مسؤول إسرائيلي: الحرب ستُستأنف بعد عودة الأسرى وحماس لن تُسلّم سلاحها
في تصريحات حديثة تعكس الموقف الإسرائيلي من مفاوضات وقف إطلاق النار الجارية، أكد مسؤولون إسرائيليون، من بينهم وزير الطاقة إيلي كوهين، أن أي اتفاق محتمل لتبادل الأسرى لن يعني نهاية الحرب في قطاع غزة. وشددت هذه التصريحات على أن إسرائيل تحتفظ بحقها في استئناف العمليات العسكرية بعد إتمام أي صفقة، وذلك انطلاقًا من قناعتها بأن حركة حماس لن تتخلى عن سلاحها أو قدراتها العسكرية بشكل طوعي.

خلفية التصريحات وسياق المفاوضات
تأتي هذه المواقف في وقت حاسم تتكثف فيه الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى هدنة في غزة، خصوصًا في أعقاب الإعلان الذي قدمه الرئيس الأمريكي جو بايدن عن مقترح جديد لوقف إطلاق النار. يتألف المقترح من ثلاث مراحل تهدف إلى إطلاق سراح جميع الأسرى، وانسحاب القوات الإسرائيلية الكامل من القطاع، والبدء في عملية إعادة إعمار واسعة، وصولًا إلى "نهاية دائمة للأعمال العدائية".
وقد وصفت الولايات المتحدة ووسطاء آخرون، مثل قطر ومصر، المقترح بأنه "إسرائيلي" في جوهره، وحثوا حركة حماس على قبوله لإنهاء الصراع. إلا أن التصريحات المتكررة من داخل الحكومة الإسرائيلية تثير الشكوك حول مدى التزامها ببنود المقترح، خاصة فيما يتعلق بإنهاء الحرب بشكل دائم.
الموقف الإسرائيلي الرسمي
أوضح وزير الطاقة إيلي كوهين وغيره من المسؤولين أن الهدف الاستراتيجي لإسرائيل لم يتغير، وهو القضاء التام على القدرات العسكرية والحكومية لحركة حماس. ووفقًا لهذا المنظور، فإن أي توقف في القتال يُعتبر تكتيكيًا ومؤقتًا، ويهدف بشكل أساسي إلى استعادة الأسرى المحتجزين في غزة منذ هجوم السابع من أكتوبر.
وتقوم الرؤية الإسرائيلية على عدة مبادئ أساسية تم التعبير عنها في تصريحات مختلفة:
- استمرارية الحرب: التأكيد على أن الحرب لن تتوقف بشكل نهائي إلا بعد تحقيق جميع أهدافها المعلنة، وعلى رأسها تفكيك حماس.
- مرونة استئناف القتال: تحتفظ إسرائيل بالمرونة التشغيلية والعسكرية لاستئناف القتال في أي وقت تراه مناسبًا بعد تنفيذ المرحلة الأولى من أي اتفاق محتمل.
- عدم تسليم حماس للسلاح: الاعتقاد السائد لدى الجانب الإسرائيلي هو أن حماس لن توافق أبدًا على نزع سلاحها، مما يجعل استمرار المواجهة أمرًا حتميًا من وجهة نظرهم.
- رفض إنهاء الحرب كشرط مسبق: ترفض إسرائيل الالتزام بإنهاء الحرب كجزء من اتفاق تبادل الأسرى، وتعتبر أن الربط بين المسارين يخدم مصالح حماس.
ردود الفعل وموقف حماس
من جانبها، أبدت حركة حماس تجاوبًا أوليًا إيجابيًا مع الخطوط العريضة للمقترح الذي أعلنه بايدن. ومع ذلك، تشترط الحركة الحصول على ضمانات واضحة وملزمة بوقف دائم لإطلاق النار وانسحاب إسرائيلي كامل من قطاع غزة قبل التوقيع على أي اتفاق نهائي. وتعتبر الحركة أن التصريحات الإسرائيلية حول استئناف الحرب تؤكد شكوكها بأن إسرائيل تسعى فقط لاستعادة أسراها ثم مواصلة هجومها على القطاع.
وقد صرح مسؤولون في حماس بأنهم لن يقبلوا باتفاق لا يضمن بشكل صريح وقفًا شاملاً ودائمًا للعدوان. ويرى محللون أن هذه الفجوة في التوقعات بين الطرفين تمثل العقبة الأكبر أمام نجاح الجهود الدبلوماسية الحالية، حيث يسعى كل طرف إلى تفسير بنود المقترح بما يخدم أهدافه النهائية المتضاربة.
الأهمية والتداعيات المحتملة
تكمن أهمية هذه التصريحات المتبادلة في أنها تكشف عن انعدام الثقة العميق بين الطرفين المتحاربين، وتلقي بظلال من الشك على إمكانية التوصل إلى سلام مستدام. فبينما يضغط المجتمع الدولي من أجل إنهاء الصراع، تواجه الحكومة الإسرائيلية ضغوطًا داخلية هائلة. من جهة، يهدد شركاء الائتلاف من اليمين المتطرف بالانسحاب من الحكومة إذا تم إنهاء الحرب دون تحقيق ما يعتبرونه "نصرًا مطلقًا" على حماس. ومن جهة أخرى، يتظاهر أهالي الأسرى بشكل مستمر للمطالبة بإبرام صفقة فورية لضمان عودة أبنائهم.
في ظل هذا المشهد المعقد، يبقى مصير المقترح المطروح غامضًا. فالتصريحات الصادرة من إسرائيل قد تكون موجهة للاستهلاك المحلي لتهدئة الأطراف اليمينية، أو قد تعبر بالفعل عن نية حقيقية لاستئناف القتال، وهو ما يجعل التوصل إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف تحديًا كبيرًا أمام الوسطاء.





