نجوم التمثيل يكشفون أسرار التحول إلى التأليف في جلسة حوارية بمعرض الشارقة للكتاب
شهد معرض الشارقة الدولي للكتاب 2025 جلسة حوارية مميزة بعنوان "من التمثيل إلى التأليف"، استضافت ثلاثة من أبرز نجوم الفن العربي: الفنان المصري خالد الصاوي، والفنان الإماراتي أحمد الجسمي، والنجم التونسي ظافر العابدين. أخذت الجلسة الجمهور في رحلة عميقة لاستكشاف الأبعاد المختلفة لانتقال الفنان من الأداء التمثيلي أمام الكاميرا إلى خوض غمار عالم التأليف وصناعة القصص، وكيف يمكن أن يصبح التمثيل جسراً يعبر منه المبدع نحو صياغة الحكايات والرؤى الفنية الخاصة.

محاور النقاش الرئيسية
تناول الفنانون الثلاثة خلال الحوار الثري تجاربهم الشخصية وكيف تداخلت المعرفة بالتجربة الفنية والإنسانية. ركز النقاش على الدافع وراء هذا التحول، والتحديات التي يواجهونها، وكيف يثري التأليف مسيرتهم الفنية ويمنحهم مساحة أوسع للتعبير عن ذواتهم ورؤاهم للعالم من حولهم. كما تطرقت الجلسة إلى مسؤولية الفنان والكاتب تجاه المجتمع ودور الإبداع في تحريك الوعي الجمعي.
رؤى الفنانين المشاركين
قدم كل فنان منظوراً فريداً حول هذه الرحلة الإبداعية:
- خالد الصاوي: الكتابة امتداد للحياة والحرية
اعتبر الفنان المصري خالد الصاوي الكتابة امتداداً طبيعياً لتجاربه المتعددة في الحياة والفن. وأوضح أنه كتب الشعر للمسرح والرواية، وألّف الأغاني، معتبراً الكتابة وسيلته الكبرى للحرية والاكتشاف. يرى الصاوي أن الكتابة تمكنه من عيش شخصيات متعددة واختبار أفكار ومشاعر مختلفة، فهي تمنحه اتساعاً لا يمكن لخالد واحد أن يختبره. وشدد على أن الكاتب الحقيقي هو من يكتب بصدق عن ذاته، مع بقاء القارئ حاضراً في ذهنه. كما أكد على مسؤولية الفنان والكاتب في تحريك الوعي الجمعي، وفي الوقت نفسه، دافع عن حرية الإبداع مع التحذير من أن غياب الرقابة المطلق قد يؤدي إلى حالة من الفوضى.
- أحمد الجسمي: حوار داخلي بين المبدعين
استعرض الفنان الإماراتي أحمد الجسمي مسيرته الفنية الطويلة، موضحاً أن تحوله من التمثيل إلى الكتابة والإنتاج ليس مجرد تغيير في الأدوار، بل هو امتداد طبيعي لحاجة الفنان للتعبير الشامل عن رؤيته الفنية. ويرى الجسمي أن الكاتب يبني الحكاية، بينما يحاول الممثل تفسيرها بصدق للمشاهدين. وأشار إلى أن الممثل قد يشعر أحياناً بنقص في الشخصيات التي يؤديها، مما يدفعه لتعويض هذا النقص عبر الكتابة. يؤمن الجسمي بأن الكتابة ليست بديلاً عن التمثيل، بل هي بمثابة حوار داخلي بين المبدعين المتعددين داخل الفنان الواحد. كما تحدث عن كيفية الموازنة كمنتج بين احترام رؤية الكاتب وحرصه على أن يكون العمل قريباً من رؤيته الفنية الشخصية. وأكد الجسمي أن الفن ليس ترفاً، ورغم تحديات السوق الفني الراهن، فإنه لا يرى فيها خطراً على أصالة الفن، معتبراً أن الفن الحقيقي الأصيل يحقق أرباحاً كبيرة، وأن الجيل الجديد واعٍ وقادر على النقد بشكل عميق.
- ظافر العابدين: شغف سرد الحكايات وبناء العوالم
شارك النجم التونسي ظافر العابدين فصولاً من رحلته الإبداعية التي تتوزع بين التمثيل والكتابة والإخراج. وكشف عن فلسفته التي تعتبر الحكاية أكثر من مجرد سرد للأحداث، بل وسيلة لاكتشاف الذات والآخر. وأوضح أن لديه شغفاً دائماً لسرد الحكايات من وجهة نظره الخاصة، مشيراً إلى أن طرق السرد تختلف باختلاف الراوي. هذا الشغف هو ما دفعه نحو الكتابة، التي يراها منطقة أعمق للتعبير عن الذات. ففي الكتابة، يتحول تركيزه من مجرد أداء الشخصية إلى بناء العالم الكامل المحيط بها، بكل تفاصيله وتشعباته. وأكد العابدين أن الكتابة لم تغير فقط أدواته الفنية، بل غيرت أيضاً نظرته للحياة بأكملها.
أهمية الجلسة وتأثيرها
تكتسب هذه الجلسة الحوارية أهمية خاصة لكونها قدمت رؤى متعددة وعميقة من فنانين لهم ثقلهم في الساحة الفنية العربية. لقد ألقت الضوء على العلاقة المتداخلة بين مختلف أشكال التعبير الفني، وكيف يمكن للمبدع أن يجد في التأليف مساحة جديدة لاستكشاف ذاته وعوالمه الإبداعية. كما وفرت الجلسة إلهاماً للجمهور، وخاصة الفنانين الطموحين، حول إمكانية التوسع في مجالات الإبداع وعدم الاقتصار على دور واحد، مما يعكس مرونة الفن وقدرته على التطور المستمر.





