وزير الثقافة يفتتح معرض "بُكرة اللي جاي 2" مؤكداً دور "بستان الإبداع" في صقل وعي الطفل المصري وقدراته الإبداعية
افتتح وزير الثقافة، في وقت سابق من هذا الأسبوع، معرض "بُكرة اللي جاي 2"، وذلك في احتفالية كبرى أقيمت بمناسبة ختام الموسم الثاني لمشروع "بستان الإبداع" الطموح. يمثل هذا المعرض تتويجاً لجهود عام كامل من العمل الفني والإبداعي مع الأطفال المصريين، ويعرض نتاج ورش العمل والأنشطة المتنوعة التي قدمها المشروع. أكد الوزير خلال كلمته الافتتاحية أن هذا المشروع يجسد ترجمة واقعية وحية لرؤية وزارة الثقافة الرامية إلى ترسيخ دور الفنون والمعرفة كركائز أساسية في تشكيل وعي الطفل المصري وتنمية قدراته الإبداعية والفكرية، مما يسهم في بناء جيل قادر على التفكير النقدي والإسهام الإيجابي في المجتمع.
خلفية مشروع "بستان الإبداع"
يُعد مشروع "بستان الإبداع" أحد المبادرات الرائدة لوزارة الثقافة المصرية، وقد تم إطلاقه بهدف استكشاف المواهب الفنية الكامنة لدى الأطفال والشباب، وتوفير بيئة خصبة لتنميتها وصقلها. انطلق المشروع في موسمه الأول بنهاية عام 2023، مستهدفاً شريحة واسعة من الأطفال تتراوح أعمارهم بين 6 و12 عاماً، في مختلف المحافظات. يعتمد المشروع على منهجية تعليمية غير تقليدية تجمع بين المتعة والتعلّم، من خلال ورش عمل مكثفة في مجالات الرسم والنحت والتصوير الفوتوغرافي والفنون الرقمية، بالإضافة إلى ورش الحكي وكتابة القصة والمسرح، بهدف غرس قيم الإبداع والابتكار والتعبير عن الذات. لقد صُمم "بستان الإبداع" ليكون حاضنة ثقافية تساهم في تكوين شخصية الطفل بشكل متكامل، بعيداً عن أساليب التعليم التقليدية.
تتمحور رؤية وزارة الثقافة من خلال هذا المشروع حول إيمانها بأن الفنون ليست مجرد ترفيه، بل هي أداة قوية لبناء الوعي وتوسيع المدارك، خاصة في مراحل الطفولة المبكرة. يهدف المشروع إلى تزويد الأطفال بالأدوات المعرفية والفنية اللازمة للتعبير عن أفكارهم ومشاعرهم بحرية، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم، وتشجيعهم على استكشاف عوالم جديدة من المعرفة. كما يسعى إلى ربط الأطفال بتراثهم الثقافي العريق والقضايا المعاصرة، مثل قضايا الهوية والانتماء، من خلال أنشطة فنية تفاعلية تثير فضولهم وتشجعهم على البحث والتساؤل، مما يساهم في تشكيل مواطنين فاعلين ومبدعين.
معرض "بُكرة اللي جاي 2": نافذة على إبداعات الصغار
يمثل معرض "بُكرة اللي جاي 2" المحطة الختامية للموسم الثاني من مشروع "بستان الإبداع"، ويستضيفه قصر الفنون بساحة الأوبرا المصرية، والذي بات محطة سنوية لعرض إبداعات الأطفال. يضم المعرض أكثر من 250 عملاً فنياً متنوعاً، أبدعها المشاركون في ورش العمل المختلفة على مدار الموسم الثاني. تتراوح الأعمال المعروضة بين لوحات فنية مفعمة بالألوان تعكس رؤى الأطفال للعالم من حولهم، ومنحوتات يدوية بسيطة ولكنها معبرة، بالإضافة إلى أعمال فوتوغرافية وفنون تركيبية تظهر فهمهم المتقدم لمبادئ التعبير الفني. كل قطعة فنية تحكي قصة، وتبرز موهبة فريدة، وتجسد شغفاً حقيقياً بالابتكار، مما يجعل المعرض مساحة ملهمة للزوار من جميع الأعمار.
يهدف المعرض إلى إلقاء الضوء على الإنجازات الفردية والجماعية للأطفال المشاركين، وتوفير منصة لهم لعرض أعمالهم أمام الجمهور والنقاد، مما يعزز شعورهم بالفخر والإنجاز. كما يعمل المعرض على تحفيز الأجيال القادمة من الأطفال للمشاركة في مثل هذه المبادرات، ويبرز الدور الحيوي الذي تلعبه وزارة الثقافة في رعاية المواهب الشابة. إنه ليس مجرد عرض للأعمال الفنية، بل هو احتفاء بالخيال الطفولي اللامحدود، وبالقدرة الكامنة لدى كل طفل على الإبداع عندما يُمنح الفرصة والدعم المناسبين، مؤكداً أن الفن لغة عالمية لا تعرف الحدود، وأن الأطفال هم خير من يتحدث بها بصدق وعفوية.
تصريحات الوزير وتأثير المشروع
خلال افتتاح المعرض، أعرب وزير الثقافة عن سعادته البالغة بالنتائج المبهرة التي حققها مشروع "بستان الإبداع" في موسمه الثاني، مشيداً بالمستوى الفني الراقي للأعمال المعروضة، وبالتطور الملحوظ في قدرات الأطفال المشاركين. صرح الوزير بأن المشروع لم ينجح فقط في اكتشاف وصقل المواهب الفنية، بل تجاوز ذلك ليساهم بفاعلية في بناء شخصية الطفل المصري، وتعزيز قيم الانتماء، وتشجيع التفكير الحر والإبداعي. وشدد على أن الفنون هي لغة عالمية تتجاوز الحواجز، وتساعد الأطفال على فهم العالم من حولهم والتعبير عن ذواتهم بطرق بناءة، مما يجعلهم أفراداً أكثر توازناً وقدرة على التكيف.
كما أشار الوزير إلى أن رؤية الوزارة لا تقتصر على مجرد تقديم الفنون، بل تهدف إلى جعلها جزءاً لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والتعليمي للأطفال، مؤكداً التزام الوزارة بمواصلة دعم وتوسيع نطاق مثل هذه المبادرات الثقافية التي تستهدف بناء الإنسان المصري. وأوضح أن الاستثمار في الإبداع الطفولي هو استثمار في مستقبل الأمة، وفي بناء مجتمع مزدهر ومبتكر. ودعا الوزير كافة المؤسسات المعنية، من قطاع عام وخاص، إلى التعاون لدعم هذه المبادرات التي تعد حجر الزاوية في تنمية الأجيال الجديدة، وصقل وعيهم، وتمكينهم من تحقيق أقصى إمكاناتهم في مختلف المجالات.
الأثر المجتمعي والآفاق المستقبلية
تجاوز الأثر الإيجابي لمشروع "بستان الإبداع" حدود الورش الفنية ليصل إلى نطاق أوسع على الصعيد المجتمعي. فمن خلال تزويد الأطفال بمنصات للتعبير والتعلم، يسهم المشروع في تعزيز ثقافة التقدير الفني منذ الصغر، ويشجع الأسر على دعم الأنشطة الثقافية لأبنائهم. كما يلعب دوراً في سد الفجوات التعليمية من خلال توفير فرص تعليمية تكميلية غير رسمية، تركز على المهارات الإبداعية والشخصية التي قد لا تُغطى بشكل كافٍ في المناهج الدراسية التقليدية. وبذلك، يعمل المشروع على إعداد جيل جديد ليس فقط مبدعاً فنياً، بل ومجهزاً بمهارات حياتية قيمة مثل حل المشكلات والتفكير النقدي.
أما عن الآفاق المستقبلية، فمن المتوقع أن تسعى وزارة الثقافة إلى التوسع في نطاق مشروع "بستان الإبداع" ليشمل عدداً أكبر من المحافظات والفئات العمرية، وإدخال تخصصات فنية ومعرفية جديدة تتناسب مع التطورات التكنولوجية والثقافية العالمية. كما قد يشمل ذلك إطلاق شراكات مع مؤسسات دولية لتبادل الخبرات وتوسيع فرص الأطفال للمشاركة في فعاليات عالمية. تهدف هذه الخطوات إلى ضمان استمرارية المشروع وتأثيره المتنامي، بما يرسخ مكانة مصر كمركز للإبداع والثقافة في المنطقة، ويؤكد على التزامها بتنمية أجيال قادرة على الابتكار والتعبير بحرية، مساهمة في بناء مستقبل مشرق للبلاد.





