وزير الاتصالات يؤكد المضي قدمًا في تهيئة بيئة استثمارية تنافسية لقطاع التكنولوجيا
أكد وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، في تصريحات أدلى بها يوم الثلاثاء الموافق 15 أكتوبر 2024، التزام الحكومة الراسخ بمواصلة جهودها الحثيثة لتطوير بيئة استثمارية جاذبة وتنافسية لقطاع التكنولوجيا الحيوي. جاءت هذه التصريحات خلال فعاليات منتدى التكنولوجيا الرقمية، حيث شدد الوزير على أن تهيئة المناخ الملائم للاستثمار في الصناعات التكنولوجية يمثل ركيزة أساسية لتحقيق أهداف التحول الرقمي والتنمية الاقتصادية المستدامة للبلاد. وأشار إلى أن هذا القطاع لا يعد محركاً للنمو الاقتصادي فحسب، بل هو أيضاً قاطرة للابتكار وخلق فرص عمل نوعية للشباب، مما يعزز موقع البلاد على الخريطة العالمية للاقتصاد الرقمي.

خلفية وأهمية القطاع
تدرك الحكومة الأهمية الاستراتيجية لقطاع التكنولوجيا في بناء اقتصاد المستقبل، في ظل رؤية وطنية طموحة تهدف إلى تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على القطاعات التقليدية. ويأتي هذا التوجه في سياق عالمي يشهد تسارعاً غير مسبوق في وتيرة الابتكار التكنولوجي والتحول الرقمي. فمنذ سنوات، بدأت الدولة في رسم خارطة طريق شاملة تستهدف تطوير البنية التحتية الرقمية، وتحفيز الشركات الناشئة، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى هذا القطاع الواعد. وقد شملت هذه الجهود إطلاق مبادرات لتدريب الكفاءات الشابة وتأهيلها لسوق العمل الرقمي، بالإضافة إلى مراجعة الأطر التشريعية والتنظيمية لضمان مواكبتها لأحدث التطورات العالمية.
يمثل قطاع التكنولوجيا حالياً أحد أسرع القطاعات نمواً، ويساهم بشكل متزايد في الناتج المحلي الإجمالي، كما أنه يوفر الآلاف من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة. وتعتبر الاستمرارية في تحسين بيئة الأعمال عاملاً حاسماً للحفاظ على هذا الزخم، خاصة في ظل المنافسة الإقليمية والدولية المتزايدة على استقطاب رؤوس الأموال والابتكارات التكنولوجية. وشدد الوزير على أن التحدي لا يكمن فقط في جذب الاستثمارات، بل في ضمان استدامتها وتوسعها، وتوفير كل سبل الدعم للشركات العاملة في هذا المجال.
التطورات الأخيرة والمبادرات الرئيسية
أوضح وزير الاتصالات أن الحكومة قد أطلقت مؤخراً مجموعة من المبادرات والبرامج التي تهدف إلى تعزيز جاذبية البيئة الاستثمارية في قطاع التكنولوجيا. وتتركز هذه المبادرات على عدة محاور رئيسية، بما في ذلك:
- تطوير البنية التحتية الرقمية: تشمل هذه الجهود التوسع في نشر شبكات الجيل الخامس (5G) على نطاق واسع، وتعزيز البنية التحتية للكابلات البحرية والأرضية، وبناء المزيد من مراكز البيانات المتطورة. وتهدف هذه الخطوات إلى توفير سرعات إنترنت عالية وموثوقة، وهي أساس لنمو الخدمات والتطبيقات الرقمية.
- الإصلاحات التشريعية والتنظيمية: تعمل الوزارة بالتعاون مع الجهات المعنية على تحديث القوانين واللوائح المنظمة لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بما في ذلك قوانين حماية البيانات الشخصية، والأمن السيبراني، والتجارة الإلكترونية. ويهدف ذلك إلى توفير إطار قانوني واضح ومحفز يحمي المستثمرين ويعزز الثقة في السوق الرقمية. كما يتم العمل على تسهيل إجراءات تأسيس الشركات وتراخيصها، لتقليل البيروقراطية.
- حوافز الاستثمار المباشر: يتم تقديم مجموعة من الحوافز المالية وغير المالية لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، بما في ذلك الإعفاءات الضريبية لمدد محددة للشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة العاملة في التكنولوجيا، وتقديم تسهيلات ائتمانية بأسعار فائدة تفضيلية، وتخصيص مناطق حرة تقنية مجهزة بالكامل.
- تنمية رأس المال البشري: تولي الوزارة اهتماماً كبيراً بتنمية مهارات الشباب في مجالات التكنولوجيا المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي، والبيانات الضخمة، وإنترنت الأشياء، وتطوير البرمجيات. يتم ذلك من خلال الشراكة مع الجامعات والمؤسسات التعليمية، وإطلاق برامج تدريب متخصصة، وإنشاء أكاديميات رقمية لتلبية احتياجات سوق العمل المتغيرة.
- تعزيز الابتكار وريادة الأعمال: يتم دعم إنشاء وتطوير حاضنات ومسرعات الأعمال المتخصصة في التكنولوجيا، وتوفير التمويل الأولي للمشاريع الناشئة الواعدة. وتهدف هذه الخطوات إلى تحويل الأفكار المبتكرة إلى مشاريع تجارية ناجحة وخلق منظومة متكاملة تدعم الابتكار من الفكرة حتى التسويق.
لماذا تهم هذه المستجدات؟ والآثار المتوقعة
تكتسب هذه الجهود أهمية بالغة لعدة أسباب جوهرية تتعلق بمستقبل الاقتصاد والمجتمع. أولاً، ستساهم تهيئة مناخ استثماري تنافسي في زيادة تدفق رؤوس الأموال إلى قطاع التكنولوجيا، مما يؤدي إلى توسع الشركات القائمة وإنشاء شركات جديدة، وبالتالي خلق المزيد من فرص العمل اللائقة والمستقبلية. ثانياً، ستعزز هذه الإجراءات القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني على الصعيدين الإقليمي والدولي، وتجذب الخبرات العالمية، وتساهم في نقل المعرفة والتكنولوجيا المتطورة. ثالثاً، ستدعم التحول الرقمي في مختلف القطاعات، بما في ذلك الصحة والتعليم والنقل والخدمات الحكومية، مما ينعكس إيجاباً على جودة حياة المواطنين ويزيد من كفاءة الخدمات المقدمة.
على المدى الطويل، من المتوقع أن تؤدي هذه الاستثمارات إلى بناء اقتصاد أكثر مرونة وتنوعاً، أقل عرضة للتقلبات الاقتصادية العالمية، وأكثر اعتماداً على المعرفة والابتكار. كما أنها ستعزز من مكانة البلاد كمركز إقليمي للابتكار التكنولوجي والخدمات الرقمية، مما يفتح آفاقاً جديدة للتصدير والتعاون الدولي في هذا المجال. وتعتبر حماية الملكية الفكرية وتوفير بيئة قانونية آمنة من أهم العوامل التي ستسهم في بناء هذه الثقة وجذب المطورين والمبتكرين.
التحديات والآفاق المستقبلية
على الرغم من الإنجازات المحققة والخطوات الطموحة، أقر الوزير بوجود تحديات لا تزال قائمة تتطلب جهوداً مستمرة وتنسيقاً بين مختلف الجهات. ومن أبرز هذه التحديات الحفاظ على مستوى عالٍ من الكفاءات البشرية في ظل المنافسة العالمية عليها، وضمان التمويل الكافي للشركات الناشئة في مراحلها المبكرة، ومواكبة التطورات التكنولوجية المتسارعة كالذكاء الاصطناعي التوليدي والحوسبة الكمومية. كما أن التحديات المتعلقة بالأمن السيبراني تتطلب استثمارات مستمرة في البنية التحتية والخبرات لضمان حماية البيانات والأنظمة الحيوية.
ومع ذلك، أكد الوزير على أن الحكومة عازمة على تجاوز هذه التحديات من خلال استراتيجية واضحة المعالم وخطط عمل محددة الأهداف. وتتطلع الوزارة إلى المستقبل بتفاؤل، مع التركيز على تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، والتعاون مع المنظمات الدولية لتبادل الخبرات وأفضل الممارسات. الهدف الأسمى هو بناء منظومة تكنولوجية متكاملة ومستدامة تدعم الابتكار، وتخلق فرصاً للجميع، وتضع البلاد في مصاف الدول الرائدة في الاقتصاد الرقمي.




