هجوم صاروخي يستهدف قادة في الحرس الثوري الإيراني بدمشق
في 20 يناير 2024، تعرض حي المزة في العاصمة السورية دمشق لهجوم صاروخي دقيق استهدف مبنى سكنياً، مما أسفر عن مقتل عدد من الأشخاص بينهم قادة كبار في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني. وقد وجهت كل من سوريا وإيران أصابع الاتهام إلى إسرائيل بالوقوف وراء الهجوم، الذي يأتي في سياق تصاعد التوترات الإقليمية بشكل حاد منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة.

تفاصيل الهجوم والضحايا
وقع الهجوم في حي المزة الغربية، وهي منطقة تخضع لإجراءات أمنية مشددة وتضم سفارات ومقرات لمنظمات دولية، بالإضافة إلى مساكن لشخصيات دبلوماسية وعسكرية. وبحسب تقارير إعلامية والمرصد السوري لحقوق الإنسان، دمرت الصواريخ مبنى مكوناً من أربع طبقات بشكل كامل، حيث كان يُعتقد أن القادة الإيرانيين كانوا يعقدون اجتماعاً في داخله. وأدى الانفجار العنيف إلى أضرار مادية كبيرة في المباني المجاورة.
كانت الحصيلة الأبرز للهجوم هي اغتيال شخصيات عسكرية إيرانية رفيعة المستوى. أكد الحرس الثوري الإيراني في بيان رسمي مقتل خمسة من مستشاريه العسكريين، أبرزهم صادق أوميد زاده، الذي شغل منصب مسؤول استخبارات فيلق القدس في سوريا، ونائبه الحاج غلام محرم. كما قُتل في الهجوم عدد من المرافقين والمواطنين السوريين، مما رفع الحصيلة الإجمالية للقتلى إلى أكثر من عشرة أشخاص وفقاً لمصادر متعددة.
السياق الإقليمي والتوترات المتصاعدة
يأتي هذا الهجوم ضمن سلسلة طويلة من الضربات الجوية التي تُنسب لإسرائيل في سوريا، والتي تهدف بشكل أساسي إلى منع التموضع العسكري الإيراني والحد من نفوذ طهران وحلفائها، وعلى رأسهم حزب الله اللبناني، بالقرب من حدودها. ومنذ بدء الحرب في غزة في أكتوبر 2023، كثفت إسرائيل من وتيرة استهدافها للمواقع والشخصيات الإيرانية في سوريا، رداً على هجمات تشنها جماعات مدعومة من إيران ضد أهداف إسرائيلية وأمريكية في المنطقة.
يمثل استهداف قادة بهذا المستوى تصعيداً نوعياً، حيث يُظهر قدرة استخباراتية على تحديد أماكن وجودهم بدقة واستهدافهم في قلب العاصمة السورية. ويعكس الهجوم استراتيجية إسرائيلية لضرب رؤوس القيادة في الشبكة الإيرانية الإقليمية، بهدف إرباك عملياتها وتقويض قدرتها على التنسيق والتخطيط.
ردود الفعل الرسمية
توالت ردود الفعل من الأطراف المعنية مباشرة بعد الهجوم، وجاءت على النحو التالي:
- إيران: صدرت إدانة شديدة من وزارة الخارجية الإيرانية التي وصفت الهجوم بـ"العمل الإرهابي والعدواني"، مؤكدة أن طهران تحتفظ بحقها في الرد في الزمان والمكان المناسبين. كما نعى الحرس الثوري قادته الذين سقطوا في الهجوم، متوعداً بالانتقام.
- سوريا: أعلنت وزارة الدفاع السورية عن "عدوان جوي إسرائيلي" استهدف مبنى سكنياً في حي المزة، وأكدت أن وسائط الدفاع الجوي تصدت لبعض الصواريخ. وأدانت الخارجية السورية الهجوم بوصفه انتهاكاً صارخاً لسيادتها.
- إسرائيل: كعادتها، لم تعلق إسرائيل رسمياً على الهجوم، التزاماً بسياستها القائمة على الغموض فيما يتعلق بعملياتها العسكرية في سوريا.
الأهمية والتداعيات المحتملة
تكمن أهمية هذا الهجوم في كونه يمثل ضربة موجعة للحرس الثوري الإيراني، حيث فقد أحد أهم مسؤوليه الاستخباراتيين في الساحة السورية. ويشير توقيت وموقع الهجوم إلى رسالة إسرائيلية واضحة بأن شخصيات إيرانية بارزة ليست بمنأى عن الاستهداف حتى في أكثر المناطق تحصيناً في دمشق. وأثار الهجوم مخاوف من انزلاق المنطقة نحو مواجهة أوسع، حيث تزايدت الضغوط على إيران للقيام برد مباشر قد يؤدي إلى دورة عنف خطيرة بينها وبين إسرائيل.





