مشاركة وفود عربية في احتفالات مولد الدسوقي وسط رواج للحلويات والفسيخ
شهدت مدينة دسوق بمحافظة كفر الشيخ مؤخرًا توافد أعداد كبيرة من الزوار والمحتفلين، تزامنًا مع بدء فعاليات مولد العارف بالله سيدي إبراهيم الدسوقي، أحد أقطاب الصوفية الأربعة الكبار في مصر. وقد تميزت الاحتفالات هذا العام بمشاركة واسعة من وفود عربية وإسلامية من عدة دول، إلى جانب الإقبال الكثيف على شراء المنتجات التقليدية التي تشتهر بها هذه المناسبة، مثل الحلويات بأنواعها المختلفة والفسيخ.

خلفية تاريخية وأهمية المولد
يعد مولد سيدي إبراهيم الدسوقي من أبرز الاحتفالات الدينية والشعبية في مصر، ويُقام سنويًا في مدينة دسوق حيث ضريح ومسجد العارف بالله سيدي إبراهيم الدسوقي. ولد الإمام الدسوقي في القرن الثالث عشر الميلادي ويُعرف بأنه مؤسس الطريقة الدسوقية الصوفية، التي لها أتباع كثر في مصر والعالم الإسلامي. تمثل هذه الاحتفالات فرصة لأتباع الطريقة ومحبي الشيخ لزيارة ضريحه والصلاة في مسجده، طلبًا للبركة والتعبير عن التقدير الروحي.
لا يقتصر المولد على الجانب الديني الصرف، بل يتداخل معه الجانب الثقافي والاجتماعي بقوة. فالمولدات الصوفية في مصر هي مناسبات تجمع بين الشعائر الدينية والاحتفالات الشعبية، حيث تتحول المدن المضيفة إلى أسواق كبيرة ومراكز جذب سياحي مؤقتة، تجسد التراث المصري الأصيل.
وفود عربية وإسلامية ومراسم الزيارة
وفقًا لتقارير حديثة، استقبلت مدينة دسوق خلال الأيام الأولى للمولد وفودًا من دول عربية وإسلامية عدة، شملت السودان، الكويت، البحرين، والجزائر. وصلت هذه الوفود على متن حافلات خصصت لنقل الزوار، وتوجهت مباشرة إلى مسجد ومقام سيدي إبراهيم الدسوقي. هناك، شارك أعضاء الوفود في الصلوات والابتهالات، وقاموا بزيارة الضريح المقدس، في تعبير عن الروابط الروحية والثقافية التي تجمع الشعوب الإسلامية.
يُبرز هذا التوافد الدولي أهمية المولد كملتقى ثقافي وديني يعزز التواصل بين الأتباع من مختلف الجنسيات، ويؤكد على مكانة الشيخ إبراهيم الدسوقي كرمز روحي يتجاوز الحدود الجغرافية.
رواج تجاري لـ الحلويات والفسيخ
بجانب الطابع الديني، تتميز احتفالات المولد بنشاط تجاري لافت للنظر، خاصة فيما يتعلق بالمنتجات الغذائية التقليدية. فقد شهدت الأسواق المحيطة بالمسجد والساحات المخصصة للاحتفالات إقبالاً كبيرًا على شراء الحلويات المتنوعة، والتي تُعد جزءًا لا يتجزأ من بهجة المولد وتقدم كهدايا أو تُستهلك كرمز للفرح. كما لوحظ رواج خاص لـ الفسيخ، وهو سمك مملح تقليدي يُعد من الأكلات المصرية المحببة في المناسبات الاحتفالية، مما يعكس المزج الفريد بين الطقوس الدينية والعادات الشعبية في مثل هذه التجمعات.
يساهم هذا النشاط التجاري في إنعاش الاقتصاد المحلي لمدينة دسوق والقرى المجاورة، حيث يعتمد العديد من البائعين وأصحاب الحرف اليدوية على مواسم المولد لتحقيق دخل، وتقديم منتجاتهم التي تُصنع خصيصًا لهذه المناسبة.
أهمية الحدث وتأثيره
لا تقتصر أهمية مولد سيدي إبراهيم الدسوقي على كونه مناسبة دينية فحسب، بل يمتد تأثيره ليشمل عدة جوانب:
- تعزيز الروابط الثقافية والدينية: يتيح المولد فرصة للتقاء أتباع الصوفية من دول مختلفة، مما يعزز التفاهم والتعاون الثقافي.
- الحفاظ على التراث: يمثل المولد استمرارية لتقاليد عريقة في الاحتفال بالأولياء الصالحين، ويحافظ على جزء مهم من الهوية الثقافية المصرية.
- الدفعة الاقتصادية المحلية: يسهم في دعم الاقتصاد المحلي من خلال تنشيط حركة البيع والشراء للمنتجات التقليدية والخدمات السياحية.
- التجمع الاجتماعي: يوفر مساحة للتجمعات العائلية والاجتماعية، ويعزز روح التكافل والمشاركة بين أفراد المجتمع.
وبهذا، تتجاوز احتفالات مولد الدسوقي كونها مجرد حدث ديني لتصبح ظاهرة ثقافية واقتصادية واجتماعية شاملة، تجذب إليها الزوار من كل حدب وصوب، وتعكس نسيج المجتمع المصري المتنوع.





