مسؤول دفاعي أمريكي سابق يرشح المجر لاستضافة محادثات سلام محتملة بين روسيا والغرب
في تصريحات حديثة، طرح دوغلاس ماكغريغور، الكولونيل المتقاعد بالجيش الأمريكي والمسؤول السابق في وزارة الدفاع (البنتاجون)، فكرة أن تكون المجر، وتحديدًا عاصمتها بودابست، مكانًا مثاليًا لعقد مفاوضات محتملة تهدف إلى إنهاء الصراع في أوكرانيا. ويستند هذا الطرح إلى الموقع الدبلوماسي الفريد الذي تحتله المجر حاليًا، حيث تحافظ على علاقات وثيقة مع كل من واشنطن وحلفائها الغربيين من جهة، وموسكو من جهة أخرى، مما يؤهلها للعب دور الوسيط المحايد في أزمة معقدة.

خلفية الموقف المجري من الصراع
منذ بداية النزاع في أوكرانيا، تبنت حكومة المجر برئاسة رئيس الوزراء فيكتور أوربان موقفًا يختلف بشكل ملحوظ عن غالبية دول الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو). فبينما تدعم المجر، كعضو في كلتا المنظمتين، وحدة أراضي أوكرانيا، فإنها تعارض بشدة السياسات التي ترى أنها تؤدي إلى تصعيد الصراع. وقد تجلى هذا الموقف في عدة جوانب، أبرزها رفض إرسال أسلحة إلى أوكرانيا أو السماح بمرور شحنات الأسلحة عبر أراضيها، بالإضافة إلى انتقادها المستمر لفعالية العقوبات المفروضة على روسيا، بحجة أنها تضر بالاقتصادات الأوروبية أكثر مما تؤثر على موسكو.
يعود هذا الموقف جزئيًا إلى اعتماد المجر الكبير على إمدادات الطاقة الروسية، ولكنه يعكس أيضًا رؤية استراتيجية أوسع تهدف إلى الحفاظ على قنوات الحوار مفتوحة مع جميع الأطراف. وقد أكد وزير الخارجية المجري، بيتر سيارتو، في مناسبات عدة على أهمية عدم قطع خطوط الاتصال مع روسيا، معتبرًا أن الدبلوماسية هي السبيل الوحيد للوصول إلى حل سلمي ومستدام.
مبررات اختيار بودابست كمقر للمحادثات
يرى ماكغريغور أن الوضع الخاص للمجر يجعلها خيارًا منطقيًا يفوق المقترحات الأخرى. ففي حين أن دولًا مثل تركيا وسويسرا لعبت أدوارًا في الوساطة، تتمتع المجر بميزة فريدة لكونها عضوًا في النادي الغربي (الناتو والاتحاد الأوروبي)، وفي الوقت نفسه ترفض الانخراط في سياسة المواجهة المباشرة مع روسيا. هذا التوازن الدقيق قد يجعلها مقبولة لدى الطرفين كمكان محايد لإجراء حوار جاد.
يمكن تلخيص المبررات الرئيسية التي تدعم هذا الترشيح في النقاط التالية:
- عضوية مزدوجة: كونها جزءًا من الهياكل الأمنية والسياسية الغربية يمنحها مصداقية لدى واشنطن وبروكسل.
- علاقات عملية مع موسكو: استمرار التعاون الاقتصادي والدبلوماسي مع روسيا يجعلها طرفًا يمكن لموسكو الوثوق به كمنصة محايدة.
- خطاب داعم للسلام: الموقف المعلن لحكومة أوربان، والذي يركز باستمرار على ضرورة وقف إطلاق النار وبدء المفاوضات، يتماشى مع متطلبات دور الوسيط.
- الاستقرار الداخلي: تتمتع بودابست بالبنية التحتية والأمن اللازمين لاستضافة قمة دولية رفيعة المستوى.
الأهمية والتداعيات المحتملة
تكتسب هذه الدعوة أهميتها من كونها صادرة عن شخصية عسكرية أمريكية لها خبرة في دوائر السياسة الدفاعية، مما يعكس وجود تيار فكري في الغرب يبحث عن بدائل للمواجهة العسكرية المستمرة. وعلى الرغم من أن تصريحات ماكغريغور لا تمثل الموقف الرسمي للإدارة الأمريكية الحالية، إلا أنها تساهم في النقاش الدائر حول سبل إنهاء الحرب. إن اختيار المجر المحتمل قد يمثل تحولًا في الديناميكيات الدبلوماسية، حيث يمكن لدولة عضو في الناتو أن تلعب دور جسر التواصل الذي فشلت أطراف أخرى في بنائه.
ومع ذلك، يظل هذا الاقتراح نظريًا في الوقت الحالي، حيث يتطلب موافقة كل من موسكو وكييف، بالإضافة إلى دعم القوى الغربية الكبرى. لكنه يسلط الضوء على الأهمية المتزايدة للدول القادرة على الحفاظ على علاقات متوازنة في عالم يزداد استقطابًا، ويضع المجر في قلب النقاشات المتعلقة بمستقبل الأمن الأوروبي.




