ملاحقة 4 لصوص في فرنسا بعد سرقة كنوز تاريخية في وضح النهار
أعلنت السلطات الفرنسية عن إطلاق عملية أمنية واسعة النطاق لملاحقة أربعة أشخاص يشتبه في تنفيذهم لعملية سطو جريئة استهدفت مجموعة من المجوهرات التاريخية التي لا تقدر بثمن من متحف اللوفر في باريس. وقع الحادث صباح يوم الأحد الماضي في وضح النهار، مما أثار صدمة في الأوساط الثقافية والأمنية على حد سواء، وسلط الضوء مجدداً على تحديات حماية الكنوز التراثية العالمية.

تفاصيل عملية السطو المنسقة
وفقاً للمعلومات الأولية الصادرة عن شرطة باريس، تمت السرقة في حوالي الساعة 11:00 صباحاً بالتوقيت المحلي، وهو وقت يشهد فيه المتحف إقبالاً كبيراً من الزوار. استهدف اللصوص بشكل محدد صالة أبولو (Galerie d'Apollon)، التي تضم جزءاً من مجموعة مجوهرات التاج الفرنسي. وتشير التحقيقات إلى أن العملية كانت مخططة بدقة، حيث قام اثنان من المشتبه بهم بإحداث فوضى متعمدة في جناح آخر من المتحف لجذب انتباه أفراد الأمن، بينما استغل الآخران هذه الفرصة لاقتحام خزانة عرض زجاجية محصنة باستخدام أدوات متطورة. ويُعتقد أن العملية برمتها لم تستغرق أكثر من 90 ثانية، وبعدها تمكن الجناة من الاندماج مع حشود الزوار والفرار من الموقع قبل إطلاق الإنذار.
الكنوز المفقودة: جزء من التراث الفرنسي
لم تكن المسروقات مجرد قطع ثمينة، بل هي جزء لا يتجزأ من التاريخ الفرنسي. وعلى الرغم من أن السلطات لم تصدر قائمة رسمية كاملة بعد، إلا أن مصادر مطلعة أكدت أن القطع المسروقة تشمل:
- تاج دوقة أنغوليم: وهو تحفة فنية مرصعة بأكثر من ألف قطعة من الماس والزمرد، ويعود تاريخه إلى أوائل القرن التاسع عشر.
- مشبك "ريجنت" الماسي: قطعة فريدة صُممت لتتماشى مع ماسة "ريجنت" الشهيرة، وهي ذات قيمة تاريخية وجمالية استثنائية.
- سوار من الياقوت والماس: يُعتقد أنه كان ملكاً للملكة ماري أنطوانيت، وهو ما يجعله قطعة ذات أهمية تاريخية قصوى.
ويعرب الخبراء عن قلقهم البالغ من أن هذه القطع، نظراً لشهرتها الواسعة، من المستحيل بيعها في السوق المفتوحة، مما يزيد من احتمالية تفكيكها وبيع أحجارها الكريمة بشكل منفصل، وهو ما سيمثل خسارة أبدية للتصميم الأصلي والتراث المرتبط به.
استنفار أمني وتحقيقات دولية
في أعقاب الحادث، عقد وزيرا الداخلية والثقافة في فرنسا اجتماعاً طارئاً، وتم تكليف وحدة مكافحة العصابات المتخصصة (Brigade de Répression du Banditisme) بقيادة التحقيق. كما تم إصدار مذكرة دولية عبر الإنتربول إلى الدول الأعضاء البالغ عددها 195 دولة، مع صور وتفاصيل المسروقات لمنع تهريبها أو بيعها. ويعكف المحققون حالياً على تحليل ساعات طويلة من تسجيلات كاميرات المراقبة داخل المتحف وفي الشوارع المحيطة به، بالإضافة إلى استجواب عشرات الموظفين والزوار الذين كانوا موجودين وقت وقوع السرقة.
من جانبها، أصدرت إدارة متحف اللوفر بياناً أعربت فيه عن "صدمتها العميقة" جراء هذا "الاعتداء على التراث العالمي"، مؤكدةً أنها تجري مراجعة شاملة لإجراءاتها الأمنية. ولا تزال صالة أبولو مغلقة أمام الجمهور حتى إشعار آخر.
الأهمية والسياق التاريخي
تُعد هذه السرقة واحدة من أخطر عمليات السطو الفني التي شهدتها فرنسا منذ عقود، ويعيد هذا الحادث إلى الأذهان سرقة لوحة الموناليزا الشهيرة من المتحف نفسه عام 1911. تثير هذه العملية تساؤلات جدية حول مدى فعالية الأنظمة الأمنية في أكثر المتاحف زيارة في العالم، والذي يضم كنوزاً لا حصر لها. ووصف المؤرخون وخبراء الفن هذه الخسارة بأنها "لا يمكن حصرها"، مؤكدين أن قيمتها تتجاوز بكثير أي تقدير مادي. يبقى الأمل الآن معقوداً على جهود السلطات الدولية لاستعادة هذه القطع التاريخية قبل أن تضيع إلى الأبد في غياهب السوق السوداء.




