ملتقى "الذكاء الاصطناعي والهوية الثقافية" ينطلق في 9 نوفمبر بمكتبة القاهرة الكبرى
تستعد العاصمة المصرية لاستضافة حدث فكري بارز مطلع الشهر القادم، حيث ينطلق يوم الأحد 9 نوفمبر المقبل، ملتقى "الذكاء الاصطناعي والهوية الثقافية"، وذلك في تمام الساعة الثالثة مساءً بمقر مكتبة القاهرة الكبرى بمنطقة الزمالك. يأتي هذا الملتقى تحت رعاية وزارة الثقافة، وتنظمه مبادرة كنوز الـ٢٧ بالتعاون مع المكتبة، ليفتح آفاقًا واسعة للنقاش حول التحديات والفرص التي يفرضها التطور السريع للذكاء الاصطناعي على صون وتعزيز الهوية الثقافية في المجتمعات المعاصرة، لا سيما في سياق غني بالتاريخ والتراث مثل مصر.

خلفية وأهمية الملتقى
يمثل التطور المتسارع في مجال الذكاء الاصطناعي ثورة تكنولوجية ذات تأثيرات عميقة تمس كافة جوانب الحياة، من الاقتصاد والطب إلى الفنون والثقافة. وفي خضم هذا التحول الرقمي، يبرز تساؤل جوهري حول كيفية تفاعل هذه التقنيات المتقدمة مع الهوية الثقافية للمجتمعات. هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون أداة لتعزيز وحماية التراث، أم أنه قد يساهم في طمس الخصوصيات الثقافية وخلق نوع من التجانس العالمي؟ يهدف هذا الملتقى إلى استكشاف هذه الإشكاليات المعقدة، وتقديم منظور مصري وعربي حول كيفية التعامل مع هذه التحديات الحيوية، خاصة وأن مصر بتاريخها العريق وتراثها الغني، تُعد في موقع فريد لقيادة هذا الحوار.
أهداف المبادرة ودور وزارة الثقافة
تُعد مبادرة كنوز الـ٢٧، الجهة المنظمة للملتقى، من المبادرات الرائدة التي تهدف إلى تعزيز الوعي الثقافي ونشر الفكر الأثري والتاريخي بين الشباب. ويأتي هذا الملتقى الفكري الجديد ضمن جهودها المستمرة لتحقيق رسالتها في بناء جسور المعرفة بين الأجيال، وتحفيز الشباب على التفاعل مع القضايا الفكرية المعاصرة. وتؤكد رعاية وزارة الثقافة للملتقى على إيمان الدولة بأهمية دمج التكنولوجيا الحديثة في المنظومة الثقافية، وضرورة مناقشة تأثيراتها بعمق لضمان مستقبل ثقافي مزدهر ومتأصل. تُعتبر هذه الشراكة بين مبادرة مجتمعية ومؤسسة حكومية نموذجًا للتعاون الفعال في خدمة الثقافة والفكر.
المحاور الرئيسية للمناقشة
يتوقع أن يتناول الملتقى مجموعة من المحاور الأساسية التي تشمل جوانب متعددة من العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والهوية الثقافية. ومن أبرز القضايا التي ستُطرح للنقاش:
- الذكاء الاصطناعي وحفظ التراث: كيفية استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في توثيق التراث الثقافي المادي وغير المادي، ورقمنة المخطوطات والآثار، وإنشاء تجارب واقع افتراضي للمواقع الأثرية، مع بحث المخاطر المحتملة لتحيز البيانات أو تحريف التاريخ.
- تأثير الذكاء الاصطناعي على الإبداع الفني والأدبي: استعراض دور الذكاء الاصطناعي في توليد الفنون والموسيقى والأدب، ومناقشة قضايا الأصالة، حقوق الملكية الفكرية، وتأثيره على المفاهيم التقليدية للفنان والمبدع.
- التحديات الأخلاقية والاجتماعية: بحث الأبعاد الأخلاقية والقانونية لاستخدام الذكاء الاصطناعي في السياق الثقافي، مثل قضايا الخصوصية، التحيز الخوارزمي في تمثيل الثقافات، وتأثيره على العادات والتقاليد المجتمعية.
- دور الشباب في تشكيل المستقبل الثقافي الرقمي: كيفية تمكين الأجيال الشابة من استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي بطريقة إيجابية لتعزيز هويتهم الثقافية، وخلق محتوى رقمي يعكس قيمهم وتقاليدهم، وتطوير مهارات التفكير النقدي لديهم تجاه المحتوى المنتج بالذكاء الاصطناعي.
- صياغة السياسات والإطار التشريعي: مناقشة الحاجة إلى وضع سياسات وطنية وأطر تشريعية تنظم استخدام الذكاء الاصطناعي في القطاعات الثقافية، بما يضمن حماية الهوية الثقافية ويشجع الابتكار المسؤول.
الموقع والجهات المنظمة
تستضيف مكتبة القاهرة الكبرى هذا الحدث الهام، وهي إحدى الصروح الثقافية البارزة في العاصمة، وتقع في قلب الزمالك. وتُعد المكتبة، التابعة لقطاع المسرح، برئاسة المخرج هشام عطوة، مركزًا للإشعاع الثقافي والمعرفي. ويشرف الأستاذ يحيى رياض، مدير المكتبة، على كافة الترتيبات لضمان نجاح الملتقى واستقبال الضيوف والمشاركين على أكمل وجه. يبرز هذا التعاون بين مبادرة كنوز الـ٢٧ والمكتبة والمظلة الأوسع لقطاع المسرح، سعيًا مشتركًا لتقديم حوار فكري شامل ومتكامل يلامس جوانب متعددة من المشهد الثقافي.
التطلعات والآثار المتوقعة
يطمح منظمو الملتقى أن يكون نقطة انطلاق لحوار مستدام ومثمر حول العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والهوية الثقافية. ويُتوقع أن يسهم الملتقى في رفع الوعي بهذه القضية المعاصرة، وتقديم رؤى جديدة وتوصيات عملية يمكن أن تسترشد بها المؤسسات الثقافية وصناع القرار في مصر. كما يُرجى أن يلهم الملتقى الشباب للمشاركة الفعالة في صياغة مستقبل ثقافي يجمع بين الأصالة والمعاصرة، ويستفيد من التكنولوجيا لتعزيز الانتماء الثقافي، بدلًا من أن يصبح أداة لتهميشه أو طمسه. إن هذا التجمع الفكري يؤكد على التزام مصر بدمج الابتكار التكنولوجي مع الحفاظ على جذورها الثقافية العميقة، وذلك لضمان مستقبل مزدهر تتفاعل فيه الأجيال القادمة مع العالم الرقمي دون أن تفقد هويتها الفريدة.



