابات الرئاسية لعام 2024، ويشرع في تطبيق سياسات هجرة أكثر صرامة بكثير، ربما تتضمن توسيع قوائم الدول المشمولة بحظر السفر أو فرض قيود مشددة على إصدار التأشيرات لمواطني بعض الدول، تحت مبررات الأمن القومي أو مكافحة الهجرة غير الشرعية. مثل هذه الإجراءات، حتى لو لم تستهدف "الجماهير الرياضية" بشكل صريح، يمكن أن يكون لها تأثير جانبي واسع النطاق يحول دون قدوم أعداد كبيرة من المشجعين من بلدان مثل هايتي.
في حال حدوث مثل هذا السيناريو، من المتوقع أن تواجه الإدارة الأمريكية ردود فعل عنيفة من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، الذي عادة ما يؤكد على قيم الشمولية وعدم التمييز في بطولاته. قد تضغط الفيفا على الدولة المضيفة لضمان تسهيل دخول جميع المشجعين بغض النظر عن جنسياتهم، وذلك تماشياً مع روح اللعبة العالمية. كما ستثير منظمات حقوق الإنسان والمجتمعات المهاجرة حول العالم احتجاجات واسعة، معتبرة أي حظر من هذا القبيل انتهاكاً للمبادئ الأساسية للتضامن الدولي والرياضة كقوة موحدة. علاوة على ذلك، فإن حرمان جماهير من حضور مثل هذا الحدث العالمي سيؤثر سلباً على الأجواء الاحتفالية للبطولة، وعلى الإيرادات المتوقعة من السياحة والإنفاق الجماهيري.
الآفاق المستقبلية والمراقبة الدبلوماسية
تبقى هذه المخاوف في الوقت الراهن محض تكهنات، معتمدة على نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024 وعلى طبيعة السياسات التي قد تتبناها الإدارة الجديدة. ومع ذلك، فإن مجرد طرح هذا السيناريو يسلط الضوء على تقاطع السياسة بالرياضة العالمية، وكيف يمكن للقرارات الحكومية أن تؤثر على أحداث ضخمة تتجاوز الحدود الوطنية. سيستمر المراقبون والجهات المعنية، بما في ذلك الفيفا والاتحادات الكروية الوطنية، في متابعة التطورات السياسية في الولايات المتحدة عن كثب.
تظل الروح الأولمبية والرياضية داعية للتآخي وكسر الحواجز، ومن شأن أي سياسات تقيد هذا التفاعل أن تتعارض مع جوهر الأحداث الرياضية الدولية. يبقى الأمل معلقاً على أن تسود قيم الوحدة والتضامن، لضمان تجربة كأس عالم شاملة ومرحبة بجميع الجماهير من كل بقاع الأرض، في حال تأهل منتخباتهم بالطبع.





