مدير مهرجان القاهرة للعرائس: إشادة بجهود وزارة الثقافة في الدورة الافتتاحية
تلقى المشهد الثقافي المصري دفعة قوية مع اختتام الدورة الافتتاحية لمهرجان القاهرة لمسرح العرائس. في تصريحات صدرت في أواخر العام الماضي، أشاد الدكتور محمود صدقي، مدير المهرجان، بالدور المحوري الذي لعبته وزارة الثقافة المصرية في إنجاح هذا الحدث الفني البارز. وأكد صدقي أن دعم الوزارة كان عاملاً حاسماً في تنظيم وتقديم هذه الدورة الأولى، التي شكلت علامة فارقة في مسيرة فن العرائس بالبلاد.

خلفية تأسيس المهرجان ودورته الأولى
يأتي تأسيس مهرجان القاهرة لمسرح العرائس استجابةً لحاجة ملحة لتنشيط وتطوير فن العرائس في مصر، الذي يمتلك تاريخاً طويلاً وعريقاً ولكنه بحاجة مستمرة إلى الدعم والابتكار. يهدف المهرجان إلى توفير منصة للفنانين المصريين والعرب لعرض أعمالهم، وتبادل الخبرات، وجذب جمهور أوسع لهذا الفن الساحر.
أقيمت الدورة الافتتاحية للمهرجان على خشبة مسرح المركز الأكاديمي للثقافة والفنون، المعروف بـ مسرح سيد درويش، وهو موقع ذو أهمية ثقافية كبيرة. حملت هذه الدورة اسم الفنان الراحل جمال الموجي، أحد رواد ومبدعي فن العرائس في مصر والوطن العربي. جاء هذا التكريم عرفاناً بمشواره الفني الحافل وإسهاماته الجليلة التي تركت بصمة واضحة في هذا المجال، حيث يُعد الموجي رمزاً للإبداع والتفاني في عالم العرائس.
شملت فعاليات المهرجان في دورته الأولى مجموعة متنوعة من العروض المسرحية، بالإضافة إلى ورش عمل متخصصة وندوات فكرية ناقشت مستقبل فن العرائس والتحديات التي يواجهها. وقد ساهم هذا التنوع في إثراء التجربة الفنية للحضور والمشاركين على حد سواء، مؤكداً على الطموح الكبير للمهرجان في أن يصبح حدثاً فنياً رائداً على المستويين المحلي والدولي.
الدور المحوري لوزارة الثقافة في دعم الفنون
لم تكن إشادة الدكتور محمود صدقي بجهود وزارة الثقافة مجرد تقدير رمزي، بل كانت اعترافاً بالدعم المادي واللوجستي الكبير الذي قدمته الوزارة. فقد تضمن هذا الدعم توفير التمويل اللازم لتغطية تكاليف التنظيم والإنتاج، بالإضافة إلى تسهيل الحصول على المسارح والمرافق الضرورية لإقامة العروض والفعاليات. إن رعاية الوزارة الرسمية للمهرجان منحت الحدث مصداقية ودفعة قوية، وفتحت الأبواب أمام مشاركات أوسع من الفرق الفنية والجمهور.
يُعد دعم وزارة الثقافة لمثل هذه المهرجانات الفنية عنصراً حيوياً للحفاظ على الهوية الثقافية وتعزيزها. ففن العرائس، على وجه الخصوص، يحتاج إلى بيئة داعمة ليزدهر، نظراً لتكاليف إنتاجه التي قد تكون مرتفعة وللحاجة إلى كوادر متخصصة. وبفضل هذا الدعم، تمكن المهرجان من تقديم مستوى فني رفيع، وجذب اهتماماً إعلامياً وجماهيرياً واسعاً، مما يساهم في إعادة فن العرائس إلى الواجهة الثقافية.
تؤكد هذه الجهود على التزام الوزارة بتمكين المبادرات الثقافية والفنية التي تخدم أهداف التنمية المستدامة وتعزيز الوعي الفني في المجتمع. وتُعد هذه الشراكة بين إدارة المهرجان والوزارة نموذجاً يحتذى به في التعاون المثمر لخدمة قضايا الفن والثقافة.
أكاديمية الفنون ومستقبل مسرح العرائس الأكاديمي
تأتي أهمية مهرجان القاهرة لمسرح العرائس متزامنة مع تطور أكاديمي مهم في مجال فن العرائس. فقبل نحو عامين من انطلاق المهرجان، قامت أكاديمية الفنون بخطوة رائدة بضم فنون العرائس إلى مناهجها الدراسية. شمل هذا القرار مستويات مختلفة من الدراسة في معاهد الأكاديمية، بما في ذلك معهد فنون الطفل ومعاهد الفنون التعبيرية. يُنظر إلى هذا التطور كاستثمار استراتيجي في مستقبل فن العرائس في مصر.
إن إدراج فن العرائس في المقررات الأكاديمية يضفي عليه شرعية أكاديمية ويضمن تخريج أجيال جديدة من المتخصصين والباحثين في هذا المجال. فهو يوفر للطلاب الفرصة لدراسة تقنيات العرائس المختلفة، وتاريخها، ودورها في الدراما، وكيفية توظيفها في الإنتاج الفني. كما أنه يساهم في تطوير نظريات جديدة ويشجع على البحث العلمي في هذا الفن، مما يرفع من مستوى الممارسة والتنظير.
يُعد هذا التكامل بين المهرجان كحدث عملي وأكاديمية الفنون كمؤسسة تعليمية خطوة بالغة الأهمية. فالمهرجان يوفر منصة لتطبيق ما يتم تعلمه أكاديمياً وعرضه على الجمهور، بينما تضمن الأكاديمية استمرارية تدفق المواهب والكفاءات المدربة إلى هذا المجال. هذا التنسيق يخلق بيئة متكاملة لازدهار فن العرائس، من التعليم إلى الإنتاج والعرض، مما يبشر بمستقبل مشرق لهذا الفن التراثي والعصري.
الأثر الثقافي والتطلعات المستقبلية
لا يقتصر تأثير مهرجان القاهرة لمسرح العرائس على كونه حدثاً فنياً عابراً، بل يمتد ليترك أثراً ثقافياً عميقاً في المجتمع المصري. فهو يساهم في إحياء فن يعتبر جزءاً أصيلاً من التراث الشعبي، ويقدمه في حلة عصرية وجذابة للجمهور بمختلف فئاته العمرية، وخاصة الأطفال الذين يُعتبرون الجمهور الأساسي والأكثر تفاعلاً مع فن العرائس.
من خلال توفير عروض ذات جودة عالية وورش عمل تعليمية، يسهم المهرجان في بناء وعي فني وثقافي لدى الأجيال الجديدة. إنه يعلمهم تقدير الجمال والإبداع ويثري خيالهم، فضلاً عن كونه وسيلة فعالة لتناول القضايا الاجتماعية والتربوية بأسلوب مبسط وممتع. هذه الجهود الجماعية تضمن أن يظل فن العرائس ليس مجرد ذكرى من الماضي، بل جزءاً حيوياً ومتجدداً من المشهد الثقافي المصري.
يتطلع المنظمون والجهات الداعمة إلى تطوير المهرجان في دوراته القادمة، ليشمل نطاقاً أوسع من المشاركات الدولية، وتقديم المزيد من التجارب المبتكرة. تظل الرؤية هي ترسيخ مكانة مهرجان القاهرة لمسرح العرائس كواحد من أبرز المهرجانات المتخصصة في المنطقة، ومواصلة العمل على دعم وتطوير هذا الفن الأصيل الذي يجسد جزءاً مهماً من روح الإبداع المصري.





