وزير الأوقاف ووفد ديني رفيع يزور متحف الفن الإسلامي في الدوحة
شهدت العاصمة القطرية الدوحة زيارة رفيعة المستوى قام بها وزير الأوقاف الدكتور محمد أبو الخير شكري، يرافقه مفتي حلب الدكتور إبراهيم شاشو، والقائم بأعمال السفارة السورية في الدوحة الدكتور بلال تركيّة، بالإضافة إلى مجموعة من الشخصيات الدينية البارزة. وقد تركزت هذه الزيارة، التي جرت مؤخرًا، حول متحف الفن الإسلامي، أحد أبرز المعالم الثقافية في المنطقة، بهدف الاطلاع على مقتنياته الثمينة التي تعكس التراث الغني للحضارة الإسلامية.

تفاصيل الزيارة وأهدافها
خلال جولتهم في أروقة المتحف، أُتيح للوفد فرصة التعمق في تاريخ الفن الإسلامي عبر العصور. فقد استكشفوا أقسام المتحف المتنوعة، والتي تضم مجموعة واسعة من التحف النادرة التي تعود لفترات تاريخية مختلفة وتغطي مناطق جغرافية شاسعة من العالم الإسلامي. وشملت اهتمامات الوفد بشكل خاص:
- المخطوطات الإسلامية: بما فيها نسخ نادرة من القرآن الكريم والمؤلفات العلمية والأدبية التي تبرز غنى الفكر الإسلامي.
 - الفخار والسيراميك: الذي يعكس تطور التقنيات الفنية والجمالية في صناعة الخزف الإسلامي.
 - المنسوجات والسجاد: التي تتميز بزخارفها المعقدة وألوانها الزاهية، والتي كانت جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية والفنية.
 - الأعمال المعدنية: مثل الأسلحة والأدوات والقطع الزخرفية المصنوعة بمهارة فائقة.
 - القطع المعمارية والعناصر الزخرفية: التي تسلط الضوء على الإبداع الهندسي في العمارة الإسلامية.
 
عكست هذه الجولة اهتمام الوفد ليس فقط بالجانب الجمالي لهذه الأعمال، بل أيضًا بأهميتها التاريخية والثقافية في حفظ الهوية الإسلامية وتوصيل رسالتها الحضارية. وقد أعرب الوفد عن تقديره العميق للجهود التي تبذلها دولة قطر في صون هذا التراث القيم وعرضه بأسلوب يثري الزوار ويثقفهم.
متحف الفن الإسلامي: أيقونة ثقافية
يُعد متحف الفن الإسلامي في الدوحة صرحًا ثقافيًا عالميًا، افتتح في عام 2008، وصممه المهندس المعماري الشهير آي إم بي. يقع المتحف على جزيرة اصطناعية قبالة كورنيش الدوحة، ويتميز بتصميمه الفريد المستوحى من العمارة الإسلامية التقليدية، مع لمسة عصرية. يضم المتحف واحدة من أكبر مجموعات الفن الإسلامي في العالم، والتي تمتد على مدار 14 قرنًا وتجمع الفن من ثلاث قارات.
تتمثل مهمة المتحف في ربط الزوار بجمال وتعقيد الفن الإسلامي، وتعزيز التفاهم بين الثقافات، وتوفير منصة للبحث والتعليم. إنه ليس مجرد مكان لعرض التحف، بل هو مركز حيوي للحوار الثقافي والفني، ويسلط الضوء على المساهمات الكبيرة للحضارة الإسلامية في الفنون والعلوم على مر العصور. زيارة وفد ديني رفيع إلى هذا المتحف تؤكد على العلاقة الوثيقة بين الدين والفن والثقافة في السياق الإسلامي.
الخلفية الدبلوماسية والثقافية للزيارة
لا تقتصر أهمية هذه الزيارة على الجانب الثقافي البحت، بل تحمل أيضًا أبعادًا دبلوماسية وثقافية أعمق. حضور وزير الأوقاف، ومفتي حلب، والقائم بأعمال السفارة السورية، يشير إلى رغبة في تعزيز الروابط الثقافية والدينية بين الأطراف المشاركة. فالمتاحف والمواقع الثقافية غالبًا ما تكون نقاط التقاء للدبلوماسية الثقافية، حيث يمكن تبادل الخبرات وبناء الجسور بين الشعوب.
يمثل وجود شخصيات دينية بارزة دليلاً على أن الفن الإسلامي ليس مجرد تعبير جمالي، بل هو أيضًا جزء لا يتجزأ من الهوية الدينية والثقافية للأمة. تبرز هذه الزيارة الدور الذي يمكن أن تلعبه المؤسسات الدينية في دعم الفنون والثقافة، وتشجيع الحوار حول التراث المشترك وكيفية الحفاظ عليه للأجيال القادمة. كما أنها قد تفتح آفاقًا للتعاون المستقبلي في مجالات تبادل المعارض أو الأبحاث.
الأهمية والرسائل المستوحاة
تكتسب هذه الزيارة أهمية خاصة كونها تسلط الضوء على القيمة الخالدة للفن الإسلامي كجسور للتواصل والتفاهم بين الحضارات. إنها رسالة بأن التراث الثقافي هو ملك للإنسانية جمعاء، وأن الحفاظ عليه وعرضه يساهم في إثراء المعرفة وتقدير الإبداع البشري.
كما أن وجود وفد بهذا الحجم يؤكد على تقدير الدور المحوري الذي تلعبه المتاحف في العصر الحديث ليس فقط كأماكن لحفظ الماضي، بل أيضًا كمؤسسات حية تساهم في تشكيل المستقبل من خلال التعليم والإلهام. وتؤكد الزيارة على أهمية التعاون بين الدول والمؤسسات للحفاظ على هذا الإرث الحضاري الفريد الذي يعكس الإسهامات الإسلامية العميقة في الفنون والعلوم.
في الختام، تجسد هذه الزيارة لوزير الأوقاف والوفد المرافق لمتحف الفن الإسلامي في الدوحة التزامًا مشتركًا بالحفاظ على التراث الثقافي الغني للإسلام، وتعزيز الروابط الثقافية، وتعميق التفاهم المتبادل من خلال الفن والتاريخ.





