مستقبل غزة على المحك: الصحافة العربية تناقش خيارين حاسمين
في ظل التطورات المتسارعة في الشرق الأوسط، سلّطت الصحافة العربية في تقاريرها الصادرة بتاريخ 21 أكتوبر 2025، الضوء على النقاش المحتدم حول مستقبل قطاع غزة. وتتركز التحليلات على مسارين رئيسيين أو خيارين أساسيين، سيحددان شكل الحكم والوضع الإنساني في القطاع للسنوات القادمة، مما يضع مستقبل أكثر من مليوني فلسطيني على مفترق طرق حاسم.

الخيار الأول: عودة السلطة الفلسطينية
يطرح العديد من المحللين والكتاب، كما تعكس التقارير الصحفية، سيناريو عودة السلطة الفلسطينية التي تتخذ من رام الله مقراً لها، لتولي المسؤوليات الإدارية والأمنية في قطاع غزة. ويحظى هذا الطرح بدعم دولي وإقليمي واسع، خاصة من الولايات المتحدة وبعض الدول العربية، التي تراه خطوة ضرورية لتوحيد الأراضي الفلسطينية تحت مظلة شرعية واحدة معترف بها دولياً. ويعتبر المؤيدون لهذا الحل أنه يفتح الباب أمام استئناف عملية السلام، ويسهل تدفق المساعدات الدولية وإعادة الإعمار بشكل منظم.
على الرغم من الدعم الخارجي، يواجه هذا الخيار تحديات داخلية هائلة. فالانقسام السياسي العميق بين حركتي فتح وحماس، الذي يعود إلى عام 2007، لا يزال يشكل العقبة الأكبر. وتشير التحليلات إلى أن أي محاولة لفرض السلطة الفلسطينية دون مصالحة وطنية حقيقية قد تؤدي إلى احتكاكات داخلية. كما أن هناك شكوكاً حول قدرة الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة على السيطرة على الوضع في غزة ونزع سلاح الفصائل المسلحة، وهو شرط أساسي تضعه إسرائيل والمجتمع الدولي.
الخيار الثاني: استمرار الواقع الحالي مع تعديلات
أما الخيار الثاني الذي تناقشه الصحف، فهو الإبقاء على شكل من أشكال الإدارة المحلية في غزة، والذي قد يعني استمرار سيطرة حركة حماس الفعلية على الأرض، ربما مع بعض التعديلات التجميلية أو تشكيل واجهة إدارية مدنية. وقد يصبح هذا السيناريو هو الأمر الواقع في حال فشل الجهود الدبلوماسية الرامية إلى إعادة السلطة الفلسطينية. في هذه الحالة، من المرجح أن يستمر الحصار الإسرائيلي المصري على القطاع، مع الاعتماد على ترتيبات مؤقتة بوساطة دولية، مثل قطر ومصر والأمم المتحدة، لإدخال المساعدات الإنسانية وتنفيذ مشاريع إغاثية محدودة.
يحذر الخبراء الذين استطلعت آراءهم الصحف العربية من أن هذا المسار لا يقدم حلاً مستداماً، بل يؤسس لجولة جديدة من الصراع. فاستمرار الانقسام الفلسطيني وبقاء غزة معزولة عن العالم لا يعالج الأسباب الجذرية للأزمة، والمتمثلة في الاحتلال والحصار والأزمة الاقتصادية الخانقة. ويرى هؤلاء أن هذا الخيار يبقي الوضع قابلاً للانفجار في أي لحظة، ويفاقم من معاناة السكان المدنيين.
السياق الإقليمي والدولي
يأتي هذا النقاش في سياق جيوسياسي معقد. فالدول الإقليمية الفاعلة، مثل مصر وقطر، تلعب أدواراً متوازنة ولكنها متباينة في بعض الأحيان، حيث تسعى القاهرة إلى ضمان الاستقرار الأمني على حدودها، بينما تركز الدوحة على الوساطة وتقديم الدعم المالي. أما على الصعيد الدولي، فتركز الجهود الدبلوماسية على منع تدهور الوضع الإنساني وتجنب حرب إقليمية أوسع، لكن دون وجود رؤية واضحة وموحدة لفرض حل سياسي شامل.
تخلص التحليلات الصحفية إلى أن الاختيار بين هذين الحلين ليس مجرد شأن فلسطيني داخلي، بل هو قضية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمستقبل الاستقرار في الشرق الأوسط بأكمله. وتؤكد أن غياب إرادة سياسية دولية حقيقية للتوصل إلى حل عادل للقضية الفلسطينية سيجعل أي ترتيبات في غزة هشة ومؤقتة، مما يترك الباب مفتوحاً أمام تكرار دوامات العنف والمعاناة.





