مسؤول استخباراتي مصري سابق يكشف تفاصيل الفشل الإسرائيلي في قضية جلعاد شاليط
سلط اللواء محمد إبراهيم الدويري، وكيل جهاز المخابرات العامة المصرية السابق، الضوء على ما وصفه بـ "الفشل الذريع" الذي منيت به أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في قضية الجندي جلعاد شاليط. ففي تصريحات وتحليلات أدلى بها عقب إتمام صفقة تبادل الأسرى، أكد الدويري أن قدرة حركة حماس على إخفاء شاليط لأكثر من خمس سنوات تُعد دليلاً على تفوقها العملياتي وعجز إسرائيل عن مواجهة تكتيكاتها، على الرغم من إمكانياتها التكنولوجية والعسكرية الهائلة.

خلفية أسر الجندي جلعاد شاليط
تعود جذور القضية إلى 25 يونيو 2006، عندما نفذت فصائل فلسطينية مسلحة، بقيادة كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس، عملية عسكرية نوعية عبر الأنفاق على الحدود مع قطاع غزة. أسفر الهجوم عن مقتل جنديين إسرائيليين وأسر العريف جلعاد شاليط، الذي تم نقله إلى مكان مجهول داخل القطاع. ومنذ ذلك الحين، تحولت قضيته إلى أزمة وطنية في إسرائيل، حيث ضغط الرأي العام بقوة على الحكومات المتعاقبة لإعادته، في حين فرضت حماس تعتيمًا كاملاً على مصيره ومكانه، مستخدمة إياه كورقة تفاوض أساسية.
فشل استخباراتي إسرائيلي واسع النطاق
وفقًا لتحليل الدويري وخبراء أمنيين آخرين، بذلت إسرائيل جهودًا استخباراتية وعسكرية جبارة لتحديد موقع شاليط. شملت هذه الجهود عمليات عسكرية واسعة في قطاع غزة، وتكثيف أنشطة التجسس الإلكتروني والبشري، واستخدام أحدث تقنيات المراقبة. ومع ذلك، فشلت جميع هذه المحاولات بشكل كامل في الوصول إلى أي معلومة دقيقة تقود إلى مكانه. يرى الدويري أن هذا الإخفاق لم يكن مجرد فشل ميداني، بل كان فشلاً استراتيجيًا كشف عن نقاط ضعف عميقة في بنية الاستخبارات الإسرائيلية وقدرتها على التعامل مع تنظيم محكم ومنضبط مثل حماس في بيئة معقدة كقطاع غزة.
قدرات حماس العملياتية والتفوق الميداني
على الجانب الآخر، أبرزت تصريحات المسؤول الاستخباراتي المصري السابق "القدرة الفائقة" التي أظهرتها حماس في إدارة عملية احتجاز شاليط. وأوضح أن إخفاء شخص لمدة خمس سنوات وأربعة أشهر في منطقة صغيرة ومحاصرة ومراقبة بشكل مكثف يتطلب مستوى عالياً جداً من التخطيط والتنفيذ والانضباط الأمني. يعتقد الدويري أن نجاح حماس في هذه المهمة أثبت أنها كانت تعد نفسها لمرحلة جديدة من المواجهة، حيث تطورت قدراتها في مجال الأمن المضاد والتخفي وحماية أصولها الاستراتيجية. لقد تمكنت الحركة من إبقاء شاليط معزولاً تماماً عن العالم الخارجي وعن أعين أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية وعملائها.
الأبعاد والتداعيات وصفقة التبادل
تركت قضية شاليط تداعيات عميقة على كافة الأطراف. فبالنسبة لإسرائيل، مثلت الحادثة ضربة معنوية قاسية وأجبرتها في النهاية على الدخول في مفاوضات غير مباشرة مع حماس، وهو ما كانت ترفضه سابقًا. أما بالنسبة لحماس، فقد عززت العملية من مكانتها كقوة رئيسية على الساحة الفلسطينية وأظهرت قدرتها على تحقيق إنجازات استراتيجية. انتهت الأزمة في أكتوبر 2011 عبر صفقة تبادل أسرى معقدة بوساطة مصرية وألمانية، عُرفت باسم "وفاء الأحرار". بموجب الصفقة، أُطلق سراح جلعاد شاليط مقابل الإفراج عن 1,027 أسيرًا وأسيرة فلسطينية من السجون الإسرائيلية، في واحدة من أكبر عمليات تبادل الأسرى في تاريخ الصراع.





