المجر تؤكد عزمها على تجاوز أي حظر أوروبي على الطاقة الروسية
أكدت الحكومة المجرية، بقيادة رئيس الوزراء فيكتور أوربان، موقفها الثابت والرافض لأي عقوبات يفرضها الاتحاد الأوروبي قد تهدد أمن إمدادات الطاقة في البلاد، وخاصة واردات النفط والغاز من روسيا. ويأتي هذا الموقف، الذي يضع بودابست في خلاف متكرر مع بروكسل والعديد من الدول الأعضاء، في سياق الجهود الأوروبية المستمرة للضغط على موسكو ردًا على الحرب في أوكرانيا، ويعكس تحديًا كبيرًا لوحدة السياسة الخارجية للاتحاد.

خلفية الاعتماد على الطاقة الروسية
يعود الموقف المجري بشكل أساسي إلى اعتمادها الهيكلي الكبير على موارد الطاقة الروسية، وهو وضع تشكل على مدى عقود طويلة نتيجة للبنية التحتية والموقع الجغرافي للبلاد. ولكونها دولة حبيسة لا تملك منافذ بحرية مباشرة، فإن قدرتها على تنويع مصادر الطاقة واستيراد النفط والغاز المسال من الأسواق العالمية محدودة ومكلفة للغاية. ويتجلى هذا الاعتماد في النقاط التالية:
- تستورد المجر حوالي 85% من احتياجاتها من الغاز الطبيعي من روسيا عبر خطوط أنابيب تمر عبر أوكرانيا وتركيا.
- يأتي ما يزيد عن 60% من نفطها الخام من روسيا عبر خط أنابيب "دروجبا" (الصداقة)، الذي يُعد شريان الحياة لمصافي التكرير المجرية.
- تعتمد المجر أيضًا على روسيا في قطاع الطاقة النووية، حيث تقوم شركة "روساتوم" الروسية الحكومية بتوسعة محطة "باكس" للطاقة النووية، التي توفر جزءًا كبيرًا من كهرباء البلاد.
موقف المجر من عقوبات الاتحاد الأوروبي
منذ بدء الصراع في أوكرانيا في فبراير 2022، عمل الاتحاد الأوروبي على فرض حزم عقوبات اقتصادية صارمة ضد روسيا، كان قطاع الطاقة أحد أبرز أهدافها. ومع ذلك، استخدمت المجر حق النقض (الفيتو) أو هددت باستخدامه لضمان الحصول على إعفاءات تحمي مصالحها الحيوية. وكان أبرز مثال على ذلك المفاوضات حول حزمة العقوبات السادسة، التي فرضت حظرًا على واردات النفط الروسي المنقول بحرًا. وبعد مفاوضات شاقة، نجحت المجر في تأمين إعفاء كامل للنفط الخام الذي يصلها عبر خط أنابيب دروجبا، بحجة أن الحظر الشامل كان سيشكل "قنبلة ذرية" للاقتصاد المجري، على حد تعبير أوربان.
التداعيات والانقسامات داخل الاتحاد
أدت سياسة المجر إلى توترات وانقسامات ملحوظة داخل الاتحاد الأوروبي. ففي حين تتفهم بعض الدول، خاصة تلك المجاورة والمعتمدة أيضًا على خطوط الأنابيب الروسية، موقف بودابست، يرى آخرون أنه يقوض الجهود المشتركة للضغط على موسكو ويضعف من مصداقية الاتحاد ككتلة موحدة. ويرى المنتقدون أن فيكتور أوربان يستغل هذه القضية لتعزيز أجندته السياسية الداخلية وتحدي سلطة بروكسل. وفي المقابل، تصر الحكومة المجرية على أن سياستها مدفوعة بالبراغماتية والمصلحة الوطنية، مؤكدة أن أمن الطاقة يجب أن يظل بمنأى عن الاعتبارات الأيديولوجية والسياسية. وقد استمر هذا الموقف خلال عامي 2023 و2024، حيث تواصل المجر استيراد الطاقة الروسية بموجب عقود طويلة الأجل، مما يضمن بقاء هذه القضية نقطة خلاف رئيسية في السياسة الأوروبية.





