مصادر: واشنطن تملك أدلة حول جرائم حرب محتملة في غزة
كشفت تقارير إعلامية حديثة، نقلاً عن مصادر مطلعة داخل الإدارة الأمريكية، أن واشنطن جمعت معلومات وأدلة مهمة تشير إلى احتمال ارتكاب جرائم حرب خلال الصراع الدائر في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023. وتأتي هذه التطورات في وقت حرج، حيث تواجه إدارة الرئيس جو بايدن ضغوطاً متزايدة على الصعيدين الداخلي والدولي بشأن دعمها العسكري والسياسي غير المحدود لإسرائيل في عمليتها العسكرية المستمرة.

طبيعة الأدلة والسياق العام
وفقاً للمصادر، فإن المعلومات التي بحوزة الحكومة الأمريكية لا تقتصر على تقارير استخباراتية داخلية فحسب، بل تشمل أيضاً مذكرات وتقييمات من دبلوماسيين في المنطقة، بالإضافة إلى أدلة قدمتها منظمات حقوقية دولية ومحلية. تتعلق هذه الأدلة بحوادث محددة أثارت قلقاً بالغاً بشأن مدى الالتزام بالقانون الإنساني الدولي. تتضمن الادعاءات الرئيسية ما يلي:
- استهدافات جوية على مناطق مكتظة بالسكان أدت إلى سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين.
- هجمات على بنى تحتية مدنية حيوية، بما في ذلك مستشفيات ومدارس ومخيمات للاجئين، والتي تتمتع بحماية خاصة بموجب قوانين الحرب.
- استخدام أسلحة معينة، مثل الفسفور الأبيض، في مناطق مدنية، مما يثير تساؤلات حول مبدأ التمييز والتناسب في الهجوم.
- فرض حصار شامل على القطاع أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية وتقييد وصول المساعدات الأساسية.
في المقابل، تؤكد الولايات المتحدة أنها تملك أدلة دامغة على ارتكاب حركة حماس لجرائم حرب خلال هجومها على إسرائيل في السابع من أكتوبر، وتواصل إدانة تلك الأعمال بشدة. إلا أن التقارير الجديدة تسلط الضوء على التدقيق المتزايد الذي تخضع له العمليات العسكرية الإسرائيلية اللاحقة في غزة.
الانقسام الداخلي والتداعيات السياسية
تشير التسريبات إلى وجود نقاش حاد داخل الإدارة الأمريكية، خاصة في وزارة الخارجية، حول كيفية التعامل مع هذه المعلومات الحساسة. فبينما يرى البعض ضرورة اتخاذ موقف أكثر حزماً تجاه ممارسات إسرائيل لضمان حماية المدنيين والحفاظ على مصداقية واشنطن كمدافع عن حقوق الإنسان، يخشى آخرون من أن أي خطوة قد تُفسر على أنها تخلٍ عن حليف استراتيجي في وقت الحرب، مما قد يضر بالعلاقات الثنائية الوثيقة.
ويكتسب هذا الجدل أهمية خاصة في ضوء القوانين الأمريكية، وأبرزها "قانون ليهي"، الذي يحظر على الحكومة الأمريكية تقديم المساعدة العسكرية لوحدات أمنية أجنبية يثبت تورطها في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وإذا تم تأكيد هذه الأدلة رسمياً، فقد تجد الإدارة نفسها ملزمة قانونياً بمراجعة أو تعليق بعض المساعدات العسكرية المقدمة لإسرائيل، وهو ما يمثل معضلة سياسية كبرى.
الموقف الرسمي وأهمية التطورات
على المستوى الرسمي، لا تزال واشنطن تؤكد أنها لم تصل إلى استنتاج نهائي بخصوص ارتكاب إسرائيل جرائم حرب. يصرح المسؤولون بشكل متكرر بأنهم يأخذون هذه الادعاءات على محمل الجد ويقومون بتقييمها، لكنهم يشددون في الوقت نفسه على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. هذا الموقف الدبلوماسي الحذر يعكس صعوبة الموازنة بين دعم الحليف الاستراتيجي والالتزام بالمبادئ القانونية الدولية.
تكمن أهمية هذه الأخبار في أنها صادرة عن أقرب حلفاء إسرائيل ومصدرها الرئيسي للدعم العسكري. امتلاك الولايات المتحدة لأدلة من هذا النوع يضعها في موقف لا تحسد عليه، وقد يجبرها على إعادة تقييم سياساتها تجاه الصراع. كما أن هذه المعلومات قد تلعب دوراً في الإجراءات القانونية الدولية الجارية، سواء في محكمة العدل الدولية أو المحكمة الجنائية الدولية، مما يزيد من عزلة إسرائيل على الساحة العالمية.





