مفاوضات شرم الشيخ: تفاؤل يسود الاجتماعات في مصر، وحماس تندد بـ"اقتحام" بن غفير للمسجد الأقصى
تتجه الأنظار في الأيام الأخيرة إلى التطورات المتزامنة في الشرق الأوسط، حيث تشهد مدينة شرم الشيخ المصرية جولات مكثفة من المفاوضات الهادفة إلى تهدئة التوترات في المنطقة، فيما يخيم عليها تفاؤل حذر بشأن إمكانية تحقيق تقدم. في المقابل، تشهد الساحة الفلسطينية تصعيداً كبيراً في التوتر عقب الزيارة التي قام بها وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، إلى المسجد الأقصى المبارك، الأمر الذي قوبل بإدانة شديدة من حركة حماس وفصائل فلسطينية أخرى، مما يثير تساؤلات حول تأثير هذه التطورات المتباينة على مسار الاستقرار الإقليمي.

مفاوضات شرم الشيخ: جهود دبلوماسية وتفاؤل حذر
تهدف المفاوضات الجارية في شرم الشيخ، والتي تستضيفها مصر، إلى معالجة العديد من القضايا المحورية المتعلقة بالصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وخاصة الوضع في قطاع غزة. تأتي هذه الاجتماعات في سياق جهود إقليمية ودولية متواصلة للتوصل إلى هدنة طويلة الأمد، وتبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية الحيوية إلى القطاع.
تشارك في هذه المحادثات أطراف رئيسية ودول وسيطة، بما في ذلك ممثلون عن إسرائيل، ووفود أمنية ومخابراتية من مصر وقطر والولايات المتحدة، في محاولة للتوفيق بين المطالب المتباينة. مصادر مطلعة أفادت بوجود جو من التفاؤل يسود هذه الاجتماعات، مستندة إلى تقارير عن مرونة محتملة من الأطراف المعنية تجاه بعض المقترحات المطروحة. يتركز النقاش بشكل كبير على:
- صيغة اتفاق وقف إطلاق النار: هل سيكون مؤقتاً أم سيؤدي إلى هدنة دائمة؟
 - آلية تبادل الأسرى: عدد المحتجزين من الجانبين، وشروط الإفراج عنهم.
 - ضمانات مستقبلية: مطالب حركة حماس بضمانات طويلة الأمد لحماية قادتها في إطار أي اتفاق تبادل، وذلك بحسب تقارير إسرائيلية صدرت مؤخراً.
 - المساعدات الإنسانية: زيادة تدفق الإغاثة وتسهيل عملية إعادة الإعمار في غزة.
 
ويعتبر التفاؤل الحذر الذي يلف الأجواء نابعاً من إدراك الأطراف لضرورة التوصل إلى حل يجنب المنطقة المزيد من التصعيد، إلا أن العقبات لا تزال كبيرة وتتطلب تنازلات جوهرية من الجميع.
اقتحام المسجد الأقصى وتنديد حماس: شرارة توتر جديدة
في توقيت حساس، أثار وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، جدلاً واسعاً بزيارته لساحات المسجد الأقصى المبارك في القدس الشرقية. تصف الفصائل الفلسطينية، بما في ذلك حركة حماس، هذه الزيارة بـ"الاقتحام الاستفزازي" الذي يهدف إلى تغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم في الموقع المقدس، وهو ما يعرف بـ"الوضع الراهن".
يمثل المسجد الأقصى أحد أقدس المواقع في الإسلام، ومركباً مهماً للديانة اليهودية التي تعتبره "جبل الهيكل". إن أي تغيير في الوضع الراهن، الذي يسمح للمسلمين بالعبادة الحرة بينما يخضع دخول غير المسلمين لقيود معينة، يُعدّ نقطة اشتعال محتملة للتوترات والعنف.
لم تتردد حركة حماس في إصدار بيان شديد اللهجة، أدانت فيه بشدة زيارة بن غفير، محذرة من تداعياتها الخطيرة على أمن واستقرار المنطقة. واعتبرت الحركة أن هذه الخطوة هي انتهاك صارخ للخطوط الحمراء، واستفزاز لمشاعر المسلمين حول العالم، وتخريب متعمد لأي جهود رامية إلى التهدئة. وقد حذرت حماس من أن مثل هذه "الاقتحامات" قد تؤدي إلى ردود فعل لا يمكن التنبؤ بها، مما يعقد المشهد الأمني المتوتر بالفعل.
التداعيات والتقاطعات بين مساري المفاوضات والتصعيد
تكمن أهمية التقرير في تسليط الضوء على التناقض الصارخ بين مساري التهدئة والتصعيد المتزامنين. فبينما تحاول الدبلوماسية إحياء الأمل في شرم الشيخ عبر مفاوضات معقدة، يهدد التصعيد على الأرض، ممثلاً في أحداث المسجد الأقصى، بنسف أي تقدم محتمل.
إن زيارة بن غفير لـالمسجد الأقصى يمكن أن تؤثر سلباً على جو الثقة الضروري لإنجاح المفاوضات. فمطالب حركة حماس بضمانات لحماية قادتها، المذكورة في سياق صفقة التبادل، قد تزداد تعقيداً في ظل تصاعد التوتر الديني والسياسي. هذا الربط يؤكد أن القضايا الدينية والسياسية في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي متشابكة بشكل لا يمكن فصله، وأن أي محاولة لإحراز تقدم على جبهة واحدة قد تتعثر بفعل التطورات السلبية على جبهة أخرى.
يعتبر هذا الوضع بمثابة اختبار حقيقي لقدرة الوسطاء على احتواء التوترات الجارية والحفاظ على زخم المفاوضات، في الوقت الذي تسعى فيه الأطراف المعنية إلى تحقيق مكاسب سياسية وأمنية، بينما تتزايد المخاوف من انفجار الأوضاع مجدداً في المنطقة. تتطلب المرحلة الحالية دبلوماسية حذرة وواقعية لتجنب تدهور الأوضاع والوصول إلى تفاهمات يمكن أن تمهد الطريق لاستقرار نسبي، بعيداً عن الاستفزازات التي تهدد بإشعال الصراع من جديد.


