مذكرة اعتقال بوتين تعقد خطط لقائه المحتمل بترامب في المجر
أثار اقتراح الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عقد قمة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في العاصمة المجرية بودابست، في حال فوزه بالانتخابات الرئاسية المقبلة، تساؤلات جدية حول الجدوى اللوجستية والقانونية لمثل هذا اللقاء. فالاقتراح يصطدم بعقبة رئيسية تتمثل في مذكرة الاعتقال الدولية الصادرة بحق بوتين، مما يضع المجر في موقف دبلوماسي حرج ويجعل مسار رحلته الجوية إلى قلب أوروبا تحديًا معقدًا.
خلفية الاقتراح ومذكرة الاعتقال
طرح دونالد ترامب فكرة استضافة قمة سلام لإنهاء الحرب في أوكرانيا، مقترحًا أن تكون بودابست مكانًا مثاليًا للقاء يجمعه بالرئيس الروسي. إلا أن هذا المقترح يتجاهل الواقع القانوني الدولي الذي تغير بشكل جذري في مارس 2023، حين أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق الرئيس بوتين بتهمة ارتكاب جرائم حرب محتملة في أوكرانيا. وبصفتها دولة موقعة على نظام روما الأساسي، الميثاق المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية، فإن المجر ملزمة قانونيًا بتوقيف وتسليم أي شخص مطلوب للمحكمة تطأ قدماه أراضيها.
موقف المجر المعقد
تجد حكومة رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، التي حافظت على علاقات وثيقة مع موسكو مقارنة بباقي دول الاتحاد الأوروبي، نفسها في موقف لا تحسد عليه. فمن جهة، هناك التزاماتها القانونية الدولية كعضو في الاتحاد الأوروبي وموقعة على نظام روما. ومن جهة أخرى، فإن سياسات أوربان غالبًا ما تتعارض مع التوجه العام للاتحاد الأوروبي فيما يخص روسيا. وقد سبق لمسؤولين مجريين التلميح إلى أنهم لن يقوموا باعتقال بوتين، مما يثير احتمالية حدوث أزمة دبلوماسية وقانونية كبرى مع شركائها الأوروبيين والمؤسسات الدولية في حال تمت الزيارة.
تحديات المسار الجوي
بعيدًا عن المعضلة القانونية على الأرض، يبرز تحدٍ لوجستي هائل في الجو. منذ بدء الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا عام 2022، أغلق الاتحاد الأوروبي ودول أخرى مجالها الجوي أمام الطائرات الروسية. وهذا يعني أن أي رحلة رئاسية من موسكو إلى بودابست ستكون محفوفة بالمخاطر والتحديات:
- إن المسارات الجوية المباشرة تمر فوق دول مثل بولندا وسلوفاكيا، وهي دول أعضاء في حلف الناتو والاتحاد الأوروبي وملزمة بتنفيذ مذكرة الاعتقال، مما يجعل التحليق فوقها أمرًا شبه مستحيل.
- قد تضطر الطائرة الرئاسية إلى سلوك مسار التفافي طويل جدًا، ربما جنوبًا فوق البحر الأسود وتركيا، ثم عبر دول البلقان غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مثل صربيا، التي لم توقع على نظام روما الأساسي.
- حتى هذا المسار البديل يتطلب الحصول على أذونات تحليق من عدة دول، وهو أمر غير مضمون، وقد يعرض الرحلة لمخاطر سياسية وأمنية.
الأهمية والدلالات
يسلط هذا السيناريو الافتراضي الضوء على مدى العزلة التي يواجهها الرئيس الروسي على الساحة الدولية، حيث لم تعد تنقلاته ممكنة بحرية حتى إلى الدول التي تعتبر صديقة نسبيًا داخل أوروبا. كما يكشف النقاش الدائر حول هذه الزيارة المحتملة عن الانقسامات داخل الاتحاد الأوروبي بشأن كيفية التعامل مع روسيا، ويختبر مدى التزام الدول الأعضاء بالقانون الدولي في مواجهة المصالح السياسية. وفي نهاية المطاف، فإن مجرد التفكير في التغلب على هذه العقبات يوضح حجم التحديات التي ستواجه أي محاولة دبلوماسية مستقبلية لإعادة إشراك روسيا على أعلى المستويات.





